مع استعار الحرب العالمية الثانية عام 1941 دعا المفكر الشهير هنرى لويس إلى نهاية العزلة الأمريكية لكى يبدأ ما سماه «القرن الأمريكى فى تاريخ البشرية»، إلا أن «أمركة العالم» ستشكل مستقبله المنظور أكثر مما شكلت ماضيه. وعلى الرغم من أن القوة الأمريكية تلقت ضربة فى العقد الماضى من خلال الانتخابات التى غيرت شكلها تماما، فضلا عن تورطها فى العديد من الحروب عبر البحار، كما عانت من أزمة مالية طاحنة فإن هذه الأزمة أكدت أيضا قوة الولاياتالمتحدة وأنه يمكن الاعتماد عليها. سكان الولاياتالمتحدة لا يتعدون 5% من التعداد العالمى، ومع ذلك فهم ينتجون 25% من الناتج المحلى الإجمالى، كما أن أيا من القوى الاقتصادية الصاعدة لا تشكل تهديدا للهيمنة الأمريكية الاقتصادية كما أن الدولار يبقى العملة الأهم فى الاحتياطات النقدية العالمية وهو ما أثبتته أزمة اليونان الأخيرة. ويذكر كثيرون الصين بوصفها القوة المتحدية للولايات المتحدة، وقد يكون هذا صحيحاً، خاصة فى ظل حرص بكين على اقتناء أذون خزانة أمريكية بمليارات الدولارات، لكى تكون واشنطن مدينة لها، غير أن هذا لا ينفى استمرار التفوق الأمريكى، فضلا عن أن واشنطن لاتزال مهيمنة عالميا من خلال منتجاتها وثقافتها، فضلا عن أن صعود الطبقات الوسطى فى دول كبيرة مثل البرازيل والصين والهند يخدم المصالح الأمريكية. وعلى الرغم من جميع التنبؤات التى تشير إلى تراجع القوة الأمريكية وتفتتها فإن مثل هذه التنبؤات ظهرت منذ عام 1988 من خلال كتاب «صعود وهبوط القوة الكبرى»، وبعد مرور هذا الوقت الطويل منذ إصدار الكتاب بقيت أمريكا القوة العظمى الوحيدة حتى يومنا هذا. ويساعد الولاياتالمتحدة على هذا سلاحها الأهم «الثقافة»، وخاصة الأفلام، إذ إن فيلم أفاتار على سبيل المثال حقق إيرادات هى الأعلى فى تاريخ الصين، بما يعكس التأثير الثقافى الأمريكى على القوة العالمية الصاعدة. يبقى أن الولاياتالمتحدة ستستمر كقوة عالمية متفوقة من خلال ما تحوزه من قدرات تكنولوجية تعمل على تطويرها، خاصة ما يتعلق بالوقود الجديد فى مرحلة ما بعد البترول، وثورة الاتصالات والعلاجات الطبية، وأن استمرارها كقوة عظمى وحيدة من عدمه سيحدد شكل العقد المقبل.