يحتاج الصحفيون والمشتغلون بالإعلام، قطعاً، إلى تدريب مستمر، وتنمية مهارات، وتأكيد كل فترة على القيم المهنية الحاكمة لممارساتهم المهنية ومواثيق الشرف التى تحكمها، لكن ما تراه أمامك على الشاشة أو تقرؤه فى الصحيفة أو الموقع الإلكترونى، هو نتاج علاقة بين الصحفى والمصدر الذى يستقى منه معلوماته، هذا المصدر فى الأغلب مسؤول حكومى أو تنفيذى أو نائب فى البرلمان، أو مواطن عادى قد يكون شاهد عيان على قصة يجرى تحقيقها، أو صاحب مصلحة فى تسريب حقائق مهمة. ومع اتساع نمو الإعلام فى المجتمعات العربية، وفى مصر تحديداً، وقدرته على نقل جميع الأحداث بتفاصيلها، بما فيها تلك التى تحدث فى مناطق نائية أو خارج العاصمة، أصبح تعامل المسؤولين التنفيذيين والشعبيين وقيادات المجتمع المدنى مع الإعلام ضرورياً وجزءاً أساسياً من مهام وظائفهم ومواقعهم فى المجتمع، وبالتالى تصبح مخاطبتهم لوسائل الإعلام والتعاطى معها، ملمحاً أساسياً من ملامح كفاءتهم وقدراتهم على الأداء، لأنها شكل الحوار الحقيقى بينهم وبين المجتمع. بناء على ذلك، إذا كان الصحفى والإعلامى فى حاجة إلى تدريب وتأهيل، فالمصدر نفسه «مسؤول شعبى أو حكومى» يحتاج أيضاً إلى قدر مناسب من التدريب والتأهيل واكتساب ما يمكن أن نسميه، ثقافة التعامل مع الإعلام، أو المهارات الأساسية لذلك. ما أقوله ليس مجرد أمنيات، إنما عرفت من الصديق والزميل ياسر عبدالعزيز، الخبير الإعلامى المرموق، المتخصص فى التدريب والتخطيط الإعلامى، أنه قضى نصف الشهر الماضى فى سلطنة عمان مشاركاً ومحاضراً فى دورة تدريبية هدفت إلى تعزيز معرفة أعضاء مجلس الدولة (الغرفة العليا فى البرلمان) ومجلس الشورى فى سلطنة عمان بالمشهد الإعلامى الراهن، وبوسائل التعامل مع الإعلام، من أجل توصيل رسائل أكثر انفتاحا وعمقا للجمهور عن النشاط البرلمانى، كما هدفت إلى تدريب المشاركين من أعضاء البرلمان على إجراء الحوارات الصحفية والتليفزيونية بشكل يحقق أهداف الاتصال ويخدم حرية الإعلام بما يصب فى مصلحة الجمهور والعمل البرلمانى والمشاركة العامة. تعرف أعضاء البرلمان العمانى إلى آليات عمل الإعلام الدقيقة وهى مسألة لاشك ستساعدهم فى التواصل مع الإعلام بما يصب فى مصلحة العملية السياسية بشكل عام، وتعلموا قواعد صياغة الرسائل الإخبارية، وكيفية الاستحواذ على اهتمام المتلقى، والحضور العام فى الحوارات الصحفية، وكيفية إدارة مؤتمر صحفى والرد على أسئلة الصحفيين، خاصة المباغتة منها، إلى جانب مهارات التواصل الإجمالية مع وسائل الإعلام، بشكل يساعد النائب على إبراز دوره دون ادعاء ودعاية، ويساعد وسائل الإعلام على الحصول على المعلومات، وإعادة نقلها للمتلقى فى رسائل مهنية. كم مسؤول لدينا يحتاج لمثل هذا التأهيل، على الأقل ليعرف أن الإعلام حق للرأى العام، وجزء من مسؤوليته ومهامه، وأنه لا يليق بشخصية عامة ومسؤولة أن تبتعد عن الإعلام تحت أى مبرر، وأن يفهم أولئك الذين يقولون إنهم فاشلون فى التعاطى مع الإعلام، أنهم يفتقدون إحدى المهارات التى صارت أساسية جداً وليست كماليات، ولابد أن تكون أحد المعايير الرئيسية لاختيار من يمثل الناس، أو من يدير شؤونهم. [email protected]