حزب "الجبهة الوطنية" يطلق مؤتمرًا موسعًا لريادة الأعمال في بورسعيد    وزير التعليم يلتقي عددًا من الطلاب المصريين بجامعة كامبريدج    رئيس "حماية المستهلك": 550 موظفا بالجهاز لخدمة 110 ملايين مواطن    سعر الليمون والبصل والخضار في الأسواق اليوم الجمعة 30 مايو 2025    بالأسماء، وزير البترول يصدر حركة تكليفات وتنقلات لبعض رؤساء شركات القطاع    في 13 نقطة مفصلة، النص الكامل لمقترح ويتكوف بشأن وقف حرب غزة    أسامة كمال: 600 يوم من الإجرام الإسرائيلي وغزة لا تزال تتنفس وتكتب التاريخ بالدم    روسيا تتهم حليفتها صربيا بالخيانة لتوريدها الأسلحة إلى أوكرانيا    أوروبا تضغط على إسرائيل لوقف مجازر غزة    إمام عاشور: الخطيب قال لي اوع تعادي جمهور الزمالك وبعتذر للكابتن حسام حسن للمرة الرابعة    عضو مجلس الأهلي يتحدث عن.. إيرادات النادي.. أسعار تذاكر مونديال الأندية.. وحقيقة مفاوضات رونالدو    مفاجأة حول اعتزال شيكابالا وعودة طارق حامد للزمالك    الأهلي يوضح حقيقة خلاف حسام غالي مع الإدارة    إمام عاشور: بنتي لما شافتني بزعق عيطت وكنت عايزها تشاركني اللحظة السعيدة    موعد نتائج سنوات النقل للمرحلة الثانوية بالجيزة عبر بوابة التعليم الأساسي برقم الجلوس (روابط)    حالة الطقس اليوم الجمعة، شبورة مائية وأمطار على هذه المناطق    بالأسماء، إصابة 23 شخصا في انقلاب أتوبيس عمال وردية بمدينة السادات    جمعية المؤلفين والملحنين تحيل ملحنا إلى التحقيق بعد نشره بيانا مزورا ضد الفنان حسين الجسمي    حدث بالفن| حقيقة وفاة عادل إمام ونجمة تنشئ قناة دينية ورحيل فنانة معتزلة    هل يجوز الجمع بين نية صيام العشر من ذي الحجة وأيام قضاء رمضان؟    "الإفتاء توضح" بعد الجدل الدائر.. حكم صلاة الجمعة إذا وافقت يوم عيد؟    وزير الصحة: قصر العيني يستقبل أكثر من 2.5 مليون مريض سنويًا    إمام عاشور يكشف كواليس مشادته مع الأمن في احتفالية الدوري.. وحقيقة مطالبته بتعديل عقده    فلسطين.. قصف مدفعي على بلدة القرارة شمالي مدينة خان يونس    "مصر الخير" تطلق جائزة ريادة العطاء 2025 لمحور المياه النظيفة    عيار 21 الآن بعد الارتفاع العالمي.. أسعار الذهب اليوم الجمعة 30 مايو 2025 بالصاغة    انقلبت سيارته.. مصرع شاب في حادث سير بالوادي الجديد    ضبط 3431 أسطوانة غاز و1000 لتر سولار قبل بيعها في السوق السوداء بالبحيرة    إحالة 5 متهمين للمحاكمة الجنائية لاستدراجهم آخر وهتك عرضه    610 ساحة للصلاة وتشديدات صارمة للتصدي للمخالفات.. كيف استعدت «أوقاف الإسكندرية» ل عيد الأضحى المبارك؟    مصرع شاب صدمته سيارة والده بالخطأ في مدينة العاشر من رمضان بالشرقية    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية اليوم الجمعة 30 مايو 2025    ننشر استعدادات محافظ الإسماعيلية لاستقبال عيد الأضحى    4 أبراج «بيحبوا السيطرة».. قياديون يتمتعون بالكاريزما لكن ثقتهم الزائدة قد تتحول لغرور    ليلى علوي تحتفل بنجاح نجلها خالد في مشروع التخرج.. ماذا قالت؟    بعد إزالة الوشم.. أحمد سعد يصلي في غار حراء والمسجد النبوي (صور)    والدة إبراهيم شيكا: "عايزة كل قرش في ورث ابني ومراته بصمته في المستشفى"    الوكيل: شراكة قوية بين الحكومة والقطاع الخاص.. والقطاع الخاص يساهم بأكثر من 80% في الاقتصاد المصري    طاهر أبوزيد يطالب لاعبي الأهلي بتعطيل ميسي: «عنده 38 سنة»    نجم الأهلي: أفشة قالي إن هدفي هيجيب الدوري.. ومثلي الأعلى حسام غالي    الإمساك.. الأسباب الشائعة وطرق العلاج بوصفات طبيعية    تجاهل تنظيف منطقة في الأذن قد يعرض حياتك للخطر.. تحذير خاص لأصحاب «النظّارات»    متحدث الأوقاف: صكوك الأضاحى بدأ فى 2015 ووصلنا إلى 10 ملايين أسرة    بوتين: القرم عادت إلى روسيا باختيار شعبها    نابولي يعلن استمرار أنطونيو كونتى فى قيادة الفريق بالموسم المقبل    وكيل أوقاف الفيوم يشهد فعاليات كتاب مسجد على مفتاح.. صور    اعتماد برنامجي علم الحيوان والبيوتكنولوجي والبيئة البحرية بكلية علوم جامعة قناة السويس    باختصار.. أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. حماس: مقترح ويتكوف حول غزة لا يستجيب لمطالبنا.. 23 وفاة و1375 إصابة جديدة بالكوليرا فى السودان.. ولماذا غادر الملياردير إيلون ماسك إدارة دونالد ترامب    وزير الأشغال العامة الفلسطينى: نشكر مصر على دعمها للقضية الفلسطينية    «الإسعاف»| 123 سنة إنقاذ.. 3200 سيارة حديثة و186 مقعدا لاستقبال البلاغات يوميًا    المنوفية تُطلق جيلًا رقميًا جديدًا في وحدات الرعاية.. وتُنهي 96 دورة تدريبية    "مستقبل وطن" يستقبل وفدًا من السفارة الأمريكية بالقاهرة لتبادل الرؤى حول العلاقات الثنائية والقضايا الدولية    خالد الجندي: لا يصح انتهاء الحياة الزوجية بالفضائح والانهيار    الوزير محمد عبد اللطيف يلتقي عددا من الطلاب المصريين بجامعة كامبريدج.. ويؤكد: نماذج مشرفة للدولة المصرية بالخارج    رئيس جامعة بنها يتفقد سير الامتحانات بكلية الهندسة- صور    يوم توظيفي لذوي همم للعمل بإحدى شركات صناعة الأغذية بالإسكندرية    كل ما تريد معرفته عن سنن الأضحية وحكم حلق الشعر والأظافر للمضحي    جامعة حلوان تواصل تأهيل كوادرها الإدارية بدورة متقدمة في الإشراف والتواصل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى عيده الثانى والسبعين الفلاح بطل كل العصور.. تحديات جديدة

وقف إلى جوار النيل منذ آلاف السنين، مستفيدًا من فيضانه لزراعة محاصيل كانت أساس ازدهار الحضارة المصرية القديمة.
الفلاح المصرى رمز العطاء والشقاء المستمر منذ العصور الفرعونية حتى اليوم، تعاقبت عليه حكومات بعضها أنصفته وبعضها قهرته وفرضت عليه الضرائب والاحتكار.
ويوم 9 سبتمبر من كل عام، يحتفل المصريون بعيد الفلاح، الذى أطلقه الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، تكريمًا لدوره الحيوى فى بناء الحضارة المصرية، فعلى مر العصور ظل الفلاح المصرى العمود الفقرى للاقتصاد الزراعى، واستمر فى تقديم الغذاء ودعم الاقتصاد القومى، خاصة مع تطور الزراعة فى العصر الحديث. ورغم هذا الدور المحورى يواجه الفلاح اليوم العديد من التحديات فى السنوات الأخيرة، من ارتفاع أسعار البذور والأيدى العاملة والأسمدة، إلى درجة اختفائها فى بعض الأحيان، بجانب تأثير التغيرات المناخية على الزراعة، تلك التحديات تجعل الحياة اليومية للفلاح المصرى أكثر صعوبة، ويتعين عليه التأقلم مع ظروف مناخية غير مستقرة تؤثر على إنتاجية المحاصيل. وقد فتحت التقنيات الذكية بابًا جديدًا للفلاح لتحسين إنتاجيته وحياته. تقنيات الرى الحديثة، والآلات الزراعية المتطورة، فضلًا عن التطبيقات التى تساعده على متابعة جودة المحاصيل وإدارة الأرض بشكل أفضل- قدمت دفعة قوية للقطاع الزراعى المصرى؛ ما يعزز دوره فى إنعاش الاقتصاد الوطنى. ولطالما كانت حياة الفلاح ومشاكله مادة خصبة للدراما المصرية، حيث جسدت السينما والتلفزيون فى العديد من الأعمال التحديات التى يواجهها الفلاح.
فى مختلف أنحاء مصر، نحتفل اليوم بعيد الفلاح عبر فعاليات متنوعة، تشمل تكريم الفلاحين المتميزين، وإطلاق مبادرات تدعم القطاع الزراعى، لتؤكد الدولة والمجتمع على تقديرهما للدور العظيم الذى يلعبه الفلاح المصرى فى بناء الوطن.
أزمات تهدد مستقبل آلاف الأسر
التغيرات المناخية وارتفاع أسعار الأسمدة والتقاوى
يواجه الفلاح المصرى فى الآونة الأخيرة تحديات كثيرة تهدد مستقبل التى تعتمد على الزراعة، ومنها التغيرات المناخية، التى أصبحت أشد قسوة، وتزايد أسعار البذور والمبيدات بشكل غير مسبوق، بالإضافة إلى نقص الأسمدة والأيدى العاملة، حتى أصبحت الأعباء تتراكم على كاهل الفلاح. هذه الأزمات أدت إلى تراجع حاد فى إنتاجية المحاصيل الزراعية، وارتفاع ملحوظ فى أسعارها داخل الأسواق المحلية، ما يعكس واقعًا معقدًا، فى يوم يُفترض أن يكون احتفالًا بدور الفلاح المصرى فى دعم المجتمع وتنميته.
قال على إسماعيل، أحد المزارعين فى محافظة قنا، إن تغيرات المناخ وارتفاع درجات الحرارة تسببت فى خسائر كبيرة لمحصول الفول البلدى فى شهر نوفمبر الماضى، بعد أن وصلت درجات الحرارة إلى 40 درجة، قائلًا إن هناك تخوفًا كبيرًا لدى العديد من الفلاحين من زراعة الفول البلدى فى شهر أكتوبر المقبل. وأوضح أن محصول الفول يحتاج إلى طقس معتدل يميل إلى البرودة، وتتم زراعته عادةً فى أول أكتوبر، حيث تتراوح درجات الحرارة بين 18 و30 درجة، ولكن فى العام الماضى- ومن المتوقع هذا العام أيضًا- شهدت البلاد ارتفاعًا شديدًا فى درجات الحرارة وتأخر فصل الشتاء، ما تسبب فى موت حبوب اللقاح، وتأخر الإخصاب والعقد، وبالتالى تأثر الإنتاج بشكل كبير. وأضاف «إسماعيل» أن الارتفاع الشديد فى درجات الحرارة تسبب أيضًا فى زيادة أعداد الآفات الحشرية التى هاجمت محصول الطماطم، ما أدى إلى قلة الإنتاج وارتفاع سعره، كما أن تقلبات الطقس وارتفاع حركة الرياح المفاجئة أثرت سلبًا على محصولى البطيخ والخيار هذا العام، حيث قال: «عرش البطيخ والخيار ضعيف جدًّا، ويتحرك مع الرياح، فتتساقط أزهار الثمار فى مراحلها الأولى، وبالتالى انخفض المحصول، وارتفعت أسعاره هذا الموسم».
وكشف عبدالله كويلة، أحد المزارعين فى مطروح، أن التغيرات المناخية، وتغير فصل الشتاء العام الماضى إلى شهر ديسمبر بدلًا من أكتوبر، تسببت فى خسائر للمزارعين فى زراعة الشعير بسبب غياب الأمطار خلال شهرى أكتوبر ونوفمبر، ما أدى إلى تأخر زراعة الشعير، الذى كان موسمه يبدأ عادة من أول أكتوبر حتى مايو من كل عام. وأضاف «كويلة» أن التغيرات المناخية غيرت حياة الفلاح فى مطروح، موضحًا أن العام الماضى شهد تساقط الأمطار فى شهرى إبريل ومايو، بينما غابت فى شهرى أكتوبر ونوفمبر، وهو ما أربك حسابات الفلاحين فى زراعة الشعير، الذى يعتمد بنسبة 90٪ على الأمطار الشتوية و10٪ فقط على الآبار والمياه الجوفية.
من ناحية أخرى، كشف إسلام محمود، أحد مزارعى البطيخ فى محافظة البحيرة، أنه اضطر إلى التوقف عن زراعة البطيخ بشكل كامل بسبب ارتفاع أسعار البذور والمبيدات والأسمدة، وقال: «كانت الأرض التى ورثتها مصدر رزق لى ولعائلتى، لكن مع ارتفاع التكاليف، أصبح من الصعب الاستمرار فى زراعتها». وفى قرية أم الرضا بمحافظة دمياط، التى تُعرف بأنها من أشهر القرى فى زراعة البطيخ، يواجه الفلاحون صعوبات كبيرة فى تأمين المياه اللازمة للرى.
ويقول أشرف صبرة، مزارع: «نواجه نقصًا حادًّا فى مياه الرى، ومعظم المياه التى نستخدمها هى صرف صحى، ما يؤثر سلبًا على جودة المحصول».
فيما أكد حامد محمود، أحد الفلاحين فى دمياط: «نعانى فى المحافظة أيضًا نقصًا شديدًا فى اليد العاملة، بعد أن ترك عدد كبير من الشباب مهنة الزراعة، وهجروا إلى المدن للبحث عن وظائف أخرى، ما أثر على قدرتنا على جنى المحاصيل».
ويعانى الفلاحون ليس فقط ارتفاع أسعار الأسمدة، بل اختفاءها، حيث يكشف محمد عبداللطيف، أحد المزارعين، فى مركز العدوة بمحافظة المنيا، عن معاناته اليومية مع نقص الأسمدة، ويقول: «فى السابق، كنت أستطيع الحصول على خمس شكاير من الأسمدة لكل فدان، لكن الآن لا أحصل إلا على شيكارتين فقط، والأسعار ارتفعت بشكل كبير. شيكارة السماد التى كانت تكلفنى 310 جنيهات صارت الآن ب1300 جنيه، ما يجعل من الصعب علينا الاستمرار فى الزراعة».
وفى محافظة أسوان، يروى إبراهيم محمود قصته مع أزمة الأسمدة، قائلًا: «لم أعد أملك الأموال اللازمة لشراء الأسمدة، ما اضطرنى إلى تأجير أرضى، وزراعتها بالبرسيم بدلًا من المحاصيل الرئيسية». هذا التوجه لتأجير الأراضى يعكس مدى الضغوط التى يواجهها الفلاحون، الذين يتجهون إلى زراعات أقل تكلفة وأقل احتياجًا للأسمدة.
وأكد محمد السيد، أحد مزارعى قصب السكر فى جنوب الجيزة، قائلًا: «لم أحصل على حصتى الكاملة من السماد هذا الموسم، ما أدى إلى انخفاض إنتاجية مزرعتى من 60 طنًّا إلى 30 طنًّا. الآن، أفكر فى استخدام الملح بديلًا للسماد، ولكن ذلك ليس حلًّا مثاليًّا».
وأوضح كارم غانم، وكيل أول نقابة الفلاحين، أن أزمة الأسمدة تنعكس بشكل سلبى على المزارعين بسبب التلاعب فى توزيع الأسمدة من قِبَل الجمعيات الزراعية، حيث يتم تخصيص كميات أكبر لبعض الأفراد على حساب الآخرين، ما يؤدى إلى نقص حاد فى التوريدات للفلاحين. وأشار «كارم» إلى أن الأسمدة التى تصل إلى السوق تتجاوز أسعارها الألف ومائة جنيه للشيكارة، وهو ما يعكس ارتفاعًا كبيرًا مقارنة بالأسعار السابقة، بالإضافة إلى ذلك، تواجه الجمعيات الزراعية صعوبات فى توزيع الأسمدة بسبب نقص الموارد البشرية، وعدم كفاية الإشراف على عمليات التوزيع.
خيرات مصر
من الأرض إلى الأسواق العالمية
يُعتبر الفلاح العمود الفقرى للاقتصاد الزراعى فى مصر، فهو العنصر الرئيس فى تحقيق الأمن الغذائى، ويلعب دورًا حيويًّا فى إنعاش الاقتصاد الوطنى، خاصة مع تصاعد الأزمات العالمية مثل ارتفاع أسعار الطاقة، والتحديات الاقتصادية المرتبطة بحرب روسيا وأوكرانيا، وأصبح من الضرورى تعزيز مكانة الفلاح من خلال تمكينه ودعمه، بهدف رفع الإنتاجية وتطوير القطاع الزراعى لمواجهة التحديات العالمية والمحلية.
ويشكل القطاع الزراعى نحو 11٪ من الناتج المحلى الإجمالى، ويعمل فيه 35٪ من القوى العاملة، ما يجعله قطاعًا محوريًّا فى الاقتصاد المصرى، ومصدرًا للإنتاج الغذائى، حيث يزرع نحو 9.9 مليون فدان من الأراضى، منها 6 ملايين فدان من الأراضى القديمة، تنتج 80٪ من احتياجات البلاد من المحاصيل الأساسية، ورغم ذلك، لا يزال القطاع الزراعى يواجه تحديات كبيرة، مثل الاعتماد على استيراد القمح والذرة، ما يشكل عبئًا ماليًّا ضخمًا على الاقتصاد المصرى.
وقال الدكتور شعبان سالم، أستاذ الاقتصاد الزراعى، إنه منذ صدور قانون الإصلاح الزراعى، شهد الفلاح المصرى تحسنًا كبيرًا فى وضعه الاجتماعى والاقتصادى، وأصبح العديد من الفلاحين مُلّاكًا للأراضى التى يزرعونها، موضحًا أن الأراضى القديمة يزرعها الفلاح البسيط، وتنتج المحاصيل الاستراتيجية الرئيسية مثل القمح والذرة والأرز، بالإضافة إلى البقوليات مثل الفول والعدس، ومحاصيل استراتيجية؛ مثل بنجر السكر وقصب السكر.
وأضاف «سالم» أن الفلاح يلعب دورًا حيويًّا فى توفير الاحتياجات الغذائية الأساسية للمجتمع المصرى من الكربوهيدرات والبروتينات النباتية والحيوانية، موضحًا أن متوسط نسبة الاكتفاء الذاتى من الغذاء فى مصر 50٪ لأننا نُقدم نحو 45٪ من احتياجاتنا من القمح، ونستورد الباقى، وأضاف: «بدأنا فى استيراد 10٪ من احتياجاتنا من الأرز، مع استيراد كامل احتياجاتنا من الذرة الصفراء لقطاع الدواجن، ما يؤدى إلى فاتورة واردات زراعية عالية، ما يتطلب منّا العمل على تسديدها فى الفترة القادمة».
وأشار «سالم» إلى أن مصر تواجه تحديات كبيرة بشأن تحقيق الاكتفاء الذاتى من السلع الغذائية، خاصة فيما يتعلق بالقمح والذرة، لأننا نستورد 12 مليون طن من القمح و6 ملايين طن من الذرة العلفية سنويًّا، ما يشكل عبئًا ماليًّا كبيرًا على الاقتصاد. وأكد أن الصادرات المصرية الرئيسية تتركز حاليًا فى الموالح، وتسعى المشروعات القومية الكبرى لسد جزء من الفجوة فى إنتاج الحبوب، لكن إسهامات هذه المشروعات لا تزال ضعيفة نظرًا لأن الأراضى الجديدة لم تصل بعد إلى إنتاجية كافية.
وقال «سالم» إن البطاطس والبصل والموالح تتمتع بمزايا تنافسية نسبية فى الأسواق الخارجية، ويرجع ذلك إلى المناخ الملائم ووقت ظهور المحاصيل، الذى يتزامن مع ذروة الطلب فى الأسواق العالمية. وأكد أن مصر من الدول التى تتميز بتكاليف إنتاج منخفضة بفضل العمالة الزراعية ذات التكلفة المنخفضة.
الفلاح الذكى
التكنولوجيا تدخل مجال الزراعة لتحقيق الاكتفاء الذاتى والحفاظ على النيل
أصبح استخدام التكنولوجيا فى عملية الزراعة أمرًا حتميًا لتحقيق الاكتفاء الذاتى والتغلب على الآفات المستحدثة بفعل التغيرات المناخية التى تؤثر على الإنتاج وخصوبة التربة، فضلاً عن مساعدة العامل البشرى وتوسيع الرقعة الخضراء مع الحفاظ على المياه ومنع إهدارها، وهو ما حدث عبر تطبيق تكنولوجيا الرى الحديثة، مثل نظام الرى بالتنقيط، الذى يوضحه المهندس الزراعى رأفت رافع خلال حديثه ل«المصرى اليوم» بقوله إنه عبارة عن شبكة أنابيب مدفونة بعمق متوسط من سطح التربة، تخرج منها كمية كافية من الماء لإمداد النبات باحتياجاته اللازمة للنمو، بعيدًا عن الطرق التقليدية مثل الرى بالغمر الذى يتسبب فى ضياع أكثر من 70٪ من المياه المخصصة للزراعة. كما تتجه الأبحاث العلمية إلى استنباط سلالات معدلة جينيًا من المحاصيل الزراعية، فيما يعرف بمصطلح الهندسة الوراثية التى تم تنفيذها مع القمح والأرز لإنتاج محاصيل أكثر قدرة على التأقلم مع ملوحة التربة وأقل احتياجًا للمياه، مع الحفاظ على الكم المنتج أو مضاعفته، وهو ما يعنى إمكانية تحقيق الاكتفاء الذاتى وتقليل الاعتماد على الواردات الزراعية التى تكلف البلاد مزيدًا من النفقات بالعملة الصعبة.
وفى ظل التغيرات المناخية التى تصبح أكثر حدة كل عام، تزداد الحاجة إلى استخدام التكنولوجيا التى تساعد الفلاح فى التغلب على الظروف المناخية القاسية سواء الحرارة الشديدة خلال فصل الصيف أو السقيع طوال الشتاء، ويتوقع المهندس الزراعى رأفت رافع أن يتم التوسع فى استخدام الصوب الزراعية خلال السنوات المقبلة، وذلك لتوفير درجة الحرارة المناسبة لنمو مختلف المحاصيل وحمايتها من الطقس الحار والآفات الزراعية كبديل أكثر فاعلية من المبيدات الحشرية المتطورة، مضيفًا أن هناك العديد من التقنيات التى تساعد أصحاب المزارع الكبرى على إدارتها بواسطة الهاتف، فيمكنهم قياس درجة حرارة التربة ودرجة ملوحتها والحصول على بيانات الطقس وأفضل النصائح للتعامل معها، وغيرها من المميزات التى لا تتوافر عادة فى المساحات الزراعية الصغيرة نظرًا لارتفاع تكلفتها، إلا أن الحكومة تسعى لتوصيل تلك التقنيات الحديثة إلى جميع المزارعين عبر بروتوكول تعاون بين وزارتى الاتصالات والزراعة.
وتخدم تقنية الاستشعار عن بعد عملية حصر الأراضى المزروعة، ومعرفة نوعية المحاصيل من خلال البصمة المحصولية التى تكشف الحالة الصحية للنبات وتحديد المشكلة التى تواجهه.
حكايات الشقا
بدأت منذ الفراعنة.. وقانون الإصلاح الزراعى بداية «النصر»
بعد حصوله على دبلوم التعليم الفنى عام 1999، اتجه عبدالرحمن حسن لإدارة مشروعه الخاص بتصليح أعطال الأجهزة الكهربائية، مُوظِّفًا بذلك مهاراته التى تعلمها، إلا أن المشروع لم ينجح، واستمر فى خسارة المزيد من الأموال، حتى قرر إغلاق محله، فوجد نفسه عاطلًا عن العمل، إلى أن قادته خطواته صوب مهنة الآباء والأجداد، الفلاحة التى أسس بها المصرى القديم حضارته منذ فجر التاريخ، مستغلًّا نهر النيل المقدس، الذى اعتبره شريان الحياة، فشيّد البيوت حوله، وأقام القرى، حتى أصبحت مصر منارةً للزراعة يهتدى بعلومها العالم أجمع، وبعد عشرات القرون من ذلك وتعاقب الحكام على عرش البلاد، لا يزال الفلاح المصرى مُعزَّزًا بأرضه مُكرَّمًا فى أعين الناس، الذين يقدّرون دوره فى تحقيق الاكتفاء الذاتى وتنمية الاقتصاد بما ينتجه من محاصيل مختلفة تغذّى الأسواق المحلية والعالمية.
ومنذ أصدر الرئيس الأسبق جمال عبدالناصر قانون الإصلاح الزراعى فى التاسع من سبتمبر عام 1952، أصبحنا نحتفل بعيد الفلاح تزامنًا مع تلك الذكرى فى كل عام، لتبقى شاهدةً على تاريخ طويل من إنصاف الدولة الحديثة للمُزارع بدايةً من إعادة توزيع ملكية الأراضى الزراعية من يد الإقطاعيين إلى صغار الفلاحين، مرورًا بتطوير شبكات الرى، ووصولًا إلى منظومة كارت الفلاح، التى ضمنت لأصحاب الأراضى الزراعية الحصول على الأسمدة المدعمة وغيرها من التسهيلات، التى يلمسها كل مَن يمتهن زراعة الأراضى والعناية بها، ومن بينهم عبدالرحمن حسن، الذى يروى، ل«المصرى اليوم»، تجربته بوصفه شابًّا من قرية ميت خلف بمحافظة المنوفية قرر قبل عشرين عامًا التحول عن مجاله فى تصليح الأجهزة الكهربائية ليمسك الفأس والمنجل وغيرهما من الأدوات اللازمة للفلاح.
وقال عبدالرحمن يتعرض الفلاحين لحملة تستهدف تشويههم، ومن هنا تكمن المشكلة الأبرز والأبعد أثرًا، وهى مصير الأرض الزراعية بعد وفاة صاحبها وانتقال ملكيتها إلى الورثة من حمَلة المؤهلات العليا، الذين لا يجدون شغفًا تجاه الزراعة ولا يكنون انتماءً للأرض التى تربطهم بلقب «فلاح».
ومن أجل استيعاب مدى أهمية تلك الكلمة فى حياتنا، ينبغى النكوص آلاف السنوات إلى الوراء عندما تحوّل المصرى القديم من حياة التنقل بين الصحارى لاصطياد الطيور والحيوانات التى توفر له حاجته من الغذاء إلى الاعتماد على ما تنتجه الحقول من الخضروات والحبوب، لترتبط حياته بنهر النيل الذى علَّمه العمل المنظم والإنتاج والادخار، وفقًا لما ذكرته الدكتورة شيرين الأشمونى، أستاذة التاريخ بجامعة المنوفية. وقالت، فى حديثها ل«المصرى اليوم»، إن الفلاح القديم برع فى حساب موعد فيضان النيل، فكان ينتظره متخوّفًا من أن ينخفض منسوبه، فيسبب الجفاف، أو أن يزيد عن الحد، فيُغرق القرى، فإذا فاض النهر غرس البذور، وظل يعتنى بالنبتة حتى يحين موسم الحصاد، فتبدأ المعاناة الأزلية للفلاح، ذلك لأنه يزرع بيده ما لا يتذوقه فمه، ففى عصر الدولة القديمة عانى الفلاح من استخدامه كأداة بيد الحاكم لإنتاج المحاصيل الزراعية، التى كان يُقتطع عُشرها لصالح الدولة.
ولم يختلف ذلك الواقع كثيرًا فى الأزمنة التى توالت بعد ذلك، ففى كل قرية كانت هناك الفئات التى تُعد أعلى مكانةً من الفلاحين، مثل شيوخ القرى ومحصّلى الضرائب، الذين كانوا يستغلون سلطاتهم فى مصادرة الحبوب والمواشى منهم فى حال عدم قدرتهم على الوفاء بالديون التى أرهقوهم بها فى سبيل الحصول على التقاوى والمُعَدات اللازمة للزراعة، واستمر الحال كذلك فى ظل الدولة الأيوبية، فبحسب الدكتورة شيرين الأشمونى، افتقد الفلاح فى ذلك الوقت ملكيته لأرضه وصارت تابعةً للدولة، وفى عصر المماليك ازداد نفوذ الأثرياء الذين سيطروا على مساحات شاسعة من الأراضى الزراعية، ليضطر الفلاح إلى العمل فى أرض غيره نظير أجرة يومية زهيدة.
أما فى ظل الحكم العثمانى فقد ظهر نظام «الالتزام»، الذى كان يتم عن طريق المزايدة العلنية بين أغنياء القرية، فمن يفوز منهم كان يلتزم أمام الدولة بسداد مبلغ من المال سنويًّا مقابل تحصيله للضرائب من أهل القرية، وهو ما أضاف ظلمًا جديدًا على الفلاح استمر معه حتى وصول محمد على إلى الحكم، فمع اهتمامه بتطوير الزراعة بمصر، فرض على الفلاحين الضرائب وقيّدهم بقانون الاحتكار الذى يضمن للدولة السيطرة على كل ما تنتجه الأراضى الزراعية من محاصيل، بالأسعار التى تحددها السلطة العليا للبلاد.
واستمر هذا الحال فى عصر أسلافه، إبراهيم وإسماعيل وتوفيق، إلى أن وقعت مصر فى قبضة الاحتلال الانجليزى عام 1882، الذى لم تختلف سياسته عن التطلع إلى تحقيق أقصى استفادة من الفلاح، فاهتم بزراعة القطن على حساب المحاصيل الأخرى لتغذية السوق الأوروبية، حتى انتهت تلك الحقبة من تاريخ الفلاح على أرضه الحبيبة مصر تزامنًا مع خطوة الاستقلال التى بدأت بثورة يوليو عام 1952، والتى كان من أهدافها القضاء على الإقطاع وأعوانه، لتتحسن أوضاع الفلاحين بفضل توزيع الأراضى الزراعية المُصادرة من كبار الملاك، على صغار الفلاحين بما تراوح بين 5 إلى 10 أفدنة لكل فلاح، ويبدأ منذ ذلك الحين فصل جديد فى تاريخ الزراعة فى مصر، بعد طى صفحة التهميش والاستبداد بالفلاح، ومنحه الحق فى امتلاك الأرض التى يزرعها.
الاحتفال بالعيد
عقود تمليك وتسهيلات بنكية
تنوعت فعاليات احتفال المصريين بعيد الفلاح تكريمًا لدوره فى تحقيق الأمن الغذائى والإسهام فى الاقتصاد الوطنى، حيث تقوم مؤسسات مختلفة بتنظيم أنشطة متنوعة تستهدف دعم الفلاح وتعزيز دوره فى المجتمع.
فى محافظة المنوفية، تم اختيار هذا العام لتكون المحافظة مركزًا رئيسيًّا للاحتفالات، تزامنًا مع موسم جنى القطن، وهو أحد المحاصيل الاستراتيجية فى مصر، وأعلن زهير محمد سارى، رئيس مجلس إدارة «الجمعية العامة للإصلاح الزراعى»، أنه من المقرر توزيع عقود تمليك أراضى الإصلاح الزراعى على الفلاحين المتميزين فى المحافظة كجزء من الاحتفالات، وتنظم احتفالات مشابهة فى مختلف المحافظات، ويتم تكريم عدد من الفلاحين ومنحهم شهادات تقدير لجهودهم فى تطوير الزراعة خلال العام.
ومن أجل الاحتفال بعيد الفلاح، أعلنت مؤسسات عن تقديم عروض ومزايا خاصة للفلاح، مثل بنك مصر وبنك CIB لتقديمهما بطاقة «ميزة» للعملاء الذين يقومون بفتح حسابات توفير أو محفظة ذكية فى إطار الاحتفال بعيد الفلاح.
وانضم المتحف اليونانى الرومانى فى الإسكندرية إلى فعاليات الاحتفال بعيد الفلاح، وعرض قطعة أثرية تعبر عن ارتباط المصريين بالزراعة، وهى «زمزمية» دائرية الشكل مزخرفة برسوم دقيقة تعكس التراث المصرى فى الريف، وعرض متحف المجوهرات الملكية قطعتين نادرتين (اثنين من نيشان الزراعة من الطبقة الأولى من الذهب)، ما يعكس التقدير العالى لدور الزراعة فى تاريخ مصر.
وصرح حسين عبدالرحمن أبوصدام، نقيب عام الفلاحين، أن عيد الفلاح مناسبة للاحتفاء بالفلاحين وتكريمهم، وقال إن هذا اليوم يتزامن مع ذكرى وقفة الزعيم أحمد عرابى الشهيرة عندما قال: «لقد ولدتنا أمهاتنا أحرارًا، ولم نُخلق تراثًا أو عقارًا، ولن نُستعبد بعد اليوم».
وأضاف «أبوصدام» أن نقابة الفلاحين تنظم كل عام احتفالية تكريمية لأعضائها أصحاب الإنتاجية العالية وكبار السن، ويتم عرض إنجازات الفلاحين خلال العام والتحديات التى يواجهونها، مؤكدًا أن احتفالات النقابة هذا العام تم إلغاؤها لأول مرة تضامنًا مع غزة، احترامًا للظروف الحالية ورغبة فى الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطينى.
وأوضح «أبوصدام» إن عيد الفلاح فرصة لتسليط الضوء على التحديات التى تواجه الفلاح المصرى، مثل نقص الأسمدة، وارتفاع أسعار التكاليف، وتقديم الدعم المطلوب لزيادة الإنتاجية. ويُعد فرصة لتبادل الخبرات بين الفلاحين من خلال تنظيم معارض وورش عمل تهدف إلى تطوير أساليب الزراعة وزيادة المعرفة الزراعية.
محلاها عيشة الفلاح
أمثال وأغانٍ شعبية تعبر عن حياة الريف
«محلاها عيشة الفلاح».. هى واحدة من أشهر الأغانى التى قدمتها الفنانة أسمهان، وجسدت حياة الفلاح. وتعتبر هذه الأغنية ليست مجرد لحن شعبى، بل صورة مصغرة لحياة الفلاح المصرى وتعبير عن تراث طويل من الكفاح والعمل الجاد.
على مر العصور، استحوذ الفلاح على كثير من الأغانى والأمثال الشعبية، ليست للتسلية، بل رصدت حياة الفلاح اليومية وعلاقته بالأرض، فهى جزء لا يتجزأ من تراثهم الثقافى الذى عبر عن همومهم وأفراحهم. وبعد ثورة 1952 صدر قانون الإصلاح الزراعى الذى حدد الملكية الزراعية. ومن هنا خرجت أغنية «فدادين خمسة، خمس فدادين والله هنيالى فى أرضى يا عين أنا أرضى الغالية بقت ملكى بقى خيرها ليا ولولادى».
لم يقتصر الدور على الأغانى فقط فى تمثيل حياة الفلاح، فقد كان حاضرًا وبقوة فى الأمثال الشعبية التى تُعدّ مرآة تعكس تفكير وثقافة الشعب، من أشهر الأمثال التى تعبر عن الفلاح: «الأرض بتاكل من عرق الفلاح»، و«من جد وجد، ومن زرع حصد»، هذه الأمثال تجسد فلسفة الفلاح، كما أن الأمثال الشعبية ترسّخ فكرة أن الأرض جزء من الفلاح، والفلاح جزء من الأرض. لم تغفل القصص الشعبية شخصية الفلاح، ففى العديد من القصص يظهر الفلاح شخصية رئيسية تتميز بالحكمة والبساطة.
المزارعون فى الدراما
صورة نمطية لا تخلو من «السذاجة»
حياة الفلاحين ومعاناتهم اليومية ظهرت بقوة فى الدراما المصرية، تناولها عدد كبير من الأفلام والمسلسلات منذ ثورة 1952 حتى الآن، فكانت رواية «الساقية» أول مسلسل درامى يُعرض فى التلفزيون المصرى تناول حياة الفلاحين ورصد الأزمات التى يعانى منها المزارعون.
«الأرض» و«شىء من الخوف» و«الزوجة الثانية» و«صراع فى الوادى»، و«الحرام» و«البشاير»، و«سر الأرض»، و«حدائق الشيطان»، و«الوتد»، وغيرها من الأفلام والمسلسلات التى تناولت حياة الفلاح، رصدت الفساد والظلم الاجتماعى الذى يتعرض له، وقدمت بشكل تراجيدى وأحيانا كوميدى حياة المزارعين لكنها أظهرتهم بشكل ساذج أو مغلوب على أمرهم، دون إبراز قوتهم وقدراتهم على التحدى والتغيير.
وقال الناقد الفنى طارق الشناوى إن أول عمل عرض فى التلفزيون المصرى بعد إنشائه سنة 1961 جسد حياة الفلاحين من خلال عرض الخماسية الشهيرة رواية «الساقية»، بطولة الراحل عبدالله غيث، وكانت تلك الخطوة الأولى لتقديم الفلاح على الشاشة الصغيرة.
وأضاف «الشناوى»، ل«المصرى اليوم»، أن السينما بدأت الاهتمام بقصص الفلاح وتسليط الضوء على الظلم الذى تعرض له بعد ثورة 1952، من خلال أعمال كثيرة منها أفلام «الأرض» و«شىء من الخوف» و«دعاء الكروان» التى حملت توجيهات سياسية وانتقدت الظلم الذى تتعرض له تلك الطبقة الكادحة من الشعب المصرى.
وأكد أن كل المسلسلات الصعيدية التى تم تقديمها جسدت معاناة الفلاحين وليس الصعيدية فقط، موضحًا أن لقب «فلاح» يطلق على كل شخص يعمل فى مهنة فلاحة الأرض سواء كان فى الوادى أو الدلتا، وليس صحيحًا أن الفلاح فى الدلتا فقط، قائلًا: «لا أعرف سبب تقسيم المسلسلات لصعيدية وأخرى تتناول حياة الفلاحين».
وأوضح «الشناوى» أن صورة الفلاح فى الأعمال الدرامية تطورت عبر السنوات، ولكن ظهرت فى بعض الأحيان بشكل ساذج وبعيد عن الواقع، وهذا ما أثار غضب بعض العاملين فى الزراعة، حيث اعتمدت بعض المسلسلات على الصور النمطية والمكررة من الماضى، مما جعلها تفشل فى تقديم صورة مرضية للمشاهدين.
وعن غضب الفلاحين من تقديم شخصيتهم بطريقة ساذجة فى بعض الأعمال الفنية، قال «الشناوى» إن كل العاملين فى أى مهنة لديهم تعليقات على الصورة التى يظهرون عليها فى الدراما، وأرجع تقديم الفلاح بطريقة ساذجة فى بعض الأعمال إلى اعتماد المؤلفين على الطريقة النمطية والتقليد لما تم تقديمه سابقًا لتحقيق أرباح مالية، مطالبًا كتاب الدراما بالاقتراب من حياة الفلاحين وتقديمهم بشكل واقعى يعكس مشاكلهم وحياتهم اليومية، مشيرًا إلى أنه كلما اقترب العمل من الواقع حقق نجاحات أكبر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.