البلد مقبل على انتخابات برلمانية عام 2010، وأخرى رئاسية عام 2011، وهناك إحساس عام لدى الناس، بأن الدولة كلها متفرغة من أجل عبور الأولى، على أن تتفرغ للثانية فيما بعد! والسؤال الذى يتعين أن نجيب عليه بصراحة هو: هل صحيح أن انتخابات مجلس الشعب، مهمة إلى هذه الدرجة؟!، وهل ستكون مختلفة عن التى سبقتها فى عام 2005؟!، وهل يؤهلها هذا الاختلاف، لأن تحظى بكل هذا الاهتمام، ثم الاحتشاد من جانب كل أجهزة الدولة، بلا استثناء!.. وهل يمكن حقاً، تأجيل الانشغال بالانتخابات الرئاسية، على مستوى الحزب الوطنى، إلى ما بعد تشكيل مجلس الشعب الجديد، بعد عام تقريباً من الآن؟! حقيقة الأمر، أن الرد على كل هذه التساؤلات، إذا كان بالإيجاب، فهو ينطوى على استخفاف بعقول الملايين من المصريين، ويتعامل معهم على أنهم أطفال.. وربما أقل! فليس صحيحاً أن البرلمان الجديد، فى العام القادم، سوف يكون مختلفاً عن المجلس الحالى، من حيث شكله، ولا من حيث مضمونه، ولا من حيث دوره فى حياتنا طبعاً!.. ويستطيع أى مواطن عنده نصف عقل.. أن يقرأ شكل البرلمان الجديد، من الآن، ويمكن لأى إنسان متوسط الذكاء أن يرى، منذ هذه اللحظة، ملامح الطريقة التى سوف يجرى بها تشكيل مجلس الشعب، فى صورته الجديدة، ويستطيع أيضاً أن يخمن أسماء الذين سوف يستمرون فيه من أعضائه والذين سوف يغادرون! وإذا كان المجلس الحالى لم يفلح فى سحب الثقة من وزير واحد، فليس من المتوقع أن يتمكن المجلس القادم من اتخاذ خطوة من هذا النوع، وسوف يكون «الانتقال إلى جدول الأعمال» هو العلامة المميزة لمجلسنا المقبل، كما أنه كان ولايزال العلامة المميزة للحالى، وللمجالس التى سبقته.. وليس هناك سبب لمثل هذا الخلل الفادح فى أداء السلطة التشريعية، إلا أننا لدينا مبنى لمجلس شعب، وعندنا قبة فوق المبنى تميزه بطبيعة الحال، وتحت القبة أعضاء ونواب، ورئيس للمجلس ووكيلان، ورؤساء لجان، وكل شىء.. ولكن لا دور حقيقى! فإذا أضفنا إلى ذلك كله، أن الانتخابات القادمة، منزوعة الإشراف القضائى، كان لنا أن نتخيل الطريقة التى سوف تجرى بها الانتخابات، وكان لنا، منذ هذه الساعة، أن «نقرأ» الشكل البرلمانى الذى سوف نجد أنفسنا أمامه، وقتها! فى مقابل ذلك، يبقى الرئيس هو «الكل فى الكل» دون أدنى مبالغة، ففى يده مقاليد الأمور جميعها، ولا شىء يتم دون توجيهاته، ولا قرار يجرى اتخاذه دون تعليماته، وهو الذى يحيى ويميت أستغفر الله بنص الدستور!.. فإذا استحضرنا كل ذلك، فى أذهاننا، وتساءلنا بالتالى عن مرشح الحزب فى انتخابات الرئاسة المقبلة التى هى الأهم بأى مقياس، قيل لنا إن الموضوع سابق لأوانه، وإنه بدرى عليه!.. والحقيقة إنه بدرى من عمرك!!