«حركة رفض» للمؤثرين على السوشيال ميديا

تشهد منصات التواصل الاجتماعى تحولًا لافتًا مع تصاعد حركة جديدة تهدف إلى مواجهة هيمنة المؤثرين وما يروجونه من منتجات، سواء كانت للعناية الشخصية، الطعام، الأدوات المنزلية، أو حتى التكنولوجيا والموضة.
ومع بداية عام 2023، برزت حركة رافضة لثقافة المؤثرين التقليدية، ووجدت صدى واسعًا على منصة «تيك توك»، حيث تجاوز هاشتاج «#deinfluencing» مليار مشاهدة، إلى جانب وسوم أخرى مثل «نقص الاستهلاك الأساسى» و«المستهلك الواعى».
وبات المستخدمون يركزون على رسائل توعوية مثل «الموضة السريعة لن تجعلك أنيقًا» و«الاستهلاك الواعى هو الاستهلاك الحقيقى»، للتصدى لممارسات الشراء غير المدروس التى يروج لها المؤثرون، وأصبحت ثقافة «المشتريات» التى انتشرت على «يوتيوب» نموذجًا شائعًا بين المؤثرين الذين يستعرضون منتجاتهم أمام ملايين المتابعين، بدءًا من السلع اليومية وحتى الاستعداد للمناسبات الكبرى كالأعياد ومواسم الدراسة. ومع ذلك، بدأ البعض ينظر لهذا النوع من المحتوى على أنه إثارة موجهة للغضب بهدف جذب المشاهدات، مما زاد من الدعوات لإعادة تقييم دور المؤثرين وتأثيرهم على السلوك الاستهلاكى.
ومع تزايد المطالبات باتباع نهج أكثر وعيًا بالإنفاق، ظهرت أصوات تدعو لتغيير ثقافة الاستهلاك، مثل المؤثرة كريستينا ميكاسكيو من تورنتو. وعبر منصاتها على «يوتيوب»، «تيك توك»، و«إنستجرام»، تشارك كريستينا نصائح عملية لمساعدة الآخرين على تحقيق رضا أكبر عن حياتهم دون الوقوع فى دوامة الإنفاق غير الضرورى، وتنصح متابعيها «بالتسوق من خزانة ملابسهم» أولًا قبل التوجه للشراء، مشددة على أهمية استخدام ما هو متاح بالفعل بدلًا من الانسياق وراء الإعلانات المضللة.
وفى حديث لها مع «بى بى سى»، سلطت كريستينا الضوء على الضغط الذى يشعر به الكثيرون نتيجة الإعلانات المستمرة وخيبة الأمل الناتجة عن المنتجات التى لا تلبى التوقعات. وتشير تقديرات عام 2023 إلى أن حجم صناعة تسويق المؤثرين بلغ 21.1 مليار دولار، أى ضعف قيمتها مقارنة بعام 2019. وفى الوقت ذاته، يتم إنتاج أكثر من 100 مليار قطعة ملابس سنويًا على مستوى العالم، ينتهى أكثر من نصفها فى مكبات النفايات خلال عام واحد، ويتم تصدير كميات كبيرة من الملابس غير المرغوب فيها إلى الدول الإفريقية والآسيوية، مما يفاقم من مشكلات التلوث البيئى ويزيد من المخاطر الصحية.
وقبل نحو قرن، كانت النساء تمتلك حوالى 60 قطعة ملابس فقط، ويشترين خمس قطع جديدة سنويًا، وكانت هذه البساطة تعكس نمط حياة يعتمد على الجودة والاختيار الدقيق، واليوم هناك دعوات متزايدة لاعتماد أسلوب مشابه يقوم على شراء ما يتناسب مع الذوق الشخصى بعيدًا عن صيحات الموضة السريعة وتأثيرات المؤثرين، الذين يروجون غالبًا لأسلوب حياة لا يتطابق مع احتياجات جمهورهم.
ومن الضرورى تعزيز ثقافة الشراء الواعى، التى تعتمد على اتخاذ قرارات مدروسة ومناسبة للاحتياجات الفردية، بدلًا من الانجراف خلف حملات الترويج والإعلانات، فرغم التأثير الكبير للمؤثرين تظل القوة الحقيقية فى يد المستهلكين لتحديد أولوياتهم والابتعاد عن الاستهلاك المفرط.