القس المتطرف «جونز» يحرق المصحف رداً على اعتقال مسيحى فى إيران

فى تحد جديد لمشاعر مسلمى العالم، قام القس الأمريكى المتطرف تيرى جونز بحرق نسخة من المصحف الشريف، وبث المشهد، عبر الإنترنت، احتجاجاً على اعتقال رجل الدين المسيحى يوسف نادرخانى فى إيران، المحتجز منذ عام 2009 بتهمة الردة ويواجه حكما بالإعدام.
ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية (بى. بى. سى) عن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) قولها فى وقت سابق إن «جونز» يخطط لحرق نسخ من المصحف، مناشدة إياه التفكير فى عواقب العمل.
يذكر أن «جونز»، الذى يرأس جماعة إنجيلية صغيرة متشددة تدعى «دوف وورلد أوتريتش سنتر» ومقرها فلوريدا، هدد فى سبتمبر 2010 بإحراق نسخة من المصحف، ثم عاد وتراجع عن تهديده بعد مناشدات من مسؤولين أمريكيين، على رأسهم الرئيس باراك أوباما، خوفاً من رد فعل العالم الإسلامى، غير أن جونز نفذ تهديده فى مارس العام الماضى، ما أشعل موجة من المظاهرات المناوئة له فى العديد من الدول الإسلامية خاصة أفغانستان، التى شهدت أعمال شغب أسفرت عن مقتل العشرات.
وبينما يرى مراقبون أنه فى العام الحالى، وفى ظل الاضطرابات فى أفغانستان، يمكن أن يكون للاحتجاجات تداعيات أسوأ من ذى قبل، يبدو أن ذلك لم يدفع «جونز» للتراجع عن أفكاره المتطرفة، حيث إنه نظم فى بداية الشهر الجارى مظاهرة مع أتباعه أمام أكبر مسجد بولاية ميتشجان الأمريكية، معتبراً أن «الهدف الوحيد للإسلام هو السيطرة على العالم»، ومطالباً الأمريكيين «باستعادة بلادهم».
وتعد واقعة إحراق المصحف أحدث حلقة فى سلسلة حوادث الكراهية ضد المسلمين، وتعكس تنامى ظاهرة الخوف من الإسلام أو «الإسلاموفوبيا» فى دول الغرب، والولايات المتحدة بشكل خاص، وتتخذ أشكالاًَ متعددة منذ وقوع هجمات 11سبتمبر2001. حتى إن مشاعر العداء ضد المسلمين تم تضيمنها أيضاً فى الدورات التدريبية للجنود الأمريكيين، وهو ما تم الكشف عنه مؤخراًَ حينما أمر قائد أركان الجيش الأمريكى مارتن ديمبسى جميع الوحدات العسكرية بإزالة المواد ذات المحتوى التى يمكن تصنيفها بأنها «مسيئة للإسلام» من برامجها التدريبية، وذلك بعد ملاحظات من متدربين حول احتواء البرامج على إشارة إلى وجود حرب بين الولايات المتحدة والإسلام.
ولم تكن تلك هى المرة الأولى التى تخضع فيها دورات تدريبية للمراجعة، نظراً لما تحتويه مقرراتها من مواد دينية. ففى الخريف الماضى، تعرض مكتب التحقيقات الاتحادى الأمريكى (إف. بى. آى) للانتقاد بسبب رسمه صورة نمطية للمسلمين فى مقررات دوراته التدريبية الخاصة بمكافحة الإرهاب، ما جعل البيت الأبيض يأمر بمراجعتها.
ويعترف بعض الكتاب والمحللين الغربيين، ومن بينهم الصحفى ستيفن ليندمان الذى يكتب لصحيفة «بالتيمور كرونيكل» الأمريكية - بأن الخطاب السياسى والإعلامى الغربى «يرسم، ظلماً وعدواناً، صورة نمطية للمسلمين والعرب على أنهم أحط ثقافة، وأجناس قذرة، ومتطرفون دينيا وعنيفون»، ونقل موقع «الجزيرة» الإلكترونى عن ليندمان وصفه فى إحدى مقالاته ما يجرى فى بلاده بأنه «حرب أمريكا السرية ضد المسلمين»، كما أعرب الدكتور كفين باريت أحد مؤسسى «الاتحاد الإسلامى المسيحى اليهودى»، عن اعتقاده بأن ثمة «حربا ضد الإسلام» تدور منذ 11سبتمبر، موضحاً أن اليهود ارتكبوا 7% من الهجمات الإرهابية فى الولايات المتحدة، وإن الفئة التى تورطت فى أكثر الجرائم الإرهابية هم الأمريكيون المنحدرون من أصول إسبانية، مضيفا أن المسلمين «لا يشكلون أى تهديد إرهابى».
ومن ناحيتها، أكدت ليندا صرصور، المديرة التنفيذية ل«الجمعية العربية الأمريكية» فى نيويورك، ومديرة «الدفاع الوطنى للشبكة الوطنية للجاليات العربية الأمريكية» وجود حاجة ملحة للوصول إلى صيغة تفاهم بشأن مكافحة التعصب الذى يمارس ضد المسلمين فى الولايات المتحدة. وأثارت «صرصور»، فى مقال كتبته لشبكة «سى.إن. إن» الإخبارية الأمريكية، قضية مقتل شيماء العوضى، السيدة العراقية المسلمة التى وجدت غارقة فى دمائها فى ولاية كاليفورنيا الأمريكية، وبجوارها رسالة كتب فيها «عودى إلى بلدك، أنتِ إرهابية»، ما تسبب فى موجة استياء وخوف لدى مسلمى أمريكا، قائلة إنها تعيش فى «حقبة يواجه فيها المسلمون عداءً شديداً فى الولايات المتحدة»، واعتبرت أن التمييز ضد المسلمين أسوأ من العنصرية ضد السود، فبينما يتم رفض العنصرية فى أمريكا بشكل علنى، فإن «التعصب ضد الإسلام مقبول تماماً، وروجت له وسائل الإعلام عبر تصريحات مرشحى الرئاسة الأمريكية، التى تحمل بعضها كراهية للإسلام والمسلمين»، بحسب «صرصور».
ونقلت الناشطة عن تقرير ل«إف. بى. آى» عام 2011، أن جرائم الكراهية ضد المسلمين زادت بنسبة تقارب ال50% عام 2010، كما أشارت أحدث الإحصاءات إلى ارتفاع عدد جرائم الكراهية ضد المسلمين من 107قضايا عام 2009، إلى 170جريمة فى عام 2010.