"مكافحة انتشار المخدرات" فى ندوة بطب بيطري أسيوط    أمير قطر: العلاقات التاريخية مع تركيا تمضي بثبات نحو آفاق واعدة    الجمعة.. مي فاروق والحجار وفرقة أوبرا الإسكندرية يحيون 3 حفلات ضمن مهرجان الموسيقى العربية    لتوفير 1500 فرصة عمل.. 12 شركة في الملتقى التوظيفي الأول بجامعة حلوان (تفاصيل)    مجلس الوزراء في اجتماعه ال63 برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي يوافق على حزمة قرارات لدعم الصناعة والإسكان والسياحة والنقل    تركيب 1662 وصلة مياه مجانية للأسر الاولى بالرعاية بالفيوم    مصر تدعو لتمثيل عادل للدول الإفريقية بالمؤسسات الدولية والبنوك الإنمائية    الشركة المصرية لمستحضرات التجميل (ECC) تفتتح أحدث خطوط الإنتاج للمكملات الغذائية باستثمارات 200 مليون جنيه    رئيس الوزراء: نقف على مسافة واحدة من جميع المرشحين في انتخابات النواب    الكرملين: بوتين لن يحضر قمة مجموعة العشرين    تحركات الرئيس السيسي تؤكد توجه الدولة نحو التنمية الشاملة وتعزيز الاستقرار الإقليمي    الخارجية الروسية: تحضيرات القمة بين بوتين وترامب مستمرة    رئيس الوفد البرلماني الدنماركي: خطة السلام بغزة لم تكن لتنجح دون الجهود المصرية    اعتماد تنظيم الكونغرس الأول للإعلام الرياضي في ديسمبر 2026    الكنيست يصدق بالمناقشة التمهيدية على قانون ضم الضفة الغربية    بث مباشر.. تعرف على موعد وكيفية مشاهدة مباراة ليفربول وآينتراخت فرانكفورت في دوري أبطال أوروبا 2026 والقنوات الناقلة    الذهبية الخامسة في تاريخها.. محافظ الشرقية يكرم بطلة العالم في رفع الأثقال البارالمبي    طارق قنديل يتحدث عن حلم استاد الأهلي وميزانية النادي غير المسبوقة    وزير التعليم العالي يؤكد ضرورة توجيه البحث العلمي لخدمة التنمية الاقتصادية وخلق فرص عمل للشباب    محافظ الغربية يستجيب لشكاوى المواطنين بحملة على المخابز بقرية الدلجمون    خلاف جيران يتحول إلى معركة فى الشارع ببنها.. والداخلية تكشف التفاصيل    محافظ أسوان يتفقد طلاب جامعة بنها المصابين في حادث طريق أبو سمبل.. ويوجه بتقديم الرعاية الكاملة    غلق كلي لكوبرى الأزهر السفلى 3 أيام لاستكمال أعمال التطوير    حبس المتهم بإنشاء كيان تعليمي وهمي للنصب على المواطنين بمدينة نصر    مجلس كنائس مصر: مؤتمر الكهنة والرعاة جسد رسالة الكنسية في خدمة الإنسان والمجتمع    الحكومة تتابع اللمسات النهائية قبل افتتاح المتحف المصري الكبير رسميًا    أكرم القصاص ل اليوم : القمة المصرية الأوروبية تتويج لسياسة خارجية متوازنة وفاعلة    انطلاق المؤتمر السنوي الثالث لمركز الكبد والجهاز الهضمي بدماص بالمنصورة.. غدًا    مرض الجدري المائي.. الأعراض وطرق الوقاية    تزامنًا مع تعامد الشمس على رمسيس الثاني.. رفع درجة الجاهزية القصوى بجميع منشآت الرعاية الصحية بأسوان    قائمة ريال مدريد - غياب 5 مدافعين ضد يوفنتوس.. وميندي يعود لأول مرة منذ 6 أشهر    الجبلاية توافق على رحيل أسامه نبيه وتبحث عن مدير فني للمنتخب الأولمبي    وكيل التعليم بالجيزة يستبعد مدير مدرسة خلال جولة مفاجئة في الهرم والعمرانية    الحكومة تقرر إتاحة خدمات السجل التجاري عبر مكاتب البريد المصري    الوعي الوطني ومواجهة التحديات، ندوة مشتركة بين مجمع الإعلام وجامعة الفيوم    أفضل 5 وجبات خفيفة صحية لا ترفع السكر في الدم    محمد عبده يقبل يد المايسترو هاني فرحات : "ونكيد العوازل بقي "    الرقابة المالية تمد وقف تلقي طلبات التأسيس لنشاطي التمويل الاستهلاكي ومتناهي الصغر بالطرق التقليدية لمدة عام    هتأخر ساعتك 60 دقيقة.. اعرف موعد تطبيق التوقيت الشتوى.. فيديو    فئات ممنوعة من أداء مناسك الحج    النجم التركي كان أورجانجي أوغلو: أتطلع لزيارة الجمهور في منازلهم بمصر    إحالة أوراق سائق للمفتي بعد اتهامه بقتل مزارع وتزعُّم عصابة للإتجار بالمخدرات في القليوبية    الأقصر تتحرك لدعم موسم سياحي استثنائي.. لقاء موسع بمشاركة خبراء ومختصين    بيحبوا يكسروا الروتين.. 4 أبراج لا تخشى المخاطرة وتحب انتهاز الفرص    بيراميدز يواجه التأمين الإثيوبي ذهابا وإيابا في القاهرة    وزير الإسكان: تخصيص 408 قطع أراضٍ للمواطنين بمنطقة الرابية    البترول: مصر تُصدر 150 ألف متر مكعب من الغاز المسال إلى تركيا لصالح توتال إنيرجيز    القنوات الناقلة لمباراة بايرن ميونخ وكلوب بروج في دوري أبطال أوروبا    نائب وزير الصحة يتفقد جاهزية الخدمات الطبية والطوارئ بميناء رفح البري    نائب ترامب: واشنطن تعمل على ضمان ألا تشكل حماس تهديدا مرة أخرى    منال عوض: نسعى لحل مشاكل المواطنين والتواجد المستمر على أرض الواقع    جوائز كاف - بيراميدز ينافس صنداونز على أفضل ناد.. وغياب الأهلي والزمالك    مفتي الجمهورية: الله تولى بنفسه منصب الإفتاء وجعله من وظائف النبوة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 22-10-2025 في محافظة الأقصر    حكم القيام بإثبات الحضور للزميل الغائب عن العمل.. الإفتاء تجيب    حين يتأخر الجواب: لماذا لا يُستجاب الدعاء أحيانًا؟    سماء الفرج    موعد شهر رمضان المبارك 1447 هجريًا والأيام المتبقية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيناريوهات مُحتملة .. هل ستقوم الولايات المتحدة بتزويد أوكرانيا بصواريخ «توماهوك» بعيدة المدى؟
نشر في المصري اليوم يوم 21 - 10 - 2025

هدَّد الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، فى 12 أكتوبر 2025، بإمكانية تزويد أوكرانيا بصواريخ «توماهوك» بعيدة المدى حال استمرار الحرب الروسية- الأوكرانية. بينما حذَّرت موسكو من التداعيات المُحتملة لهذه الخطوة، مُشيرةً إلى أنها ستفضى إلى تصعيد حاد فى مسارات الحرب الأوكرانية. وهو ما يُثير العديد من التساؤلات بشأن أبعاد ودوافع التصعيد الأمريكى الراهن، وفرص قيام واشنطن بتزويد كييف بتلك الصواريخ، والانعكاسات المحتملة لهذا السيناريو.
تحولات مُتسارعة
شهدت الحرب الروسية- الأوكرانية خلال الأيام الأخيرة تحولات مُتسارعة تزيد من تعقيد المشهد الاستراتيجى وتفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الضغوط على روسيا، وهو ما يمكن عرضه على النحو التالى:
1- زيارة وفد أوكرانى لواشنطن: قام وفد أوكرانى، برئاسة رئيس أركان الجيش الأوكرانى، أندريه يرماك، بزيارة لافتة إلى واشنطن، فى 14 أكتوبر 2025، للتفاوض حول اتفاق غير مسبوق بشأن تكنولوجيا المسيّرات. ويسعى الوفد الأوكرانى، الذى وصل إلى واشنطن، لإبرام صفقة تعطى الولايات المتحدة حق الوصول إلى تكنولوجيا الطائرات المُسيّرة التى طوّرتها كييف خلال الحرب، مقابل مزيد من الدعم المالى والعسكرى الأمريكى لكييف. كما أعلن الرئيس الأوكرانى، فولوديمير زيلينسكى، أنه سيقوم بزيارة إلى الولايات المتحدة، فى 17 أكتوبر 2025، ستكون الثالثة له منذ عودة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إلى البيت الأبيض؛ بهدف طلب مزيد من الدعم العسكرى من واشنطن.
2- تصعيد أمريكى لافت ضد روسيا: عكست تصريحات الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، خلال الأسابيع الأخيرة تحولات جديدة فى الموقف الأمريكى إزاء روسيا، من خلال الدفع نحو مزيد من التصعيد ضد موسكو. وفى هذا السياق، أشارت بعض التقارير الأمريكية إلى أن الولايات المتحدة ستزود أوكرانيا بمعلومات استخباراتية تمكنها من شن ضربات صاروخية بعيدة المدى على منشآت الطاقة داخل روسيا. كما ألمحت هذه التقارير إلى أن هذه الخطوة ستتيح للقوات الأوكرانية استهداف مصافى النفط وخطوط الأنابيب ومحطات الكهرباء، لتقليص عائدات موسكو من النفط والغاز، مشيرةً إلى أن واشنطن دعت حلفاءها الأوروبيين لتقديم دعم مماثل لكييف.
وفى خطوة عكست مزيدًا من التصعيد الأمريكى ضد روسيا، كشفت بعض التقارير الأمريكية أن إدارة ترامب بدأت دراسة جدية حول إمكانية تزويد أوكرانيا بصواريخ «توماهوك» بعيدة المدى، فى خطوة اعتبرتها موسكو بمثابة مرحلة جديدة من التصعيد، خاصةً وأنها تأتى بعد أقل من شهرين من القمة التى جمعت الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، ونظيره الروسى، فلاديمير بوتين، فى ألاسكا، منتصف أغسطس 2025.
وتُشير التقديرات الغربية إلى أن صواريخ «توماهوك» ستمنح أوكرانيا دعما هجوميا إضافيا فى ضرب البنى التحتية النفطية الروسية، وقد أثبتت الطائرات المسيّرة فاعليتها جزئيا فى تقليص الطاقة الإنتاجية لمصافى روسيا بنحو خمس حجم الإنتاج. ومع وجود رأس حربى يزن 1000 رطل؛ سيكون لهذه الصواريخ تأثير أكبر بكثير من الطائرات المسيّرة الأوكرانية، خاصةً أن صواريخ «فلمنغو» الأوكرانية المشابهة لا تزال محدودة وغير مجربة بشكل كامل؛ ما يمنح «توماهوك» ميزة دقيقة فى استهداف الأهداف النفطية الحيوية، ويزيد الضغط على ميزانية روسيا المعتمدة على عائدات الطاقة.
دلالات مُهمَّة
عكست التطورات الأخيرة التى شهدتها الحرب الروسية- الأوكرانية، ولا سيما التوجهات الأمريكية الجديدة إزاء روسيا، جملة من الدلالات المهمة، وهو ما يمكن عرضه على النحو التالى:
1- تحول جديد فى موقف ترامب: شهدت الأيام الأخيرة تحولًا جديدًا فى موقف الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، إزاء أطراف الحرب الروسية- الأوكرانية، وقد اتسم موقف ترامب إزاء طرفى الصراع بالتغير المستمر، منذ عودته للبيت الأبيض فى يناير الماضى، فبعد فترة من التفاهمات بين الولايات المتحدة وروسيا، عقب قمة ترامب وبوتين فى ألاسكا، والتى جاءت على حساب علاقة واشنطن بكييف؛ عاد الرئيس الأمريكى ليتبنى موقفًا تصعيديًا جديدًا ضد موسكو. وطرح الرئيس الأوكرانى، فولوديمير زيلينسكى، خلال لقائه الأخير مع ترامب فى البيت الأبيض مسألة تزويد قوات بلاده بصواريخ «كروز» من طراز «توماهوك»- على الأرجح بنسخة «تايفون»- وهى منصات برية متنقلة قادرة على إطلاق هذه الصواريخ بمدى يصل إلى نحو 2500 كيلومتر. وحصلت كييف سابقًا على صواريخ بعيدة المدى بينها «ستورم شادو» البريطانية التى يصل مداها إلى 250 كيلومترًا؛ لكنها استخدمتها فقط داخل أراضيها ضد القوات الروسية.
وفى سبتمبر 2025، أعلن نائب الرئيس الأمريكى، جيه دى فانس، أن القرار النهائى بشأن تسليم هذه الصواريخ إلى كييف يعود فقط لترامب، مشيرًا إلى أن السلطات الأمريكية تبحث أيضًا إمكانية تزويد أوكرانيا بصواريخ أخرى تابعة لحلف الناتو.
ومنذ اندلاع الحرب الروسية- الأوكرانية فى فبراير 2022، قدمت الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون مساعدات عسكرية واسعة لكييف، شملت أنظمة دفاع جوى وصواريخ دقيقة ومسيّرات، إلى جانب تبادل معلومات استخباراتية. وكانت واشنطن قد التزمت فى السابق بقيود على نوعية الدعم، خاصةً ما يتعلق بالضربات داخل الأراضى الروسية. ولكن مع تصاعد وتيرة الحرب وعدم التوصل إلى اتفاق ينهى الصراع، صعّدت كييف مطالبها بالحصول على قدرات بعيدة المدى تتيح استهداف البنى التحتية الروسية الحيوية، واعتبرت أن ضرب مصادر الطاقة سيقلّص تمويل الكرملين للحرب. ويبدو أن الرئيس الأمريكى يسعى للتلويح بفكرة تسليم كييف هذه الصواريخ للضغط على روسيا لقبول اتفاق ينهى هذه الحرب.
2- دور أوروبى وسيط: طلب الرئيس الأوكرانى، فولوديمير زيلينسكى، من الولايات المتحدة تسليم صواريخ «توماهوك» للدول الأوروبية؛ بحيث تقوم الأخيرة بدورها بإرسالها إلى أوكرانيا. وقال زيلينسكى إن بلاده مستعدة لإبرام صفقات إضافية مع الولايات المتحدة لتوريد الأسلحة، بما فى ذلك الأسلحة بعيدة المدى، إلى جانب الاتفاق الحالى البالغة قيمته 90 مليار دولار. ويصل مدى صواريخ «توماهوك» إلى 2500 كيلومتر، وستكون من الأسلحة القوية فى ترسانة أوكرانيا العسكرية، فى الوقت الذى تتصدى فيه لوابل من الهجمات الروسية بالصواريخ والطائرات المسيّرة.
وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، كان قد رفض سابقا طلبات أوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى؛ لكن تعثر مساعيه، حتى الآن، للتوصل لاتفاق ينهى الحرب الروسية- الأوكرانية، دفعه للتلويح بإمكانية إرسال هذه الصواريخ لكييف، فى محاولة للضغط على موسكو.
3- مساعى ترامب لإنهاء الحرب الأوكرانية: فى إطار مساعى الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، للترويج لنفسه باعتباره صانعًا للسلام، وانخراطه فى تسوية العديد من الصراعات الدولية، يتطلع ترامب للتوصل لاتفاق تاريخى ينهى الحرب الروسية- الأوكرانية. وبعدما ساد كثير من التفاؤل بشأن تحقق هذا الأمر، عقب قمة ألاسكا التى عقدها ترامب مع نظيره الروسى، يبدو أن المفاوضات تعثرت حتى الآن فى تحقيق أى تقدم فى مسار السلام؛ لذا يسعى ترامب للضغط على روسيا من خلال التلويح بإمكانية تزويد أوكرانيا بصواريخ «توماهوك»، والتى ستكون قادرة على استهداف مصافى النفط الروسية؛ ومن ثم الضغط على عوائد موسكو من النفط والغاز.
ويتماشى هذا الطرح مع التحركات الأمريكية خلال الآونة الأخيرة لمحاولة تضييق الخناق على صادرات روسيا من الطاقة، من خلال مطالبة حلفاء واشنطن بالتوقف عن استيراد النفط والغاز الروسيين؛ لذا يتوقع أن تشهد الفترة المقبلة زيادة اهتمام الرئيس الأمريكى بمحاولة إنهاء الحرب الروسية- الأوكرانية، خاصةً بعدما تمكن من التوصل لاتفاق سلام لإنهاء الحرب فى غزة.
4- تحديات قائمة أمام خطة تزويد أوكرانيا بصواريخ «توماهوك»: لاتزال مساعى كييف فى الحصول على صواريخ «توماهوك» تواجه العديد من التحديات التقنية والعسكرية، لعل أبرزها عدم امتلاك أوكرانيا للقاذفات البحرية أو البرية اللازمة لإطلاق هذه الصواريخ؛ ومن ثم تحتاج كييف لقاذفة تابعة للجيش الأمريكى تسمى «تايفون»، بيد أن هذه الخطوة ستشكل تصعيدا خطرا، وربما تقرب واشنطن من مواجهة مباشرة مع موسكو.
يُضاف لذلك تحديات أخرى تتعلق بعدد الصواريخ التى يمكن للولايات المتحدة أن توفرها لأوكرانيا، ولاسيما فى ظل قلق بعض مسؤولى البنتاجون من أن هذه الخطوة قد تؤثر فى قدرة الولايات المتحدة على مواجهة التحديات المستقبلية فى المحيط الهادئ، خاصة فى مواجهة الصين، ناهيك عن مدى قدرة الأخيرة على تخزين هذه الصواريخ بأمان، فضلاً عن التأثير الفعلى الذى قد يحدثه عدد محدود من هذه الصواريخ فى مسارات الحرب.
انعكاسات مُحتملة
فى إطار الإرهاصات المُتزايدة بشأن احتمالية تسليم الولايات المتحدة لصواريخ «توماهوك» لأوكرانيا، هناك جملة من الانعكاسات المحتملة التى يمكن أن تطرأ على الحرب الروسية- الأوكرانية خلال الفترة المقبلة، يمكن عرضها على النحو التالى:
1- ميزة تفوق محدودة لكييف: أشارت بعض التقارير الأمريكية إلى أن صواريخ «توماهوك» قد لا تشكل ميزة تفوق نوعية بالنسبة لكييف، وأنه حال قيام الولايات المتحدة بتزويد أوكرانيا بهذه الصواريخ، فإن ذلك من شأنه أن يسهم فى تصعيد حدة الصراع؛ لكنه لن يمنح نظام كييف أى ميزة. وحتى لو تم تقديم تلك الصواريخ مع نظام «تايفون»، فسيكون ذلك عبارة عن منظومة واحدة فقط تحمل 16، أو ربما 32 صاروخًا، ورغم أن مدى هذه الصواريخ يبلغ 2500 كيلومتر ويمكنها الوصول إلى موسكو أو بطرسبورج؛ فمن غير المرجح، إلى حد كبير، أن يمنح هذا كييف أى ميزة حقيقية أو يكون له تأثير جدى فى المشهد العملياتى؛ لكنه فى المقابل سيشكل تصعيدا حادا فى مسارات الحرب.
2- تقويض التفاهمات الأمريكية- الروسية: بينما يُشير نائب الرئيس الأمريكى، جيه دى فانس، إلى أن إدارة الرئيس، دونالد ترامب، تناقش إمكانية توريد صواريخ «توماهوك» المجنحة إلى أوكرانيا، فإن هذه الخطوة، حال تحقيقها، ستؤدى إلى تقويض التفاهمات الأخيرة بين الولايات المتحدة وروسيا، والتى ترسخت عقب قمة ألاسكا بين الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، ونظيره الروسى، فلاديمير بوتين. ويتسق ذلك مع تصريحات الأخير، فى مطلع أكتوبر 2025، والذى أشار إلى أن توريد صواريخ «توماهوك» لكييف من شأنه أن يؤدى لتقويض الاتجاهات الإيجابية الناشئة فى العلاقات بين موسكو وواشنطن.
3- تصعيد روسى مُحتمل: ستعتبر روسيا أى تحركات أمريكية لتزويد أوكرانيا بصواريخ «توماهوك»، سواء بشكل مباشر أم غير مباشر، تصعيدا كبيرا فى مسارات الحرب الجارية، وكان الرئيس الروسى، فلاديمير بوتين، قد أعلن أن موسكو سترد بشكل مُناسب إذا أرسلت الولايات المتحدة صواريخ «توماهوك» إلى أوكرانيا. ورغم عدم وضوح طبيعة هذا الرد الروسى المُحتمل؛ فإن تصعيد نشاط الطائرات الروسية المسيرة مؤخرا فوق بولندا وألمانيا والدنمارك قد يُقدم بعض المؤشرات على توجهات روسيا بشأن تصعيد مُحتمل، ربما يتجاوز حدود أوكرانيا.
وعلى المنوال ذاته، حذَّر نائب رئيس مجلس الأمن الروسى، ديميترى ميدفيديف، من عواقب إقدام الولايات المتحدة على تسليم أوكرانيا صواريخ «توماهوك»، لافتا إلى صعوبة التمييز بين صواريخ «توماهوك» التقليدية والنووية أثناء الطيران؛ الأمر الذى سيفضى إلى تصعيد خطر.
مسارات مُحتملة
فى إطار استمرار الجدل بشأن إمكانية إرسال الولايات المتحدة صواريخ «توماهوك» لأوكرانيا، هناك ثلاثة مسارات رئيسة يمكن أن تتمخض عن هذا الجدل خلال الفترة المقبلة، يمكن عرضها على النحو التالى:
1- تسليم الولايات المتحدة صواريخ «توماهوك» لأوكرانيا: يفترض هذا المسار أن تقوم الولايات المتحدة بتسليم صواريخ «توماهوك» مباشرةً لأوكرانيا، ويستند فى ذلك إلى تصريحات المبعوث الخاص للرئيس الأمريكى بشأن أوكرانيا، كيث كيلوج، والذى أشار إلى أن ترامب منح كييف الإذن باستخدام أسلحة بعيدة المدى لتنفيذ ضربات داخل العمق الروسى، معتبرًا أنه لم تعد هناك أماكن محصنة فى روسيا. وحتى الآن، لايزال هذا المسار هو الأقل ترجيحا، على الأقل فى المدى المنظور، فى ظل رغبة واشنطن بعدم التصعيد ضد موسكو للحد الذى قد تنتج عنه مواجهات مباشرة بين الطرفين.
2- رفض واشنطن تسليم صواريخ «توماهوك» لكييف: عمدت بعض التقديرات إلى استبعاد احتمالية قبول الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، لفكرة تسليم صواريخ «توماهوك» لأوكرانيا، خاصةً أن ترامب لطالما أعلن رفضه هذا الأمر، كما أن البيت الأبيض لم يصدر حتى الآن أى توجيهات عملياتية مكتوبة تحسم هذا الأمر بشكل قاطع؛ لكن الإدارة الأمريكية تعمل على التلويح فقط بهذه الورقة للضغط على روسيا؛ ومن ثم استبعاد قيام الولايات المتحدة بتزويد أوكرانيا بصواريخ «توماهوك»، كون ذلك قد يدفع روسيا إلى رفع كل القيود المفروضة على استخدام «الأسلحة الخاصة» ضد كييف.
ويتسق هذا الطرح مع بعض التقديرات الغربية التى أشارت إلى أن النقطة الجوهرية فى مسألة تسليم صواريخ «توماهوك» تكمن فى معرفة من سيشغلها ويحدد أهدافها، خاصةً أن أوكرانيا لا تملك المتخصصين القادرين على تشغيل هذه الصواريخ، كما أن الاستخدام القتالى لصواريخ «توماهوك» سيتطلب توافر معلومات استخباراتية عالية الدقة؛ وهو ما لا تستطيع توفيره سوى الولايات المتحدة. ومن هذا المنطلق، استبعدت بعض التقارير الغربية احتمالية أن تعمد واشنطن إلى نقل تقنيات التشغيل للقوات الأوكرانية لتجنب تسرب أسرار تكنولوجية حساسة؛ وهو ما يعنى ضمنيا عدم تزويد كييف بصواريخ «توماهوك».
وفى هذا السياق، لوَّح الرئيس الروسى، فلاديمير بوتين، بأن موسكو مُنفتحة على تمديد معاهدة «ستارت الجديدة» لتخفيض الأسلحة الاستراتيجية، والتى ستنتهى صلاحيتها فى 5 فبراير 2026، فى محاولة للمناورة مع الولايات المتحدة ومنعها من إرسال صواريخ «توماهوك» لأوكرانيا؛ الأمر الذى قد يعزز سيناريو رفض واشنطن تزويد كييف بهذه الصواريخ.
3- تسليم صواريخ «توماهوك» من خلال الدول الأوروبية: ينطوى هذا المسار على قيام الولايات المتحدة ببيع صواريخ «توماهوك» لبعض الدول الأوروبية، على أن تقوم الأخيرة بتسليمها لأوكرانيا؛ وهو ما يتماشى مع اقتراح الرئيس الأوكرانى، فولوديمير زيلينسكى، بشأن تمرير الصواريخ عبر دولة أوروبية، تكون المورد المباشر لهذه الصواريخ لكييف. ويتسق هذا المسار مع بعض التقارير الأمريكية التى كشفت عن وجود حملة أوروبية لإقناع إدارة الرئيس ترامب بالانخراط بشكل أكبر فى تقديم الدعم العسكرى لكييف، باعتبار أن هذا الضغط المكثف هو الذى قد يضغط على موسكو لإنهاء الحرب. لكن، لم يتضح بعد ما إذا كان الأوروبيون على استعداد لنقل صواريخ «توماهوك» إلى أوكرانيا.
وتجدر الإشارة إلى أن صواريخ «توماهوك» الأمريكية لم تُشارك تاريخيا سوى مع عدد قليل من الدول، على غرار اليابان والمملكة المتحدة وأستراليا وهولندا، وحتى هذه الدول لا تنشر سوى نسخ تُطلق من السفن أو الغواصات. وفى يوليو 2024، أعلن البيت الأبيض والحكومة الألمانية، عن معاودة نشر أنظمة تسليح تقليدية مثل صواريخ «توماهوك» فى ألمانيا، على هامش قمة الناتو، يصل مداها إلى عمق الأراضى الروسية، وكانت تلك هى المرة الأولى منذ انتهاء الحرب الباردة التى تقدم فيها الولايات المتحدة على هذه الخطوة.
وفى التقدير، على الرغم من محدودية فرص قيام الولايات المتحدة بتسليم أوكرانيا صواريخ «توماهوك»، على الأقل فى المدى المنظور؛ فإن احتمالات تحقق هذا المسار لا تبدو مُستبعدة تماما، خاصةً فى ظل مساعى الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، للضغط على صادرات روسيا النفطية.
بالتالى، حال أقدمت واشنطن على تسليم كييف هذه الصواريخ، فإنها ستشكل نقطة فاصلة فى مسارات الحرب الروسية- الأوكرانية؛ إذ ستعمد وقتها كييف إلى استهداف مصافى النفط وخطوط الأنابيب؛ ومن ثم تقليص عائدات موسكو من النفط والغاز؛ الأمر الذى سيدفع روسيا لتصعيد حاد فى الداخل الأوكرانى، وربما يمتد الأمر لسياق إقليمى أوسع فى شرق أوروبا.
ومن ثم، يتوقع أن تشهد الفترة المقبلة مزيدًا من المشاورات بين الولايات المتحدة وروسيا، فى محاولة لتجنب السيناريو التصعيدى، وسعيًا لإحياء مفاوضات السلام التى تسعى لإنهاء الحرب فى أوكرانيا.
ينشر بالتعاون مع المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.