الإصلاح والنهضة يهاجم الحركة المدنية: تسير خلف "تريندات مأجورة"    أفراح واستقبالات عيد القيامة بإيبارشية الوادي الجديد والواحات .. صور    أمين سر «اقتصادية النواب»: القانون يحقق عوائد مالية كبيرة.. ولا مكان للمخالفات في «الجمهورية الجديدة»    بمشاركة 300 باحث.. انطلاق ورشة عمل الهيدروجين الأخضر: مستقبل الطاقة المتجددة في شرم الشيخ    «السياحة» تشارك في سوق السفر العربي بالإمارات    إزالة 164 إعلاناً مخالفاً خلال حملة مكبرة في كفر الشيخ    أبو الغيط: مناورات إسرائيل تشير لنواياها السيئة رغم قبول حماس العرض المصري    اتحاد القبائل العربية يرحب بموافقة حماس على المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار    «المستقلين الجدد»: موافقة حماس على وقف إطلاق النار تتويج للجهود المصرية    غارة إسرائيلية تدمر منزلا في عيتا الشعب جنوب لبنان    فرانكفورت يفتتح مزاد مرموش بين ليفربول وتوتنهام على 50 مليون يورو    نادي مدينة نصر بقيادة إبراهيم سعيد يطلب مواجهة الزمالك وديًا    أفشة يعود لقائمة الأهلي أمام الاتحاد السكندري    قدم تعازيه لأسرة غريق.. محافظ أسوان يناشد الأهالي عدم السباحة بالمناطق الخطرة    صوامع وشون الدقهلية تستقبل 203 آلاف طن قمح منذ بدء موسم التوريد    الخميس.. صناع فيلم شِقو يكشفون تفاصيله لمنى الشاذلي على قناة ON    تفاصيل التجهيز للدورة الثانية لمهرجان الغردقة.. وعرض فيلمين لأول مرة ل "عمر الشريف"    بإطلالة شبابية.. ليلى علوي تبهر متابعيها في أحدث ظهور    فيديو.. الصحة تطالب بتناول كميات كبيرة من الخضروات والليمون بعد وجبة الأسماك المملحة    أرخص موبايل في السوق الفئة المتوسطة.. مواصفات حلوة وسعر كويس    بعد فوز ليفربول على توتنهام بفضل «صلاح».. جماهير «الريدز» تتغنى بالفرعون المصري    سعر الكيلو سيصل إلى 150 جنيهًا.. نقيب الفلاحين يحذر من مصير الثوم ويكشف الحل    ضحايا احتفالات شم النسيم.. مصرع طفل غرقًا في ترعة الإسماعيلية    ثقافة الإسماعيلية تحتفل بأعياد الربيع على أنغام السمسمية    محمد عدوية يتألق في أولى حفلات ليالي مصر للربيع بالمنوفية    موعد إجازة عيد الأضحى 1445 للطلاب والبنوك والقطاعين الحكومي والخاص بالسعودية    زيادة في أسعار كتاكيت البيّاض 300% خلال أبريل الماضي وتوقعات بارتفاع سعر المنتج النهائي    ما العواقب المنتظرة حال اجتياح إسرائيل لمدينة رفح؟.. سياسيون يجيبون    خاص| مستقبل وطن: ندين أي مواقف من شأنها تصعيد الموقف ضد الشعب الفلسطيني    طلاب جامعة دمياط يتفقدون الأنشطة البحثية بمركز التنمية المستدامة بمطروح    صانع الدساتير يرحل بعد مسيرة حافلة، وفاة الفقيه الدستوري إبراهيم درويش    في 6 خطوات.. اعرف كيفية قضاء الصلوات الفائتة    مائدة إفطار البابا تواضروس    صحة الإسماعيلية.. توعية المواطنين بتمارين يومية لمواجهة قصور القلب    رفع الرايات الحمراء.. إنقاذ 10 حالات من الغرق بشاطئ بورسعيد    لسهرة شم النسيم 2024.. طريقة عمل كيكة البرتقال في المنزل    أمينة الفتوى تكشف سببا خطيراً من أسباب الابتزاز الجنسي    عقوبة التدخل في حياة الآخرين وعدم احترام خصوصيتهم    في ذكرى ميلادها.. كيف تحدثت ماجدة الصباحي عن يسرا وإلهام شاهين؟    المصريون يحتفلون بأعياد الربيع.. وحدائق الري بالقناطر الخيرية والمركز الثقافي الأفريقي بأسوان والنصب التذكاري بالسد العالي يستعدون لاستقبال الزوار    لقاء علمي كبير بمسجد السلطان أحمد شاه بماليزيا احتفاءً برئيس جامعة الأزهر    الصحة تعلن إجراء 4095 عملية رمد متنوعة مجانا ضمن مبادرة إنهاء قوائم الانتظار    نانسي عجرم توجه رسالة إلى محمد عبده بعد إصابته بالسرطان.. ماذا قالت ؟    التعليم العالي: تحديث النظام الإلكتروني لترقية أعضاء هيئة التدريس    إصابه زوج وزوجته بطعنات وكدمات خلال مشاجرتهما أمام بنك في أسيوط    في العام الحالي.. نظام أسئلة الثانوية العامة المقالية.. «التعليم» توضح    في خطوتين فقط.. حضري سلطة بطارخ الرنجة (المقادير وطريقة التجهيز)    المستشار حامد شعبان سليم يكتب :الرسالة رقم [16]بنى 000 إن كنت تريدها فاطلبها 00!    مصر تحقق الميدالية الذهبية فى بطولة الجائزة الكبرى للسيف بكوريا    مفوضية الاتحاد الأوروبي تقدم شهادة بتعافي حكم القانون في بولندا    "كبير عائلة ياسين مع السلامة".. رانيا محمود ياسين تنعى شقيق والدها    متى يُغلق باب تلقي طلبات التصالح في مخالفات البناء؟ القانون يجيب    ضبط 156 كيلو لحوم وأسماك غير صالحة للاستهلاك الآدمي بالمنيا    التعليم تختتم بطولة الجمهورية للمدارس للألعاب الجماعية    مفاجأة عاجلة.. الأهلي يتفق مع النجم التونسي على الرحيل بنهاية الموسم الجاري    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 6-5-2024    استشهاد طفلان وسيدتان جراء قصف إسرائيلي استهدف منزلًا في حي الجنينة شرق رفح    تعليق ناري ل عمرو الدردير بشأن هزيمة الزمالك من سموحة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فلما انطلق مدفع الإفطار فى العتبة سكن الباعة وهدأ المشترون.. وتحول الميدان إلى لوحة صامتة
نشر في المصري اليوم يوم 30 - 08 - 2010


الزمان: آخر خيوط شمس يوم خميس
المكان: قلب ميدان العتبة المزدحم فى نهاية الأسبوع
يتمدد الميدان ويتسع فى النصف ساعة التى تسبق انطلاق مدفع الإفطار، يأتى اتساعه كنتيجة طبيعية للاختفاء التدريجى للسيارات العابرة فى قلبه، والتى تتناقص كلما اقتربت عقارب الساعة الكبيرة التى تزين مبنى هيئة البريد من السادسة والنصف موعد أذان المغرب، يتسلل صوت ترتيل قرآنى قادماً من مسجد مجاور لمبنى المسرح القومى الذى يعاد بناؤه حالياً بعد احتراقه منذ عدة أشهر، يخيم الصمت على مبنى المطافئ المواجه لكوبرى الأزهر العلوى، فى حين يبدو مبنى قسم الموسكى المجاور له وكأنه خلا من رواده وساكنيه.
تفتح محال الملابس الجاهزة أبوابها ويضىء بعضها أنواره، فى حين يستريح الباعة الجائلون أسفل فرشات الملابس وإلى جوارها منتظرين الأذان، تنشط فى الميدان حركة لافتة للنظر: صوانى معدنية أسفل أطباق مغطاة تعبر الميدان محمولة على أكتاف صبيان وشباب ورجال يعرفون طريقهم جيداً، يتوقفون أمام محال بعينها، يغيبون داخلها ويخرجون بصوانيهم فارغة من أطباقها، يلتف المارة حول عربات بيع العرقسوس والتمر هندى والسوبيا، ويجتهد البائع على العربة ليلبى طلباتهم جميعاً فيملأ ثلاثة أكياس بلاستيكية بالتمر هندى لسيدة تصطحب فتاتين، ويمد يده إلى لوح ثلج بجواره يكسر منه قطعة ويسقطها فى إناء العرقسوس، وفى نفس الوقت يناول أحد الواقفين كيساً بلاستيكياً يحتوى على قليل من السوبيا.
يتوقف بعض المارة على محطة الأتوبيس بداية شارع محمد على فى انتظار وسيلة مواصلات كأمل أخير لتقلهم إلى منازلهم قبل أذان المغرب، نفس التجمع يتكرر بدايات شارع «الجيش» و«الأزهر» وموقف العتبة الرئيسى، لا يفقدون الأمل رغم اختفاء السيارات سواء أتوبيسات أو ميكروباصات وحتى سيارات الأجرة التى تتحرك من أول شارع الأزهر حاملة الركاب إلى مناطق الحسين والدراسة ومنشأة ناصر.
أمام محل «حلاوة» للملابس تمتد مائدة طويلة تحفها المقاعد من الجانبين يجلس عليها نماذج متنوعة من البشر، عائلات بدا أن وقت الإفطار داهمها قبل أن تستكمل جولتها فى الحى التجارى، وبائعون وجدوا فى المائدة فرصة للإفطار المجانى، وأطفال يفترشون ببضائعهم الشارع بالقرب من المكان، وغيرهم، على مقربة منهم راح خدام مائدة الرحمن يعدون المائدة للإفطار منتشرين بين المقاعد، فريق منهم راح يمر على الجلوس حاملاً صينية مملوءة بالبلح الجاف، وفريق آخر وقف فى طابور أمام أوانى الأرز الضخمة، فى انتظار ملء أطباق معدنية صغيرة، وفريق ثالث أخذ فى توزيع أطباق السلطة والخضار على المائدة أمام الجالسين.
مائدة أخرى احتلت بدايات شارع عبدالعزيز وجدت لنفسها رواداً من عمال محال بيع التليفونات المحمولة، وعدد من سائقى سيارات الميكروباص الذين ركنوا سياراتهم أول الشارع وجلسوا مع الجالسين فى انتظار انطلاق صوت المؤذن، ولا يمر وقت طويل فبعد مطاردة شرسة يلحق أخيراً عقرب الدقائق فى ساعة مبنى البريد بعقرب الساعات ويلتحم معه معلناً الساعة السادسة والنصف موعد الأذان، الذى لا يلبث أن ينطلق من كل الاتجاهات يصاحبه هرولة للمارة فى الشارع، من يحاول اللحاق بمائدة إفطار، ومن يحاول الوصول للمسجد، ومن يقف على عربة العرقسوس، ومن يفضل الإفطار بعيداً عن موائد الرحمن فيتوجه لعربة فول تقف أمام محل «بريموس» الشهير، يجاهد العامل الواقع عليها من أجل تلبية طلبات الجميع فى وقت واحد.
تحت كوبرى الأزهر يقف رجل خمسينى بدا أنه لم يتحمس للإفطار من على موائد الرحمن، أو عربة الفول أو العرقسوس، فقام فور سماعه صوت الأذان بإخراج سيجارة من علبة فى جيبه، وأشعلها وراح ينفث دخانها فى استمتاع ملحوظ، وعلى مقربة منه وقف صبى صغير إلى جوار فرشة «صواريخ وبمب» أمام المسرح القومى، تطوع وأشعل بضعة صواريخ انفجرت فى عرض الطريق متزامنة مع صوت المؤذن.
على الأرض وبجوار فرشات الملابس الجاهزة المصطفة على جانبى شارع الجيش وبدايات شارع الموسكى جلس الباعة جماعات وأفراداً يتناولون إفطارهم، بدا ميدان العتبة المزدحهم على الدوام فى تلك اللحظة شبه مهجور، لا سيارات، ولا مارة، سكون تام تناغم مع تسرب الظلام تدريجياً، وأفول آخر ضوء للنهار يضىء الميدان بأعمدة الإنارة، ومصابيح المحال، وتظل حالة الصمت هى سيدة الموقف، ولولا بعض السيارات القليلة التى تمر من حين لآخر فوق كوبرى الأزهر لكان من الممكن تحويل المشهد إلى لوحة مرسومة، ميدان خاو، وباعة يلتفون حول أطباق طعامهم، وموائد تقدم لروادها طعاماً فيأكلونه بدورهم فى صمت دون اعتراض، ومبان عتيقة تروى قصة ميدان عريق، وشوارع تقود وتتفرع إلى أهم ميادين وشوارع فى قلب العاصمة.
لا تطل اللحظة الفريدة كثيراً، فسرعان ما يتحرر عقرب الساعات من أسر عقرب الدقائق ويمضى كل منهما إلى حال سبيله، ينهى المصلون صلاتهم فتلفظهم المساجد إلى الخارج، يفرغ الصائمون من إفطارهم فيغادرون موائد الرحمن إلى أشغالهم، ويطوى أصحاب الفرشات ما تبقى من طعامهم فى لفافات يضعونها أسفل فرشهم ويستعدون لجولة جديدة من البيع والشراء والفصال ومناهدة الزبائن.
تتحرك السيارات على استحياء فى البداية، تدب الحياة فى الميدان شيئاً فشيئاً، فلا يعود الصمت يخيم على مبنى المطافئ، ولا يبدو قسم الموسكى المجاور له وكأنه خلا من رواده وساكنيه، أما الميدان نفسه فلا يلبث أن يضيق شيئاً فشيئاً ويختنق بالمارة والباعة والسيارات، ولم تكد تمر على أذان المغرب نصف ساعة فقط.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.