حقائق مرعبة.. تفاقم أزمة الملاريا في إفريقيا وسبل الوقاية

تعيش إثيوبيا أزمة صحية حادة مع تفاقم حالات الملاريا، حيث سُجلت 7.3 مليون حالة إصابة وأكثر من 1،100 حالة وفاة في الفترة بين 1 يناير و20 أكتوبر 2024. تُعد الملاريا مرضًا رئيسيًا يهدد حياة ملايين الإثيوبيين، وخاصة في المناطق النائية التي تفتقر إلى الخدمات الصحية الضرورية. وتزداد الصعوبات مع انتشار النزاعات الأهلية التي تعرقل الوصول إلى العلاجات وتزيد من انتشار الأمراض، مما يجعل من مكافحة الملاريا تحديًا ملحًّا يتطلب جهودًا محلية ودولية متضافرة.
أشارت منظمة الصحة العالمية في تقرير صادر عام 2022 إلى أن القارة الإفريقية تتحمل حوالي 94% من إجمالي حالات الإصابة بالملاريا عالميًا، مع تسجيل 233 مليون حالة و580 ألف وفاة. ويمثل الأطفال دون سن الخامسة حوالي 78% من الوفيات، مما يجعلهم الفئة الأكثر تأثرًا في إفريقيا. تتفاقم الأزمة بفعل عوامل مثل المناخ الحار والرطب، وانتشار المستنقعات، وقلة الموارد اللازمة لمكافحة المرض، مما يفرض تحديات ضخمة على نظم الرعاية الصحية الضعيفة في العديد من الدول الإفريقية.
قالت منظمة الصحة العالمية أن أعراض الملاريا تتراوح من خفيفة إلى شديدة. وتشمل الأعراض الخفيفة الحمى، والصداع، والرعشة، في حين يمكن أن تتطور الحالات الشديدة إلى الإرهاق الشديد، والتخليط الذهني، والنوبات، وصعوبة التنفس. ويعد الأطفال الصغار، والحوامل، والمصابون بفيروس نقص المناعة، والسكان في المناطق النائية الأكثر عرضة للإصابة بالملاريا الشديدة. تظل الوقاية الوسيلة الأولى للتصدي للمرض، وتوصي منظمة الصحة باستخدام الناموسيات المعالجة بالمبيدات، واتباع التدابير الوقائية مثل ارتداء الملابس الواقية وتجنب لدغات البعوض.
بحسب أحدث إحصاءات منظمة الصحة العالمية، بلغ عدد حالات الملاريا عالميًا 249 مليون حالة في 2022، مقارنةً ب 244 مليون حالة في 2021، فيما تسببت الملاريا في وفاة 608 آلاف شخص في 2022. تتصدر نيجيريا، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وأوغندا، وموزمبيق قائمة الدول الأكثر تسجيلًا للوفيات الناجمة عن المرض، حيث تحصد هذه الدول مجتمعة أكثر من نصف الوفيات العالمية.
تواصل منظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومات المحلية والشركاء الدوليين، مكافحة الملاريا من خلال تعزيز توفير الناموسيات، وتطوير لقاحات جديدة، وتقديم العلاج المبكر للمصابين. تتضمن استراتيجيات الوقاية مكافحة الناقلات باستخدام الناموسيات المعالجة بمبيدات الحشرات والرش الموضعي للمبيدات في المنازل. مع ذلك، تواجه الجهود تحديات كبيرة، مثل مقاومة الأدوية المستخدمة في علاج الملاريا وظهور مقاومة المبيدات الحشرية لدى البعوض، مما يعيق الجهود المبذولة.
يشكل اللقاح RTS،S ضد الملاريا تقدمًا مهمًا في مكافحة المرض، إذ أظهرت التجارب السريرية فعاليته في تقليل خطر الإصابة بالملاريا بنسبة تتجاوز 30%. بدأت العديد من الدول الإفريقية في تطبيق اللقاح على نطاق واسع كجزء من برامجها الوطنية لمكافحة الملاريا، ما يشير إلى إمكانية تقليل نسبة الإصابات وتحقيق نتائج إيجابية.
وضعت منظمة الصحة العالمية استراتيجية تقنية عالمية لمكافحة الملاريا للفترة 2016-2030، تتضمن أهدافًا طموحة تتطلب تضافر الجهود، تتمثل في الحد من معدل الإصابة بالملاريا بنسبة 90% على الأقل بحلول عام 2030، وتقليل معدلات الوفيات بنسبة 90% على الأقل بحلول عام 2030، والقضاء على الملاريا في 35 بلدًا على الأقل بحلول عام 2030.
تتطلب مكافحة الملاريا رؤية جماعية، حيث تقف إثيوبيا وأفريقيا أمام تحدٍّ هائل للقضاء على هذا الوباء. وتواصل منظمة الصحة العالمية دعمها للدول المتضررة من خلال تقديم استراتيجيات فعالة، وتطوير أبحاث لابتكار علاجات متطورة، وإجراءات وقائية. تعد مكافحة الملاريا جزءًا من جهود أكبر لتقديم رعاية صحية شاملة للمجتمعات الضعيفة والمهمشة في إفريقيا وحول العالم.