في أعقاب اتساع رقعة الاحتجاجات بالعاصمة طرابلس واستقالة عدد من الوزراء من حكومة عبدالحميد الدبيبة، بدأ مجلس النواب الليبي أولى خطواته العملية لتشكيل أخرى جديدة. ففي بيان رسمي صادر عن المجلس، قال البرلمان إن حكومة الدبيبة «قد سقطت فعليًا منذ ثلاث سنوات بقرار سحب الثقة، واليوم أسقطها الشعب الليبي في الشارع»، واصفًا إياها بأنها أصبحت «والعدم سواء». يأتي هذا التطور عقب استقالات جماعية في صفوف حكومة الوحدة الوطنية (ومقرها طرابلس)، وسط تصاعد خطير في الأوضاع الأمنية بالعاصمة خلال الأيام الماضية، نتيجة اشتباكات عنيفة أسفرت عن سقوط ضحايا مدنيين ودمار واسع في البنية التحتية، بالتزامن مع مظاهرات شعبية غاضبة تطالب بإسقاط الحكومة المنتهية ولايتها. وأدان مجلس النواب ما وصفه ب«القمع العنيف» للمتظاهرين السلميين، مشيرًا إلى أن مجموعات مسلحة تابعة لحكومة الدبيبة فتحت النار على المحتجين، رغم التحذيرات الصادرة مسبقًا عن البرلمان وبعثة الأممالمتحدة. ودعا المجلس الأجهزة الأمنية في طرابلس إلى حماية المتظاهرين وضمان حق الليبيين في التعبير السلمي عن مطالبهم. وأعلن مجلس النواب عن تشكيل لجنة مشتركة مع المجلس الأعلى للدولة لاختيار رئيس وزراء جديد. وتضم اللجنة ثمانية أعضاء بواقع أربعة من كل طرف، مهمتهم مراجعة ملفات المرشحين وفرزها. وفي خطوة لافتة لتعزيز الشفافية، أحال البرلمان ملفات 11 مرشحًا إلى النائب العام للتأكد من استيفائهم الشروط القانونية، تمهيدًا لعرضهم على البرلمان للبت النهائي. وشملت قائمة المرشحين أسماء بارزة تمثل تنوعًا جغرافيًا وسياسيًا، بينهم: سلامة إبراهيم الغويل وزير دولة سابق للشؤون الاقتصادية عصام محمد أبوزريبة وزير الداخلية الحالي بالحكومة الليبية عبدالحكيم على بعيو رجل أعمال من مصراتة ومرشح رئاسي سابق فضيل محمد الأمين مرشح رئاسي سابق من بنغازي محمد أحمد المزوغي سياسي واقتصادي بارز محمد عبداللطيف المنتصر رجل أعمال من مصراتة إلى جانب مرشحين من خلفيات طبية، إدارية، ورياضية ووجّه رئيس مجلس النواب، المستشار عقيلة صالح، رسالة رسمية إلى بعثة الأممالمتحدة للدعم في ليبيا، دعا فيها إلى دعم جهود البرلمان في تشكيل حكومة جديدة بالتنسيق مع مجلس الدولة، مطالبًا بإيفاد مبعوث أممي لحضور عملية فرز ملفات المرشحين. وأكد المجلس أن هذه الخطوة تحظى بدعم اللجنة الاستشارية التابعة للبعثة الأممية، في مؤشر على انفتاح دولي تجاه مرحلة ما بعد الدبيبة. فيما حدد مجلس النواب مهام الحكومة القادمة في عدد من الأهداف الأساسية، أبرزها: توفير بيئة آمنة لإجراء الانتخابات وبسط سلطة الدولة على كامل الأراضي الليبية وتقديم الدعم الإداري والمالي للمفوضية الوطنية العليا للانتخابات والالتزام بالأطر التشريعية والسياسية للمرحلة الانتقالية مع الحفاظ على المال العام وعدم الدخول في التزامات دولية طويلة الأمد. وحسب المقترح البرلماني يتم تحديد مدة ولاية الحكومة الانتقالية ب24 شهرًا على أن تبدأ الاستعدادات للانتخابات قبل ثمانية أشهر من نهاية هذه الفترة.