ذكرت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الشهري عن سوق النفط، أن الطلب العالمي على النفط سيكون أقل من المعروض بأكثر من مليون برميل يوميا في 2025، حتى لو ظلت تخفيضات مجموعة أوبك+ سارية. وأبقت الوكالة على توقعاتها لنمو الطلب على النفط لعام 2025 دون تعديل كبير مقارنة بالشهر السابق، إذ توقعت أن يشهد الطلب على النفط زيادة قدرها 990 ألف برميل يوميا في العام المقبل بحسب ما ذكرت وكالة رويترز. ولا يزال تراجع الطلب في الصين يؤثر على نمو الطلب العالمي على النفط، وأشارت الوكالة إلى أن استهلاك النفط في الصين خلال الربع الثالث كان أقل بنحو 270 ألف برميل يوميا مقارنة بالفترة نفسها من عام 2023، بعد 6 أشهر متتالية من الانخفاض حتى شهر سبتمبر. وأجرت الوكالة تعديلا طفيفا بالرفع لتوقعاتها لنمو الطلب على النفط لعام 2024، بزيادة 60 ألف برميل يوميا مقارنة بالشهر السابق، ليصبح الإجمالي 920 ألف برميل يوميا. ويرجع التعديل إلى ارتفاع الطلب على زيت الغاز بشكل أكبر من المتوقع في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بالربع الثالث. وأوضح الدكتور أحمد سلطان، خبير شؤون النفط والطاقة في المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن أسعار النفط في عام 2025 ستواجه تحديات كبيرة، أبرزها التوترات الجيوسياسية التي قد تتسبب في انقطاع الإمدادات، بجانب مخاوف من تراجع الطلب العالمي والسياسات النفطية الأمريكية الجديدة تحت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وأشار إلى أن هناك مخاطر كبيرة تهدد العرض، وأن تحقيق توازن أكثر مرونة يمكن أن يوفر الاستقرار الذي يحتاجه السوق بشدة، خاصة في ضوء التأثيرات الممتدة لجائحة كوفيد-19، وحرب روسيا وأوكرانيا، إضافة إلى الاضطرابات المتزايدة في منطقة الشرق الأوسط والتهديدات المباشرة لإمدادات النفط الخام من مصادر رئيسية. وأضاف سلطان، في تصريحات خاصة ل«المصري اليوم»، أن المخاطر الجيوسياسية تسهم في خلق حالة من عدم اليقين بشأن الإمدادات، مشيرًا إلى وجود ثلاث قضايا رئيسية ومؤثرة على الأسواق النفطية في عام 2025، وهي استمرار الحرب في غزة وتوترات الشرق الأوسط، الصراع بين روسيا وأوكرانيا، وفوز دونالد ترامب بالانتخابات الأمريكية، الأمر الذي قد يؤدي إلى تشديد العقوبات على إيران وفنزويلا. وتوقع سلطان أن تتراوح أسعار النفط بين 70 و85 دولارًا للبرميل خلال عام 2025، وسط استمرار حالة عدم اليقين بشأن العرض. ولفت إلى أن الأسعار الحالية تُعتبر منخفضة بالنظر إلى الضغوط الجيوسياسية والاقتصادية العالمية، ما يعني أنها في الظروف الطبيعية ستكون أعلى بنحو 15 دولارًا للبرميل. وأوضح أن أسعار النفط تتأثر بشكل كبير بالصراعات والاضطرابات الجيوسياسية. وقال سلطان أن توقعاته لتحالف أوبك+ مبينًا على أن السوق النفطي في عام 2025 سيكون في وضع جيد للتحالف، خصوصًا مع قوة المعروض من الدول غير الأعضاء في أوبك، الذي قد يخلق فائضًا كبيرًا في السوق. وذكر أن استمرار التحالف في كبح الإنتاج للحفاظ على الأسعار مرتفعة يعد خطوة مشجعة. وحتى في حال مواصلة أوبك+ تطبيق سياسة التعاون وتقييد الإنتاج خلال 2025، فإنه من المتوقع أن تشهد الأسواق فائضًا في المعروض، خاصة مع ضعف نمو الطلب وارتفاع الإنتاج من الولاياتالمتحدة وكندا وغيانا والبرازيل. وأشار إلى أن وكالة الطاقة الدولية تتوقع نموًا في الطلب على النفط الخام بمقدار 921 ألف برميل يوميًا خلال العام الجاري 2024، مقارنة بتوقعات سابقة عند 862 ألف برميل يوميًا. وبحلول نهاية العام الحالي، من المتوقع أن يصل الطلب العالمي إلى 102.8 مليون برميل يوميًا، بينما سيبلغ حوالي 103.8 مليون برميل يوميًا بحلول نهاية 2025. كما أبقت الوكالة على توقعات نمو الطلب للعام المقبل 2025 عند نحو مليون برميل يوميًا دون تغيير. وأوضح سلطان أن الأسواق النفطية ستشهد فائضًا في المعروض بنحو مليون برميل يوميًا خلال العام المقبل، مع تباطؤ نمو الطلب في الصين، بسبب انتهاء الطفرة النفطية بعد جائحة كورونا وضعف الأداء الاقتصادي العالمي، إلى جانب الاعتماد المتزايد على تقنيات الطاقة النظيفة والمتجددة. وتوقع أن يتباطأ نمو الطلب على النفط، في حين ستنمو الإمدادات من الولاياتالمتحدة والبرازيل وكندا وغيانا بمقدار 1.5 مليون برميل يوميًا خلال العامين الجاري والمقبل، ما يعني أن الإمدادات العالمية ستتجاوز الطلب حتى لو توقف تحالف أوبك+ عن تقييد الإنتاج. وأضاف أن سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ستكون عاملًا مؤثرًا في الأسواق خلال العام المقبل، موضحًا أن تعيينات المسؤولين في إدارة ترامب المقبلة تشير إلى موقف متشدد تجاه إيران وفنزويلا، ما يهدد بخفض صادرات وإنتاج النفط في البلدين حال فرض عقوبات جديدة. وأشار إلى أن الصين تعتمد بشكل كبير على النفط الإيراني الرخيص، الذي يشكل 14% من واردات أكبر مستورد للنفط في العالم، وأن تشديد العقوبات من قِبل ترامب، حال عودته لرئاسة الولاياتالمتحدة في يناير 2025، سيؤثر بشكل كبير. وأكد سلطان أن أسواق النفط العالمية تعاني من عدم استقرار منذ بداية العام الحالي، وأن الأحداث في غزة أضافت مسارًا جديدًا لأسعار النفط والمشهد النفطي العالمي، ما تسبب في صعود وهبوط الأسعار. وأوضح أن استقرار أسعار النفط وأمن الطاقة مرتبطان بالتطورات السياسية والجيوستراتيجية المقبلة في الشرق الأوسط خلال 2025، ما سيؤثر بدوره على الإنتاج، الاستخراج، والتصدير للمنتجات والمشتقات النفطية.