مهرجان الجونة ليس سجادة حمراء ورقصًا وإنما مهرجان عظيم

هذا العام هو العام الثامن لهذا المهرجان الذى أصبح مهرجانًا سينمائيًا هامًا. وسائل التواصل الاجتماعى تهتم اهتمامًا بالغًا بأمرين: السجادة الحمراء التى يدخل عليها الفنانات والفنانين بملابسهم السواريه ويجذب ذلك الأنظار. ولكن الحاضرين للمهرجان مثلى لهم ممر دخول آخر ولا يشاهدون دخول الفنانات. والمهرجان به حفلات ساهرة وبها فقرات غنائية وفقرات راقصة بعضها يشارك فيه الجمهور وهذه طبيعة كل مهرجانات السينما فى الدنيا كلها، ولكن هذه الأمور التى تجذب الأنظار ويتحدث عنها الجميع، البعض بسعادة والبعض بالنقد، ليست هى مهرجان السينما وإنما المهرجان هذا العام عنوانه السينما والإنسانية.
المهرجان عرض 13 فيلمًا فى المسابقة الرسمية جوائزها 110 ألاف دولار، منها فيلم الأب والأم والأخت والأخ، عن العلاقات الأسرية فى الغرب والفتور الذى يعتريها وفاز بجائزة الدب الذهبى فى مهرجان فينيسيا وهو إنتاج أمريكى فرنسى إيرلندى. وفيلم «لاكى المحظوظ» وهو كندى أمريكى عن عامل توصيل طلبات صينى فى نيويورك يفقد وظيفته والحظ يساعده بعد صعوبات بالغة. والفيلم الرومانى «الأسنان اللبنية عن أيام الديكتاتور شاوشيسكو وخطف الأطفال فى ظروف غريبة وقسوة الديكتاتورية على البشر. والفيلم المصرى «كولونيا» عن رائحة الأب. والفيل الفرنسى نينو عن شاب يعرف أنه مريض بالسرطان فيطوف باريس لمدة 48 ساعة قبل بدء العلاج.
وهناك أفلام يابانية وأسبانية وأفلام من كولومبيا والهند وتونس والفيلم المصرى المستعمرة. وهى مجموعة من الأفلام الممتازة. وعرض المهرجان مجموعة من الأفلام التسجيلية الطويلة من بلاد مختلفة شاهدت منها فيلم بعنوان »كابول» عن أفغانستان بعد رحيل الأمريكان. الحياة هناك صعبة وخطيرة ومقبضة. وهناك مجموعة من الأفلام القصيرة والقصيرة جدًا بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من الأفلام المصرية والأجنبية خارج المسابقة. ونشاهد عدة أفلام فى اليوم الواحد.
السينما فن رائع ويجمع بين العديد من الفنون. واللغة السينمائية فى الكثير من أفلام المهرجانات مختلفة عن الأفلام التجارية ومعظمها يثير التفكير والشجون وبجانب المعرفة فأن ترى أشياء رائعة وتسمع موسيقى وتشاهد عمل مخرج فنان استطاع أن يصنع البهجة من فكرة بسيطة ويصل إلى أعماق نفوسنا.
يتحرك المئات من محبى السينما من دار عرض إلى أخرى بمواصلات سهلة وفرتها إدارة المهرجان فيشاهد الكثيرون ثلاث أو أربع أفلام فى اليوم الواحد وبالتأكيد هذا أكثر أهمية من السجادة الحمراء التى تثير اهتمام الكثيرين.
وخصصت جائزة لأحسن فيلم إنسانى، قدرها 20 ألف دولار ويحكمها الجمهور. وهناك جائزة قيمتها 10 آلاف دولار لأحسن فيلم يدافع عن البيئة، وهناك عدة أفلام تقدمت لهذه الجائزة واحد عن ما يحدث للحيوانات أثناء الحروب وواحد عن الأطفال.
وهناك مجموعة من أفلام تحت عنوان نافذة على فلسطين وكلها من إخراج مبدعين فلسطينيين.
ويقدم المهرجان 23 منحة لتمويل أفلام من مختلف الاتجاهات بمبلغ 250 مليون دولار، وهذه مقدمة لمجموعات عندها أفكار أو بدأت أفلام وغير قادرة على استكمالها، وهذا شيء رائع. وأقيمت عدة منتديات لتكريم ومناقشة مواضيع مع الجمهور مع النجوم منة شلبى والفنانة العالمية كيت بلانشت وشريف عرفة والفنانة يسرا. والحلقات النقاشية التى دارت فى المهرجان كانت متميزة ومن بين 18 حلقة نقاشية حلقات عن الميديا الحديثة وتأثيرها على السينما. وتأثير السينما على تكامل واندماج البشر وحكايات مؤثرة تؤدى إلى شفاء جروح نفسية. وكيف تبنى السينما العربية إنتاج عالمى ضخم، ورحلة يوسف شاهين فى عيون العالم والصعوبات لإنتاج الأفلام التسجيلية والقصيرة، والسينما الإنسانية والنجوم الصاعدة.
وأقيمت ورشة عمل عن الأفلام القصيرة نظمتها مريم ناعوم وأخرى عن كيفية تصوير وإخراج بوستر الأفلام. ومسرح الجونة استقبل عددًا من النقاشات مع نجوم ومخرجين وصانعى أفلام ومنتجين. وكانت هناك جلسة عن تأثير الذكاء الصناعى على مستقبل السينما، واتفق الجميع على أن الكثيرين سوف يفقدوا وظائفهم، ولكن نجيب ساويرس قال أن الفيلم سوف يفقد الحس الإنسانى باستخدام الذكاء الصناعى.
قام المهرجان بتكريم عدة نجوم أولهم الفنانة منة شلبى التى قدموا لها لقطات مختلفة من عدة أفلام تبين موهبتها. ثم تكريم المخرج العبقرى يوسف شاهين والذى تم بناء عربة سكة حديد داخل مبنى كأنه مخطة وبه شباك تذاكر وداخل عربة القطار كراسى مماثلة لمقاعد القطار وأنت جالس تشاهد أمامك شاشة عليها لقطات ممتعة من أهم أفلام يوسف شاهين، وتذكر التاريخ والأفلام الرائعة. وعلى حوائط المحطة تعلق أفيشات وصور أفلام يوسف شاهين القديمة. أقامت هذا الديكور العظيم وتصميم المحطة بروعة وعظمة المهندسة الفنانة شيرين فرغلى فلها كل التحية.
يسرا هى النجمة الأخرى التى كرمها المهرجان عن طريق بناء مبنى رائع من تصميم المهندسة سارة التونسى يحكى قصة يسرا الفنانة الجميلة ومحبوبة الجماهير من أول فيلم لعبت فيه دورًا منذ خمسين عامًا. وعلى الشاشة المستديرة تشاهد أدوار يسرا الخالدة التى لا تنسى. فعلًا تكريم مستحق لفنانة عظيمة.
ولأن المهرجان كان عن السينما الإنسانية فكان حضور النجمة العالمية الأسترالية كيت بلانشت وهى مشهورة بنشاطها العالمى وجولاتها فى مناطق المجاعات والكوارث وتقوم بمساعدة المنكوبين. وفى حفل كبير تحدثت كيت عن جهودها فى خدمة الإنسانية وإنفاذ الإنسان المقهور.
أدارت الجانب الفنى للأفلام السينمائية جاكلين خورى بجدارة وقام بتنظيم هذا المهرجان الضخم وإدارته بكفاءة وتخطيط عظيم عمرو منسى.
تحية لسميح ساويرس صاحب فكرة الجونة والذى استطاع تخطيط مدينة رائعة تصلح لإقامة مهرجان سينمائى كبير وكان بالطبع سعيدًا حين التقط الفكرة من نجيب ساويرس وأقام مهرجان سينمائى متميز وعملا سويًا ليصلا لهذا النجاح الكبير.
المنافسة أمر يحفز على الابتكار والنجاح ونجاح الجونة شجع مهرجان القاهرة السينمائى وهو المهرجان القديم والأساسى لمصر على النهوض والتغيير والتقدم والذى نرجو له النجاح وأول عامل فى النجاح هو الحرية والحرية والحرية وترك العيش لخبازينه.
(قوم يا مصرى مصر دايمًا بتناديك)