« فورن بوليسي» : أمريكا تشهد نهاية نفوذها الاقتصادي والسياسي .. ولكنها مازالت "مهيمنة" ثقافياً

نوهت مجلة « فورن بوليسي » الأمريكية إلي نهاية النفوذ الأمريكي في مجالات السياسية والاقتصادية في العالم، حيث لم تعد الولايات المتحدة هي المهيمن الوحيد على المفاهيم والتوجهات الثقافية في مجالي السياسية والاقتصاد عالمياً، مستدركة أنها ستظل مصدر الهيمنة الثقافية على دول العالم والتي لاتزال في تنامي مستمر.
وذكرت المجلة في عرضها لكتاب« نهاية النفوذ » للخبيرين السياسيين في مجال الشرق الأوسط «براد ديلونج»، و«ستيفن كوهين» إن أمريكا فقدت نفوذها الاقتصادي فلم تعد تملك المال الذي ساق لها النجاح والرفاهية ودفع بكل شعوب العالم إلى الحلم بأن يكونوا أمريكيين ناجحين وديمقراطيين وكفء، وأنها أصبحت تواجه من المديونيات الخارجية، والقوى المالية الجديدة مثل الصين، الأمر الذي ينذر بنهاية نفوذها في هذا الصدد.
وفي عرضها للكتاب في تقريرها، أوضحت « فورن بوليسي» أن أمريكا لم تعد هي مصدر التوجهات الثقافية العالمية الجديدة مؤخراً، مرجعة الأمر إلي سببين، الأول، أن واشنطن لم تعد القوة المالية الوحيدة في العالم في ظل بروز قوى أخرى تملك رأس المال، والثاني، أنها لم تعد النموذج الوحيد للحداثة، فالعالم صار يشهد انتشاراً واسعاً للتحديث في كل أرجائه.
ولفتت المجلة الأمريكية إلي أن الكتاب يرى الثقافة التي خلقتها الولايات المتحدة وصدرتها إلي الشعوب من خلال أفلامها السينمائية لم تذهب هباءاً، لكنها ببساطة تحولت إلي العالمية ليشارك فيها الكثيرمن المساهمين، وهو مايراه المؤلفين بأنه ربما يكون جيد بالنسبة لأمريكا والثقافة العالمية.
وأكدت المجلة في تناولها للكتاب، أن الولايات المتحدة ستظل هي الرائدة في مجال "الهيمنة الثقافية"، إلا أنه هناك اختلاف بين الريادة الثقافية، والسيطرة الثقافية الناعمة، وسهولة التأثير في العالم التي تتم من خلال الأبحاث الجامعية والعلمية التي لازالت موضع حسد ونموذج يحتذى به في العالم، خاصة في مجالات أبحاث التكنولوجيا الفائقة، والحيوية، ومتناهية الصغر، التي يشارك فيها باحثون متعددي الجنسيات والأعراق وأحادي الثقافة.
وتابعت المجلة، "الهيمنة الثقافية الأمريكية لاتزال متزايدة في نموها بدليل تقليد المراهقين في كافة أنحاء العالم للمراهقين الأمريكيين في أزيائهم وسلوكياتها وحركاتهم ، فأصبحوا يأكلون في الشوراع مثلهم ويستمعون إلي الأغاني الأجنبية عبر ال (آي بود ) ، فضلا عن استخدام مواقع الشبكات الاجتماعية كالتويتر وإنشاء المدونات".
وأشارت إلي أنه حتى اللغة الإنجليزية التي لاتمثل الاختراق الثقافي الأمريكي فحسب، لم تعد مجرد لغة دولية ، وإنما صارت اللغة الثانية عالمياً على ألسنة شعوب الأرض، كما أنها تحمل في طياتها ماهو أكثر من الكلمات وقواعد النحو، فهي نموذجاً يتضمن محتوى ثقافي.
ونقلت المجلة الأمريكية عن الكتاب ما أشار إليه بأن هناك قوة ثقافية أمريكية جديدة ناشئة من الرئيس الأمريكي «باراك أوباما» وزوجته تفرض نفسها على العالم الآن، إذ لم تعد الولايات المتحدة تبحث عن النجاح في عالم التحديث لتستولى على قلوب ومخاوف وطاقات العالم ، وهو ما يجعل من المرجح ألا تظل أمريكا صاحبة الهيمنة في مجالات القوة الاقتصادية والسياسية، وإن كانت ستبقى المصدر المسيطر على الأطر الثقافية.