حفر آبار السعادة

«نتشوق» ترجمتها لغويًّا «نحن نشتاق»، «نحن نرغب بشدة».. نتشوق إلى أخبار تفتح النفس، تشيع الأمل، تفرح القلب الحزين.
الأخبار البيضاء عادة لا تلقى رواجًا فى الفضاء الإلكترونى، يغضون الطرف عنها بعمدية لا تخفى على لبيب، واللبيب من الإشارة يفهم، وكما قال الإمام الشافعى: «وَعَينُ الرِضا عَن كُلِّ عَيبٍ كَليلَةٌ وَلَكِنَّ عَينَ السُخطِ تُبدى المساويا؟»
بُشرى خير، من الأخبار السارة، ارتفاع إنتاج مصر من الغاز الطبيعى إلى 4.21 مليار قدم يوميًا، بزيادة قدرها 110 ملايين قدم عمّا تم تسجيله فى يونيو الماضى..
وما يشحن بطاريات الأمل، توقعات أن تستمر الزيادة خلال النصف الثانى من العام الجارى، إذ انتهت شركتا «شل» و«أباتشى» من إضافة نحو 160 مليون قدم مكعب يوميًا إلى إنتاج مصر من الغاز الشهر الجارى.
«أباتشى» وحدها أضافت قرابة 100 مليون قدم غاز إلى الإنتاج من امتيازها بالصحراء الغربية، بالإضافة إلى نحو 60 مليون قدم مكعب من «شل» من حقول البرلس بالبحر المتوسط.
أن تأتى متأخرًا خير من أن لا تأتى أبدًا، والحمد لله حضرت وزارة البترول والثروة المعدنية فى المشهد أخيرًا، ومتوالية الأخبار التى تصدر عن الوزارة تشيع الأمل، استكشاف وتنقيب وإنتاج بل وتصدير. صدّرت مصر شحنة نادرة من الغاز المسال يُقدَّر حجمها بحوالى 3.75 مليار قدم مكعب إلى أوروبا من خلال شركتى «شل» و«بتروناس» عبر مصنع «إدكو» للإسالة..
قد يكون الغيب حلوًا، حلوًا، حلوًا، إنما الحاضر أحلى. التصدير حافز مضاف إلى جملة الحوافز التى بذلتها وزارة البترول والثروة المعدنية للشركاء الأجانب، حافز تصدير حصة من الإنتاج لصالح الشركاء، مع الالتزام بسداد المستحقات المتراكمة، نجح فى التعجيل بعملية ربط المشروعات بحقول الغاز بمناطق الامتياز البرية والبحرية.
قد يكون الغد حلوًا، تفاءلوا بالخير تجدوه. الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية «إيجاس» الحكومية تزف إلينا خبر 29 اكتشافًا جديدًا للغاز الطبيعى خلال العام المالى 24/25 المنتهى فى يونيو الماضى، فى مناطق البحر المتوسط والصحراء الغربية وخليج السويس، ما أسهم فى إضافة نحو 1.25 تريليون قدم مكعب للاحتياطى، بحسب بيان صادر عن وزارة البترول.
أعلاه يؤشر على أسفله، مثل هذه الأخبار السارة لا تلقى رواجًا إلكترونيًا بين العامة، أخبار الاستيراد تلقى شيوعًا أكثر من أخبار الإنتاج والتصدير، وللأسف الزاد الوطنى من الأخبار البيضاء شاحح فى الأسواق، سيما فى الفضاء الإلكترونى الذى تهب منه عواصف رعدية تخلف أمطارًا سوداء تغرق الطيبين، تنكد عليهم، وتسود الحياة فى وجوههم.
النفسية فى حاجة ماسة إلى أخبار تسر الطيبين، وترفع معنويات المحبطين، وترفّه عن المتعبين، وتربت على ظهور الكادحين، وتبشرهم، لا تتركهم أسرى طائفة من الأخبار السوداء، تهب عليهم كرياح الخماسين ساخنة تلفح الوجوه.
الحمد لله آبار السعادة لم تنضب بعد، والاحتياطى الاستراتيجى من مخزون السعادة كافٍ ويفيض، وحفر آبار السعادة مهمة المؤتمنين على سلام هذا الوطن، كما قلنا ونقول: إشاعة الأمل صنعة يجيدها المتفائلون، وفى مقدمتهم المهندس «كريم بدوي» وزير البترول والثروة المعدنية، يحمل عضوية نادى التفاؤل الوطنى.