أعد الحزب الناصرى منفرداً وثيقة مضادة للوثيقة التى أعلنها «الوفد» لتقديمها إلى مؤتمر التعديلات الدستورية الذى دعا إليه ائتلاف أحزاب «الوفد والتجمع والناصرى والجبهة»، والمقرر عقده فى 13 مارس الجارى ويستمر لمدة 3 أيام، يناقش خلالها 3 محاور للتعديلات الدستورية، الأول ضرورة التأكيد على الطبيعة الجمهورية لنظام الحكم ومناقشة المادتين 76 و77 من الدستور، والثانى إعادة التوازن بين السلطات، من خلال تعديل مواد تخص سلطات رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء والعلاقة بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، والثالث يتعلق بضمانات نزاهة الانتخابات المقبلة، فى ظل إلغاء الإشراف القضائى، ورفض الحزب الناصرى الورقة التى أعدها حزب الوفد باسم الائتلاف، والتى تضمنت - حسب قيادات الناصرى - تحليلاً سياسياً به العديد من المغالطات، خاصة فيما يتعلق بالحديث عن عدم تحقق الديمقراطية أو وجود أى إنجازات خلال ال60 عاماً الماضية، مجمل هذه الفترة. وقال «الناصرى» إنه يرفض هذا التقييم وخاصة المعنى بالحقبة الناصرية، لافتاً إلى أنها شهدت العديد من الإنجازات والتقدم الصناعى والتعليمى والزراعى. وأضاف أن الأوضاع الحالية محصلة طبيعية للنظام السياسى غير الديمقراطى، بعد 35 عاماً من بدء التعددية الحزبية، وتتحدث الوثيقة عن 4 نقاط تتوافق مع محاور الائتلاف الثلاثة، بتحليل سياسى مختلف عما ورد فى وثيقة «الوفد» وحصلت «المصرى اليوم» على نسخة الوثيقة التى أعدها «الناصرى» وجاء نصها كالتالى: بعد 35 عاما من بدء التعددية السياسية والحزبية المقيدة 1976، وانفراد حزب واحد بالسلطة غصباً طوال هذه السنوات، تواجه البلاد أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة واختلالاً فى القيم، وتسود حالة غير مسبوقة من القلق وفقدان اليقين والخوف من المستقبل، فلأول مرة منذ تأسيس الدولة الحديثة فى مصر لا يعرف المصريون مصيرهم ومستقبلهم، وينتظرون الأسوأ، فى ظل أوضاع سياسية ودستورية استبدادية، وصراعات قوى ظاهرة وخفية وتدخلات أجنبية لا يمكن تجاهلها، وسياسات اقتصادية واجتماعية أدت إلى زيادة فلكية فى الدين العام المحلى، تنذر بكوارث حقيقية وارتفاع العجز فى الموازنة العامة للدولة بقفزات كبيرة سنة بعد أخرى، وزيادة نسبة التضخم والارتفاع المتوالى للأسعار، وبالتالى انخفاض مستوى معيشة الطبقات الشعبية والفئات الوسطى فى المجتمع، وأصبح ما يقرب من نصف المصريين يعيش تحت خط الفقر، وحوالى خمس المصريين تحت خط الفقر المدقع، طبقا لبيانات حكومية، وزادت نسب البطالة خاصة بين الشباب من الجنسين، واستولت الحكومة على أموال التأمينات الاجتماعية، واتجهت إلى خصخصة التأمين الصحى، وانسحبت الدولة من دورها فى التنمية الشاملة، وتدهور مستوى التعليم، وارتفعت أعباؤه، وأصبح غالبية المصريين محرومين من حق العلاج والرعاية الصحية وفرص العمل والتعليم والإسكان، فضلا عن الثقافة والفنون والآداب، إضافة إلى عار الأمية الذى يمسك بزمام 40٪ من المصريين، وشاع الفساد الذى أصبح ظاهرة تخترق المجتمع من القمة إلى القاع. وقالت الوثيقة: هذه الأوضاع هى المحصلة الطبيعية للنظام السياسى غير الديمقراطى، الذى لا يقر فى جوهره التعددية الفكرية والسياسية والحزبية، ولا يوفر حقوق المواطنة لجميع أبناء مصر، وينتهك حقوق الإنسان والحريات العامة، ويستحيل فى ظله التداول السلمى للسلطة لأن رئيس الدولة يتمتع بسلطات مطلقة ولا يخضع للمساءلة، ويتواصل الدمج بين أجهزة الدولة وأجهزة الحزب الحاكم. وتابعت الوثيقة: إننا نعيش فى ظل نظام لم يستطع الحكم إلا فى ظل قوانين وأوضاع استثنائية، وحالة طوارئ معلنة منذ 6 أكتوبر 1981، بما صاحبها من اعتقالات وتعذيب ومحاكمات استثنائية وأوامر عسكرية تمس كل جوانب الحياة، وتتعرض فى ظله حريات الرأى والتعبير والحق فى تداول المعلومات للمصادرة، وتحتكر السلطة أجهزة الإعلام والصحافة القومية المملوكة للدولة. وتعانى الأحزاب ومنظمات المجتمع المدنى والنقابات العمالية والمهنية من قوانين مقيدة وممارسات تعسفية. وأضافت: لجأ الحكم وما يسمى برجال الأعمال إلى التزوير والتلاعب بإرادة الناخبين فى جميع الانتخابات والاستفتاءات العامة، لضمان استمرار حزب الرئيس فى الحكم، مما أدى إلى غياب دور مصر العربى والإقليمى والدولى فى ظل تراجع أوضاعها الداخلية وتبعيتها للسياسة الأمريكية، والمؤسسات المالية الدولية «صندوق النقد والبنك الدوليين» وأنه لم تعد هناك سياسة مصرية مستقلة لحماية أمننا القومى، والتعامل مع الأخطار المحدقة بنا، وفى مقدمتها السياسة الإسرائيلية الاستيطانية التوسعية على حدودنا الشرقية، واستمرار احتلالها للأراضى الفلسطينية والجولان السورية ومزارع شبعا، والسياسة الإمبراطورية للولايات المتحدة القائمة على القوى العسكرية والهيمنة الاقتصادية والسياسية، واحتلالها العراق وتدميرها لبنيته الوطنية، والعمل على استغلال النعرات الطائفية والمذهبية والعرقية فى العراق ولبنان والسودان والحرب الأهلية فى الصومال. ولفتت الوثيقة: إن هذا يدعونا إلى العمل معاً من أجل مشروع يحدد مبادئ التغيير والإصلاح السياسى والاقتصادى والاجتماعى، بما يضمن سيادة العدل الاجتماعى، ويتصدى لحل مشاكل التنمية الشاملة والمستدامة، فى الزراعة والصناعة ومشاكل التعليم والصحة والفقر والبطالة ومواجهة الفساد، وطرحها على المجتمع المصرى بكل قواه المطالبة بالتغيير، للعمل معاً على أساسها، وممارسة جميع الأساليب والوسائل الديمقراطية من أجل تحقيقها على أرض الواقع. وحددت الوثيقة ملامح المشروع فى النقاط التالية: أولاً: طبيعة الدولة، وتتمثل فى أن مصر دولة موحدة ذات سيادة نظامها جمهورى ديمقراطى وشعبها جزء من الأمة العربية، وأن الأمة هى المصدر الوحيد والأعلى للسلطة، والشعب هو المصدر الوحيد للشرعية، وللمصريين الحق غير القابل للتصرف فى اختيار حكامهم ومساءلتهم ومحاسبتهم وتغييرهم، واستقلال الإرادة فى الداخل والخارج هو مناط سيادة الأمة، وأن المواطنة هى المصدر الوحيد الذى لا مصدر غيره للحقوق والواجبات، والمواطنون متساوون لا تمييز بينهم من أى نوع بسبب الدين أو الجنس أو اللون، وحقوقهم مكفولة ومضمونة باعتبارهم مواطنين لا رعايا. وسيادة الأمة لا تتحقق إلا اقتراناً بالوحدة الوطنية، وتقوم هذه الوحدة على إيمان راسخ بالمواطنة التى يعود أساسها المصرى المميز إلى مبدأ (الدين لله والوطن للجميع). وتلتزم الدولة بتحقيق الكفاية والعدل وتقريب الفوارق بين الدخول، وعدالة توزيع الأعباء والتكاليف العامة، وتوفير الظروف التى تكفل حق العمل، والحق فى مستوى معيشى كريم وتعليم مناسب ورعاية صحية جيدة وسكن لائق، والمساواة بين المصريين لا تقتصر على الحقوق والواجبات العامة، وإنما تشمل تكافؤ الفرص على مختلف المستويات. والحكم العادل يبدأ بوجود دستور ديمقراطى، والتزام التشريع بحقوق الإنسان، كما نص عليها الإعلان العالمى لحقوق الإنسان والمواثيق والاتفاقات والعهود الدولية، الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ومناهضة التعذيب والقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، واتفاقيات العمل الدولية والعربية، ومصلحة الوطن فى إطار من التوافق العام. ثانياً: المبادئ العامة للنظام السياسى، وتشمل: ضمان التعدد الحزبى والتنافس السلمى وتداول السلطة عبر انتخابات حرة نزيهة. وحرية تكوين الأحزاب المدنية بالإخطار وحق الأحزاب فى عقد الاجتماعات العامة ومباشرة نشاطها دون قيود. وحرية التنظيمات النقابية العمالية والمهنية والاتحادات الطلابية ومنظمات المجتمع المدنى والجمعيات التعاونية وغيرها من المنظمات غير الحكومية وضمان استقلالها. وحرية ونزاهة وشفافية الانتخابات فى مختلف مستوياتها الرئاسية والبرلمانية والمحلية والنقابية والطلابية، وضمان دورية الانتخابات فى هذه المستويات، مع الالتزام بأن تكون ولاية رئيس الجمهورية لفترتين متتاليتين فقط تستمر كل منهما 5 سنوات، وتشكيل لجنة عليا قضائية مستقلة استقلالاً تاماً، وتوفير ضمانات هذا الاستقلال ومقومات الحيدة الكاملة، على أن تشمل صلاحياتها الإشراف الكامل على العملية الانتخابية فى مختلف مراحلها. وحرية الإبداع والرأى والتعبير والنشر والصحافة والإعلام والبحث العلمى هى الطريق إلى التقدم ويقتضى إطلاق هذه الحرية إزالة جميع القيود غير الطبيعية التى تكبلها، وإلغاء العقوبات السالبة للحرية فى قضايا النشر. واستقلال القضاء وحمايته من أى تدخل فى شؤونه، وتوفير ضمانات التقاضى وحق المواطن المدنى فى التقاضى أمام قاضيه الطبيعى وليس أمام القضاء الاستثنائى. ثالثا: ركائز النظام الاقتصادى- الاجتماعى، وينص هذا البند على وجود: نظام اقتصادى فى مصر يقوم على قيمة العمل ويحمى الكسب المشروع فى إطار التزام الدولة والمجتمع بتحقيق العدالة الاجتماعية. وتلتزم الدولة برعاية الإنتاج الوطنى وتحديثه وتطويره فى إطار خطة تهدف إلى تحقيق تنمية شاملة وبناء قدرة اقتصادية ضمن مقومات القوى الشاملة للدولة. ومحاربة الفقر بهدف القضاء عليه والحد من الفوارق بين فئات المجتمع ورفع الحد الأدنى للأجور وربطها بالأسعار. ومواجهة البطالة وتوليد فرص عمل جديدة ومتزايدة، أولوية قصوى للنظام الاقتصادى. ودور الدولة فى الرعاية والحماية الاجتماعية لا غنى عنه ولا بديل له فى مجتمع يشهد تهميشاً اجتماعياً هائلاً وخطيراً. وتلتزم الدولة برعاية العاملين بالزراعة المحرومين من أى مظلة اجتماعية، وإطلاق حرية المصريين للمشاركة فى إدارة الشأن العام مما يجعل المجتمع عوناً للدولة فى حمل الأعباء الاجتماعية من خلال التنظيمات الحرة المتنوعة للمجتمع المدنى. وإقامة نظام تعليم حديث وعصرى متاح للجميع شرط لا غنى عنه لإنقاذ البلاد ووضع حد للانهيار المعرفى والثقافى والمهنى. ومواجهة ثقافة التخلف السائدة بإشاعة ثقافة عقلانية نقدية ديمقراطية تؤكد حرية الثقافة والإبداع الأدبى والفنى والبحث العلمى. ونشر ثقافة المساواة بين المرأة والرجل، وتعديل شامل لفلسفة التشريع بما يحقق تلك المساواة، وإصدار قانون جديد للأحوال الشخصية يصون الأسرة ويضمن حقوق المرأة، وقانون يساوى بين المرأة والرجل فى التعيين بالوظائف وتولى جميع المناصب العامة. وضمان المساواة التامة بين المصريين بغض النظر عن الدين وكفالة حقوق متكافئة فى بناء دور العبادة وفرص التوظف فى مختلف المجالات. ومواجهة الفساد بصورة منهجية منتظمة وليست انتقائية ولا موسمية، عبر تدعيم دور الأجهزة الرقابية وإلغاء القيود المفروضة عليها والتى تعطل عملها، وعدم ربط إحالة القضايا التى تكشفها هذه الأجهزة إلى النيابة العامة بموقف السلطة التنفيذية وإصدار قانون محاكمة الوزراء أثناء وجودهم فى مناصبهم. وطالب المحور الرابع باستعادة دور مصر العربى والإقليمى والدولى لتكتمل سيادة الأمة بحماية استقلال الوطن ومواجهة الأخطار التى تهدده، وقالت الوثيقة: ولا يمكن تحقيق ذلك فى حالة مصر دون استعادة وضعها العربى والإقليمى والدولى الآخذ فى التراجع لأن مصر لها دور تقتضيه مصالحها وأمنها القومى وتحتاج إليه المنطقة التى تسعى قوى دولية وإقليمية إلى إعادة تشكيلها بمنأى عن الحقوق والمصالح العربية وعلى حسابها استغلالا لفراغ ينتج عن غياب مشروع عربى لا يمكن أن يبدأ إلا من مصر. ويفترض المشروع الذى يستند عليه دور مصر وجود دولة قوية قادرة على حماية المصالح الوطنية والأمن القومى، والدفاع عن الحقوق العربية والمساهمة الفاعلة فى إعادة بناء النظام الإقليمى العربى الذى تصدع وإعادة صياغة التفاعلات الإقليمية بما يحقق مصالح شعوب المنطقة. ومساندة المقاومة ضد الاحتلال فى كل الأراضى العربية وإعطاء أولوية للعمل على إنقاذ فلسطين بدءا من وقف التدهور المترتب على تصاعد الصراع بين الفصائل الفلسطينية ومساعدتها للتوصل إلى توافق على برنامج حد أدنى للنضال الوطنى. وإجراء حوار استراتيجى مع الدول الإقليمية، خاصة إيران وتركيا وإثيوبيا حول مستقبل المنطقة وإعادة النظر فى اتفاقيات التسوية السياسية التى تمت مع العدو الصهيونى، انطلاقاً من أنه لا سلام حقيقياً فى ظل العدوان والاحتلال والاستيطان والهيمنة العسكرية والاقتصادية والسياسية وانتهاك الحق فى تقرير المصير. وإعادة النظر فى منهج وطبيعة العلاقات مع الولاياتالمتحدة لتقوم على استقلال الإرادة ورفض سياسات الإملاء لمصلحة التحالف الأمريكى الصهيونى والتدخل فى شؤوننا الداخلية.