يقترب مهرجان الجونة السينمائى الدولى من ختام فعاليات دورته السابعة، والتى يسدل الستار عليها غدا، وشهدت فعاليات الدورة عقد ندوة مع صناع فيلم «السلم والثعبان»، بعد 23 عاما من عرضه فى السينمات المصرية والعربية، بمشاركة بطلة الفيلم حلا شيحة، ومنتج ومؤلف الفيلم محمد حفظى، والمخرج طارق العريان، مؤلف الموسيقى التصويرية هشام نزيه، أدارها الناقد أندرو محسن. وتحدثت الفنانة حلا شيحة عن ذكرياتها مع الفيلم: كواليس تصوير الفيلم كانت أفضل ذكريات عشتها فى حياتى، أعتقد أن سر نجاحه حتى الآن هو المصداقية ومنح الأبطال مساحة من الارتجال بعفوية، مما يخدم السيناريو، طارق العريان أتذكر أنه لا يتحدث كثيرًا داخل اللوكيشن، يترك الممثل مساحة للإبداع فى الإطار المتاح، لكنه ساعدنى كثيرًا، كان عمرى تقريبًا 20 سنة وقتها، ولم أكن أمتلك الخبرة الكافية، كان يجلس معى قبل كل مشهد ويدخلنى فى الحكاية، وكنت محظوظة بشخصية ياسمين جدًا، لأنها تشبهنى فى بعض المناحى، ليست فتاة عادية، قوية، تلعب تانجو، راسمة طريقها، من خلال قصة واقعية جداً، ومن أهم عوامل نجاح الفيلم أيضًا ديكوراته، كل بيت لكل شخصية حرص طارق أن يكون شبه كل شخصية، ليعكس تنوع الشخصيات فى الفيلم. وأضافت حلا شيحة: فيلم «السلم والثعبان» وصل للجمهور وعاش مع الناس 23 سنة، حفظى وطارق تشاركا فى كتابة سيناريو يمس الناس، يشبه قصص الحب من واقع الحياة، وقتها اتهم بأنه جرىء من صناعه كونه يعتمد على شباب جدد، يطرح قضية تتحدث عن حب بهذا الشكل، تلك الصورة كانت تابوه فى ذلك الوقت. وأوضحت: من الأمور التى لا أنساها أن طارق العريان طلب منى التدخين فى مشهد وأنا غير مدخنة على المستوى الشخصى، كان مهتما بالتفاصيل، بعمق، وأهم ما فى هذه التجربة أن فيها إسقاطا على ظاهرة نعيشها الآن بقوة بعد ارتفاع نسبة الطلاق وقد يكون ذلك سبباً فى استمرار الفيلم ونجاحه حتى الآن. وتابعت: عندى مشكلة منذ أن كنت صغيرة، أبحث عن الاختلاف عن غيرى، وبعدما دخلت كرير التمثيل كنت أريد ألا أكون تقليدية، وفى الحقيقة أنا عاشقة للرقص والرسم، وحبيت ياسمين لأنها ترقص تانجو، كانت شبهى. وقال المنتج محمد حفظى: كتبنا السيناريو فى عامين تقريباً أنا وطارق، الغريب مع عرضه فى دور العرض لم يحقق النجاح التجارى الذى تمنيناه، عرض فى نفس توقيت أيام السادات فى موسم الصيف وقتها، ولأنه فيلم ذو طابع خاص وليس نخبويا، إيراداته جاءت محبطة جدًا بالنسبة لنا، عكس رد الفعل من جانب النقاد والإعلام كان إيجابيا جدًا. وأشارت: مع مرور السنوات ظل فيلم السلم والثعبان يحقق نجاحا ومشاهدة كبيرة، ارتبط به الناس، كنت فخورا بتفاعل جيل التسعينيات مع عرض الفيلم فى مهرجان الجونة، استطاع تجاوز اختبار الزمن. وتابع: عمرو دياب كان متحمسا وكان ممكن يكون بطل الفيلم، لكن حماسه استمر لمدة أسبوع تقريباً، أدين بالفضل لطارق العريان وهو السبب فى دخولى عالم صناعة السينما، طارق دؤوب على الورق بشكل غير عاد، لا يتعجل، ممكن يستمر فى العمل على السيناريو سنوات طويلة، حمسنى وآمن بحبى للسينما بعد لقاء جمعنا صدفة على طائرة متجهة إلى لندن، أنا فى النهاية درست هندسة وكنت عاشقا للسينما، اختبرنى وقتها وعرضت عليه سيناريو، وهو من عرض على أن أعمل معه فى سيناريو السلم والثعبان. وأكد محمد حفظى: قصة الفيلم كانت تتناول الشاب الذى يبحث عن الحب والعمل لكنه لا يعرف الالتزام، ناقشنا كيف تفهم الدنيا، وتكون رجلا مسؤولا، وتتحمل اختياراتك وتعرف هتوديك لفين. وأكد المنتج والمخرج طارق العريان: تيمة الفيلم هى الحب، ولهذا السبب عاش وسوف يظل يعيش، المصداقية والرومانسية حقيقية، عمل بسيط وتم تنفيذه بشكل عفوى، بروح الارتجال، وكان ثالثة تجاربى فى السينما بعد الإمبراطور والباشا، وأنتجته على نفقتى، وشاركنى علاء الخواجة، الشركة العربية وأشكره على دعمى جدًا. وأوضح طارق العريان: أفكر دائمًا بشكل تجارى، عدت من أمريكا وقررت تقديم قصة جديدة وتنجح من خلال عمل رومانسى، أنا وحفظى كتبنا الفيلم بالإنجليزى فى البداية، وأرسلناه للسقا وأكثر من ممثل، وترجمناه للعربية، لم يتشجع له أحد، كانوا بيقولوا المكتوب اسكتشات، فين الفيلم؟، كنا مؤمنين أن بساطة القصة سينتج عنها تفاصيل وعواطف تؤثر فى الناس، عانينا حتى نصل لأبطاله حتى استقررنا على هانى سلامة وحلا شيحة. وأشار: الصدفة جعلت هشام نزيه يؤلف موسيقى الفيلم، اتقابلنا وتحدثنا فى مواضيع كثيرة، فى سهرة، وكنت أسمع عنه بأنه صاحب موهبة. وتابع: من الكواليس التى لا أنساها، مع أول يوم تصوير اكتشفنا أن شخصية حازم تايهة، وفى طريق سفرنا للغردقة للتصوير غيرنا أنا وحفظى 90 مشهدا، وألغينا فكرة الغردقة وسهرنا طول الليل، والممثلون زعلوا وقتها خاصة أحمد حلمى، وتصوير الفيلم استمر 11 أسبوعا ونصف الأسبوع. وتحدث الموسيقار هشام نزيه: معايير نجاح أو فشل أى فيلم غير معلومة، أتصور أنه كلما كانت الفكرة غير مرتبطة بالزمن كانت فرصة السفر إلى أزمنة أخرى أكبر، وفيلم السلم والثعبان إذا شاهدته لن تشعر أنه قديم، كلما كان الفيلم معتمدا على قصته فقط يستطيع أن يعيش، السلم والثعبان تناول قصة حب والحب عابر للزمن، فى إطار من الشقاوة وخفة الدم والصياعة بين الشباب، حواديت الحب كلنا نحب نسمعها، طريقة صناعة السلم والثعبان وقتها كانت متقدمة جدا كصناعة، على مستوى الديكورات والأوان، شكل الممثلين، ديكورات، حتى البوستر، التطور كان كبيرا جداً فى تلك المناحى منحه دفعة وظل يعيش ويشاهده الناس كفيلم متقدم معمول حلو. وتابع طارق العريان: دخل فى حياتنا نجم، وأتذكر أنه ساعدنى وتقبل فكرة أن أتخلى عن المستلزمات التقليدية للموسيقى التصويرية، وأن أقدمها بأسلوب تعبير معين، وأخذت وقتا طويلا حتى انتهى من الموسيقى، وطارق طلب منى درجة انفعالات معينة، وموسيقى جديدة ومختلفة، من ضمنها أجزاء تانجو، الفيلم ضم 3 أغانى ونص، وسجلنا وقتها 12 أغنية حتى نختار من بينها. كانت فعاليات المهرجان قد شهدت أيضا جلسة نقاشية تحت عنوان «رحلتان للفيلم الوثائقى»، بمشاركة صانع الأفلام محمد صيام، وإمانويل شيكون Programmer »Visions du Reel«، وكريستوف موبرجر Deputy Managing Director EFP، والمنتجة وصانعة الأفلام مى عودة، وأدارت النقاش الناقدة علا سلوى. وكشف محمد صيام عن التحديات التى تواجه صناع الأفلام الوثائقية وقال: إخراج هذه النوعية يمكن تشبيهه بمسار ماراثونى قد يمتد من عام إلى 10 سنوات، وهناك اختلاف كبير بين الفيلم الوثائقى والروائى الطويل، كونه يتطلب صبراً وتعديلات مستمرة، حتى الوصول إلى المنتج النهائى. وأبرز«صيام» أهمية اختيار الشخصية الرئيسية لتلك الأعمال، ويجب أن تتوافر الثقة فى تفاصيل قصتها، والبحث عن خيوط تجعل القصة غنية ومؤثرة، ورغم أن العملية قد تستغرق سنوات، إلا أن تحديد الوقت المتوقع للتصوير يعد خطوة حاسمة. وأكدت المخرجة هالة جلال أن المخرج يحتاج إلى رؤية واضحة وثقة فى أفكاره، بعيدًا عن تأثير المجتمع، ورأيى أن صانع الفيلم الوثائقى يجب أن يمثل صوته ورأيه الشخصى، مما يمنحه الفرصة للتفرد فى ظل الاختلاف الإعلامى. وشددت على أهمية أن تسعى المهرجانات إلى البحث عن الأفلام الملهمة التى تتحدى الأفكار الراسخة والتقليدية، وإن كانت المنصات الرقمية قد سهلت الوصول إلى الجمهور، إلا أن ما يميز المهرجانات اليوم هو الفعاليات النقاشية مثل CineGouna. وتحدثت مى عودة عن أهمية منح الفيلم الوثائقى الوقت الكافى للنضوج، حتى لو استدعى الأمر تغيير الهدف الأساسى، واستندت إلى تجربتها الخاصة، حيث واجهت تحدياً عندما بدأت الشخصية الرئيسية فى تغيير مسار حياتها، مما جعلها تعيد النظر فى القصة المطروحة، ومن الضرورة أيضًا أن يفهم منتج الفيلم السوق المستهدفة، وأن يضع استراتيجية واضحة لتقديم أفكاره بفاعلية. وأكد إيمانويل شيكون أن الأهم فى إخراج الفيلم الوثائقى هو بناء القصة مع خلق الفرصة للارتجال وهو الأمر الذى يعتبر تحديا رئيسيا لإقناع المنتجين بالقصة لتنفيذها على أرض الواقع. وتابع: على صانع الفيلم أن يركز فى خلق قصة فريدة والتأنى فى الانتهاء من العمل هو الأفضل، فليس من الضرورى أن تسرع فى عملية التنفيذ والإخراج لتكون مختارًا من المهرجانات السينمائية، لأن هذا يؤثر على جودة الفيلم، التوقيت مهم، لكن الصبر هو المفتاح. وأوضح كريستوف أن المهرجانات السينمائية مهمة فى التقارب بين صناع الأفلام وطرح أفكارهم ورؤاهم فى مكان واحد، فبعد الرحلة المليئة بالتحديات فى الإخراج، تصبح المشاركة فى المهرجانات فيها شيئا من التحدى. وأكد أنه من جهة صناعة الأفلام فى أوروبا وأمريكا الشمالية يهتمون بربط صناع الأفلام الشباب، من خلال البرامج الفردية، لمساعدتهم فى المشاركة فى المهرجانات الأوروبية.