ترجمات| «ديل كارنيجي» صانع الأمل.. أشهر كُتاب العالم فى تطوير الذات وإعداد القادة

كيفية تطوير الثقة بالنفس والتأثير على الناس، والسيطرة على القلق، وكسب الأصدقاء.. من أشهر الكتب على المستوى العالمى التى كتبها «ديل كارنيجى» الذى رسخ فيها المبادئ والتعاليم التى تمكن الإنسان من أن يكون على خير الصلات مع بقية الناس، وأن يستطيع بحديثه أن يكسب ودهم وتقديرهم، وأن يشق طريقه فى الحياة نحو المجد. كارنيجى هو كاتب أمريكى، ومعلم لدورات فى تطوير الذات ومهارات البيع، والتدريب المؤسسى، والتحدث أمام الجمهور، ومهارات التعامل مع الآخرين فى تحسين الذات، ومدير معهد كارنيجى للعلاقات الإنسانية. رغم رحيل كارنيجى فى الأول من نوفمبر عام 1955، ولاتزال كتبه هى الأكثر مبيعًا، ولايزال يحظى بشعبية حتى يومنا هذا. ومن أبرز كتب كارنيجى «كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر فى الناس؟»، «كيف تدع القلق وتبدأ الحياة؟»، و«لينكولن المجهول»، و«الخالدون» والعديد من الكتب الأخرى.
نشأ «كارنيجى» وعوامل الفشل تحيط به من كل جانب، وُلد فى عام 1888، فى بيت متواضع لقرويين جاهلين فقيرين، يتكسبان اللقمة من العمل فى الزراعة فى قرية نائية فى بطاح ولاية ميسورى الأمريكية. فى صغره، لم يكن كارنيجى بارعًا فى الألعاب الرياضية، لكنه تعلم أنه لايزال قادرًا على تكوين صداقات وكسب الاحترام بفضل براعته فى الكلام.
بعد تخرجه فى المدرسة الثانوية عام 1906، التحق كارنيجى بكلية المعلمين الحكومية المحلية فى وارينسبورج. وصقل أسلوبه الخطابى، وشارك فى مسابقات الخطابة الجامعية، وفاز بمعظمها. بلغت براعته فى الخطابة العامة مبلغًا كبيرًا، حتى أن طلابًا آخرين عرضوا عليه دفع المال لتدريبهم.
بعد تخرجه فى الجامعة عام 1908، عمل كارنيجى بائعًا متجولًا بنبراسكا. ثم عمل فى مجال المبيعات. وبحلول عام 1911، كان كارنيجى قد ادخر 500 دولار، وهو ما كان كافيًا لترك وظيفته والانتقال إلى مدينة نيويورك والسعى إلى النجاح كممثل. ثم حصل على دور البطولة فى مسرحية «بولى السيرك» بدور الدكتور هارتلى، إلا أنه كره التجربة، وسرعان ما قرر أن الحياة فى المسرح لا تناسبه.
انضم كارنيجى لاحقًا إلى جيش الولايات المتحدة وخدم لمدة تزيد قليلاً عن عام فى معسكر أبتون فى لونج آيلاند أثناء الحرب العالمية الأولى. بعد تسريحه من الجيش، تم تعيين كارنيجى مديرًا للأعمال لدورة محاضرات متنقلة قدمها لويل توماس، الكاتب والمذيع المعروف.
فى عام 1913، نشر كتابه الأول «الخطابة العامة والتأثير على رجال الأعمال»، فى عام 1936، وبعد سنوات من البحث المُكثّف الذى تضمّن قراءة مئات السير الذاتية لمعرفة كيف حقّق أعظم قادة العالم نجاحهم، نشر كارنيجى كتاب: «كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر فى الناس؟». ورغم تواضع طبعته الأولى التى بلغت 5000 نسخة، إلا أن الكتاب أصبح من أكثر الكتب مبيعًا. وقد لامس كتاب كارنيجى، مثل دروسه، وترًا حساسًا لدى شريحة مُتعطشة للتطوير الذاتى، حيث بيع منه ما يقارب 5 ملايين نسخة خلال حياته، وتُرجم إلى جميع اللغات الرئيسية.
نجح كارنيجى ونجحت البرامج التى كان يلقنها لتلاميذه، ثم نجح كثير من هؤلاء التلاميذ فى الحياة، وبادر إلى إنشاء «معهد كارنيجى» لتلقين كل راغب وسائل التأثير فى الناس بالقول والخطابة، فأصبح معهد كارنيجى من المعاهد الكبرى التى تعد الشخص للنجاح فى الحياة.. حتى لقد أصبحت المصالح الحكومية والشركات فى أمريكا توفد إليه البعوث من رجالها ليتعلموا أسباب النجاح.. وحتى لقد أصبحت فروع المعهد تربو على 300 انتشرت فى 168 مدينة فى الولايات المتحدة، وكندا، والنرويج، وجزر هاواى.
سُئل مرة عن قرابته للميلونير الأمريكى كارنيجى فأجاب: «ليس بيننا من رابطة سوى الاسم، والظاهر أنه سعيد. فقد جمع كارنيجى الآخر الملايين من نجاحه.. ويسعدنى أن أدفع إلى الحياة الملايين من الموفقين».
كما سُئل من أين استمد تعاليمه ومبادئه، فأجاب فى تواضع بأنه لم يأتِ بجديد، ولم يفعل أكثر من أنه عمد إلى تذكير الناس بالمبادئ والحكم القديمة، وعلى إثر نجاح كارنيجى فى معاهده، شرع فى نشر رسالته على نطاق واسع بين سكان المعمورة، تعميمًا للفائدة، فوضع تجاربه العملية فى سلسلة من الكتب التى لاقت رواجًا عالميًا فريدًا فى بابه فى العصر الحديث، وأشهرها: «كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر فى الناس؟، اقهر القلق وابدأ الحياة، الخطابة والتأثير فى الناس فى محيط العمل، لنكولن المجهول».
انتهى زواجه الأول بالطلاق فى عام 1931، ثم تزوج من دوروثى برايس فاندربول فى عام 1944. لعبت دورًا حيويًا فى توسيع معهد ديل كارنيجى، وتحديدًا مساعدة المعهد على تطوير الدورات والبرامج الموجهة إلى الطبقة الناشئة من الشابات المحترفات. توفى كارنيجى فى الأول من نوفمبر عام 1955، عن عمر يناهز 66 عامًا، فى منزله فى فورست هيلز، نيويورك. ودفن فى مقبرة بيلتون فى مقاطعة كاس، ميسورى.
منذ وفاة كارنيجى، استمر معهد ديل كارنيجى فى التوسع، وهو حاليًا مؤسسة مرموقة فى مجال تدريب الأعمال، تعمل فى 90 دولة. ورغم أنه ألّف آلاف الصفحات من الكتب وألقى ساعات طويلة من المحاضرات، إلا أن رسالة كارنيجى الأساسية حول كيفية عيش حياة ناجحة يمكن تلخيصها فى مبدئين أساسيين: «انسَ نفسك؛ افعل الخير للآخرين»، و«تعاون مع ما لا مفر منه».
فى كتاب «سير العظماء» اتبع كارنيجى فى تأليفه طريقه فريدة، فكان يكلف كل واحد من سكرتيريه الذين يعدون بالعشرات، بأن يطالع كل ما كُتب عن كليوباترا مثلًا من كتب ومجلدات، بجميع اللغات، ثم يدون فى صفحات معدودة أهم وأطرف ما أجمعت عليه المصادر من حقائق عنها، ومن هذا التقرير يصوغ كارنيجى سيرة الشخصية التى يكتب عنها، بأسلوب شيق.. وهكذا تستطيع أن تتأكد أن الصفحات القليلة التى يتضمنها هذا الكتاب عن كل شخصية من المترجم لهم، هى زبدة عشرات الكتب والمجلدات. يضم الكتاب حوالى 25 شخصية عالمية من القدماء والمحدثين.. والذى يُركز على كيفية تجاوز العظماء للصعوبات. مشاهير فى العلم والأدب والسياسة: أينشتاين، شكسبير، برنارد شو، لينين، ستالين، غاندى، هيلين كيلر، غاندى، حيدر آباد.