اختتم معهد التخطيط القومي فعاليات مؤتمره الدولي السنوي التاسع بعنوان «الابتكار والتنمية المستدامة»، والذي عُقد بالتعاون مع كلية الشؤون الدولية والعامة بجامعة كولومبيا (SIPA/Columbia)، خلال يومي 24 و25 يونيو الجاري بالقاهرة. ناقش المؤتمر 14 ورقة بحثية و5 عروض تقديمية، توزعت على 6 جلسات علمية بالإضافة إلى جلسة حوارية ختامية. وتناولت الجلسات موضوع الابتكار من زواياه المختلفة، شملت: الابتكار والبحث العلمي في الأبعاد التنموية والتجارب الدولية، الابتكار الأخضر، التكنولوجيا المالية، الابتكار الاجتماعي، تمويل الابتكار، ونقل التكنولوجيا الإنتاجية، وصولًا إلى الابتكار والتكنولوجيات الناشئة. وقد شهد المؤتمر مشاركة نخبة متنوعة من الخبراء والمتخصصين. وأسفر المؤتمر عن مجموعة من الرسائل والتوصيات المهمة، التي حددت آليات تنفيذية لدعم الابتكار على المستوى الكلي، ومتطلبات تهيئة بيئة أعمال محفزة، بالإضافة إلى سبل تفعيل النظم القائمة داخل المنظومة الوطنية للابتكار، وآليات ترسيخ ثقافة وممارسات الابتكار المستدام على مستوى المؤسسات. وفي كلمته خلال الجلسة الختامية، أكد الدكتور أشرف العربي، رئيس معهد التخطيط القومي، أن الابتكار يعد قضية أمن قومي لمصر، ومكونًا أساسيًا من مكونات هذا الأمن، ما يتطلب وضعه ضمن أولويات الدولة في المرحلة المقبلة. وأضاف أن إدراج القاهرة الكبرى ضمن أفضل 100 مدينة في مؤشرات الابتكار يمثل إنجازًا ينبغي البناء عليه لترسيخ موقع مصر كمركز إقليمي للابتكار في الشرق الأوسط وأفريقيا. وأشار العربي إلى ضرورة تكامل منظومة الابتكار مع رؤية مصر 2030، لا سيما محور "المعرفة والابتكار والبحث العلمي" ضمن البعد الاقتصادي للرؤية، بما يُسهم في التحول نحو اقتصاد معرفي قائم على التكنولوجيا والابتكار عالي القيمة. وشدد على أهمية تعزيز الحوكمة المؤسسية والتشريعية للابتكار، من خلال تفعيل الإطار القانوني والتنظيمي، مثل قانون حوافز الابتكار رقم (23)، والسياسة الوطنية للابتكار المستدام، مؤكدًا أن تشكيل المجلس الأعلى للابتكار برئاسة رئيس الجمهورية يمثل خطوة مفصلية نحو بناء منظومة فعالة ومستدامة للابتكار. وأضاف أن تحقيق الاستدامة الحقيقية للابتكار يتطلب بناء مؤسسات قوية ترتكز على النُظم لا الأفراد، لضمان استمرارية السياسات والمبادرات رغم تغير القيادات، مشيرًا إلى أن الابتكار لا يقتصر على المجال التكنولوجي فقط، بل يشمل أيضًا نماذج الأعمال المستدامة والابتكار الاجتماعي والبيئي. وتناول العربي أهمية تبنى مبدأ الشمولية بدمج الشباب والجامعات الإقليمية في منظومة الابتكار، باعتبار ذلك ضمانًا للعدالة المعرفية والتنمية المتوازنة، مؤكدًا كذلك على ضرورة مراعاة البعد النوعي وسد الفجوة بين الجنسين من خلال سياسات أكثر حساسية للنوع الاجتماعي، بما يشجع المرأة على المشاركة في مجالات البحث والابتكار. واختتم العربي حديثه بالتأكيد على أهمية تعزيز التمويل العام والخاص لمنظومة الابتكار، مشيرًا إلى أن التجارب الدولية أثبتت أن القطاع الخاص هو الشريك الرئيسي في تمويل البحث والتطوير، ما يستلزم تهيئة بيئة مواتية ومحفزة للاستثمار الخاص، إلى جانب زيادة الإنفاق الحكومي بما يفوق الحد الدستوري. شهد المؤتمر مشاركة الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، ورئيس مجلس إدارة المعهد، إلى جانب نخبة رفيعة المستوى من صُنّاع السياسات ومتخذي القرار والشخصيات العامة، وعدد من الخبراء والأكاديميين من الوزارات والجامعات المصرية، وممثلي المنظمات الدولية والإقليمية المعنية بالابتكار والبحث العلمي.