تشييع جثمان تلميذ الإسماعيلية ضحية «المنشار».. و«التحقيقات»: الطفل المتهم تأثر بالأفلام الأجنبية العنيفة

شيّع المئات من أهالى محافظة الإسماعيلية، أمس، جثمان التلميذ محمد أحمد محمد مصطفى، الذى قُتل على يد زميله، فى الواقعة المعروفة ب«قضية المنشار» وسط انهيار والديه.
وأدى الأهالى صلاة الجنازة عقب صلاة الظهر داخل مسجد المطافى، ودعا إمام المسجد للوالدين بالصبر والثبات، بقوله إن البلاء امتحانٌ من الله، وإن الصبر عليه سبيل إلى الأجر والثواب. وبوجه متماسك على كرسى متحرك، قال محمود عبد السلام، أحد أفراد أسرة الضحية: «نعيش صدمة منذ سماع الخبر، كان دائما يتحدث عن مستقبله عايز يكون رجل أعمال ناجح، مش قادر أنسى شكله آخر يوم وهو كان بيضحك معانا».
بدأت الواقعة قبل أيام، حين أقدم تلميذ، 13 عامًا، على استدراج زميله إلى منطقة نائية قرب المحطة الجديدة، واعتدى عليه بضربة على الرأس مستخدمًا «شاكوش»، ثم قطع جسده بمنشار كهربائى، متأثرًا، بحسب التحقيقات الأولية، بأحد الأفلام الأجنبية العنيفة.
وصرحت جهات التحقيق بدفن الجثمان بعد انتهاء الطب الشرعى من إجراء الصفة التشريحية، وأمرت بإيداع المتهم إحدى دور الرعاية لمدة 7 أيام على ذمة التحقيقات، فى انتظار استكمالها لكشف الملابسات الكاملة للجريمة.
وقال أحد الجيران إن الطفل المتهم عاش حياة قاسية منذ سنوات، بعدما تزوجت والدته من عمه، تاركة أبناءها يعيشون مع والدهم فى عزلة شبه تامة حيث كان المتهم منطويًا على نفسه ونادر الظهور، ويقضى أغلب وقته أمام شاشة التليفزيون يشاهد أفلامًا أجنبية عنيفة.
وفى منزل الضحية تعالى صوت تلاوة القرآن الكريم وبكاء الأم المكلومة فيما جلس الأب صامتًا فى ركن الغرفة ينظر إلى الأرض، وقال أحد أقاربه إن الأسرة لم تكن تتخيل أن غياب ابنها عن المدرسة سينتهى بجنازته. وأعاد اعتراف المتهم بأنه استوحى فعلته من أحداث المسلسل الأمريكى الشهير «ديكستر»، الجدل مجددًا حول التأثير العميق للمحتوى الإعلامى العنيف، خصوصا على فئات عمرية تمر باضطرابات نفسية أو اجتماعية، إذ كشفت الجريمة عن فجوة حقيقية فى أساليب التلقى الإعلامى، والحماية النفسية والاجتماعية للمراهقين والشباب.
وقالت الدكتورة سارة فوزى، أستاذ الإذاعة والتليفزيون بكلية الإعلام فى جامعة القاهرة، ل«المصرى اليوم» إن كثيرًا من الأعمال العالمية تمنح المجرم طابعًا بطوليًا أو جماليًا، أحيانًا من خلال اختيار ممثل وسيم، ما قد يغرى بعض المراهقين الذين يسعون للفت الأنظار، إلى تقليد هذا النموذج، منبهة إلى ضرورة تركيز الدراما على سرديات سيادة القانون، وإبراز مسار العدالة، وإفساح المجال لأعمال الخيال العلمى والتفكير الإبداعى بدلاً من الترويج للعنف كخيار بديل أو وسيلة لإثبات الذات، مشددةً على ضرورة الاهتمام بالصحة النفسية فى المدارس والجامعات.
وقالت الدكتورة إيمان ممتاز، استشارى الصحة النفسية والعلاقات الأسرية، ل«المصرى اليوم» إن اعتراف الطفل باستلهام الجريمة من أحد الأفلام الأجنبية وألعاب الفيديو، يسلط الضوء على تأثير المحتوى العنيف على الأطفال، خاصة فى ظل غياب الرقابة الأسرية والمجتمعية.
وأكدت «ممتاز» أننا أمام جريمة غير مسبوقة فى سياقها، لكن التعامل معها لا يجب أن يقتصر على البعد الجنائى فقط، بل يجب أن يشمل أيضًا تحركًا على مستوى التوعية، والعلاج النفسى، والرقابة الأسرية، والإعلامى، لتجنب تكرار مثل هذه المآسى فى المستقبل.
وقالت الدكتورة سامية خضر صالح، أستاذ علم الاجتماع بكلية التربية جامعة عين شمس، ل«المصرى اليوم» إن الطفل المتهم لا يمكن أن يكون طبيعيًا، وكان على الأهل الانتباه إلى أنه كان يحتاج مزيدًا من الاهتمام والاحتضان، مشددة على ضرورة وجود أخصائى نفسى واجتماعى بكل مدرسة لاكتشاف الخلل لدى الأطفال.