ناقلو أصوات صراخ غزة بين مصاب وشهيد ومفقود، يتعرضون يوميًا لهجومًا خاص يُهدد حياتهم وحياة ذويهم، فيقعون فريسة سهلة في أيدي كيان الاحتلال، بتهمة إظهار الحقيقة. لكن العزة والإصرار كانتا كلمتين القوة الخاصة التي يمتلكها الصحفيون في غزة، ورغم تعدد حالاتهم المختلفة، فإن المشترك بينهما جميعاً كان تلقيهم خبر استشهاد أهاليهم وهم يمارسون مهام عملهم الصحفية في نقل الحقيقة، فسواء لفظوا أنفاسهم الأخيرة فداءً لنقل الكلمة، أو ماتت عائلتهم تحت أنقاض قصف المُحتل، يبقى الزي الصحفي شامخاً بارزاً في صور تغطيتهم للأحداث أو مفارقتهم للحياة، فظلت الصحافة –صوت الحق- أبيه في الزي الحاضر على أجسادهم، وفي الكلمات المنطوقة على أفواههم، فلم يتركوا ميدان المعركة لحظة مهما بلغت صعوبة الأمر. فجاء إسكات الكلمة متمثلاً في قتل صاحبها، أو استخدام أهالي الصحفيين ككروت إرهاب يهتز لها وجدانهم للتوقف عن نقل الحقيقة، كواحدة من انتهاكات الحقوق الدولية للصحفيين، بل تخطى الأمر الوضع الفردي لمعاقبة الصحفي على دوره المهني، بضغط عائلي كوسيلة ضغط لإيقافهم. لكن الكلمة لن تقف يوماً، فكانت أبرز الأمثلة الحية على هذه المقولة موقف الصحفي وائل الدحدوح الذي تلقى خبر استشهاد 12 فرداً من عائلته أثناء تأديته مهام عمله مرتدياً زيّ الصحافة «Press»، وبعد دفنهم توجه لتغطية قصف إسرائيل على غزة مؤكداً أنه «لا مفر من الاستمرار بتأدية واجبه في هذه الظروف»، في أولى كلماته على الشاشة. هكذا قابل جيش العدو ناقلي الحقيقة الذي ارتفع عدد ضحاياهم ل24 صحفياً شهيداً بداية من أحداث «طوفان الأقصى» إلى اليوم. فأشارت نقابة الصحفيين الفلسطينيين في بيان يفيد باستهداف الصحفيين وعائلاتهم في غزة، ووصفتها بالجرائم المستمرة التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق أبناء الشعب وبحق الصحفيين في قطاع غزة. فندّدت بانتهاك المعايير الدولية لحقوق الصحفيين الذين تعرضوا لاستشهاد وجروح بالغة الخطورة إضافة إلى استشهاد وإصابة أفراداً متعددة من عائلاتهم. فواجع موت وثقها البث المباشر أما معتز عزايزة المتطوع باللجنة الدولية للصليب الأحمر، كان الصحفي الذي غطى أحداث حرب فلسطين منذ السابع من أكتوبر الجاري، فكانت عدسته بمثابة عين على الحقيقة توثق الخسائر والمخالفات. «أرجوكم ليوقف أحد هذا»، قالها عزايزة بفيديو سابق وثق خلاله اعتداء العدو على الشعب الفلسطيني، مع صور غزت وسائل التواصل الاجتماعي لمشاهد قصف المباني وهي تنهار كأوراق الدومينو تحت نيران قصف الجيش المحتل. وكانت فاجعته مفاجأة بفيديو بث مباشر ذهب خلاله لتغطية الأحداث في دير البلح ليُفاجئ بأن عائلته هي الخبر، وكانت صدمته الموثقة على الهواء مؤثرة لجميع المشاهدين، حتى ظهر في فيديو أخر أعلن خلاله مقتل عائلته. كذلك تقدّمت نقابة الصحفيين الفلسطينين بالتعازي من أسر وعائلات الشهداء الصحفيين الخمسة الذين ارتقوا الأربعاء وهم: سلمى مخيمر، سائد الحلبي، أحمد أبومهادي، جمال الفقعاوي، وكان آخرهم الصحفية دعاء شرف من إذاعة صوت الأقصى، والتي ارتقت هي وابنها الطفل عبيدة. كما تقدّمت بالتعازي من الزميلين وائل الدحدوح ومحمد الفرا، باستشهاد أفراد من عائلتيهما جراء غارات متعمدة للاحتلال على المنازل السكنية في قطاع غزة، ولجميع الصحفيين والصحفيات الذين استشهد أفراد من عائلاتهم. وفقاً لبيان النقابة. تنديد جرائم وانتهاكات قتل الصحفيين في غزة صرح منتدى الإعلاميين الفلسطينيين، بأن قوات الإحتلال الإسرائيلي تواصل جرائم الإعدام بدم بارد لفرسان الإعلام الفلسطيني، دون أدنى اعتبار للقوانين الدولية والمواثيق والأعراف الإنسانية التي كفلت الحماية للصحفيين في مناطق الصراع. كما وثقت وحدة الرصد والمتابعة بالمكتب الإعلامي في قطاع غزة، عشرات الاعتداءات بحق الصحفيين ووسائل الإعلام، كان بينهم مقتل 7 صحفيين، في قطاع غزة، جراء الضربات الإسرائيلية الأخيرة، وهم إبراهيم لافي، ومحمد جرغون، ومحمد الصالحي، وأسعد شملخ، وسعيد الطويل، ومحمد صبح أبورزق، وهشام النواجحة. ووفقاً لتصريحات المكتب الإعلامي في قطاع غزة فهناك استهداف وهدم متعمد لمنازل الصحفيين بشكل كلي، لكلاً من رامي الشرافي وباسل خير الدين، وتضرر جزئي لمنازل عشرات الصحفيين. فضلاً عن رصد تضرر عشرات المؤسسات الإعلامية كلياً وجزئياً والتي بلغ عددها حوالي 40 مقرا لوسائل الإعلام.، وعليها طالب المكتب الإعلامي بتشكيل لجنة تحقيق دولية الاعتداءات الأخيرة على الصحفيين. وبين الهدم والقتل، هناك أعداداً أكبر من الصحفيين اختفوا أثناء تغطيتهم للأحداث مثل الصحفي رضوان قطناني، ثائر الفاخوري، مصعب قفيشة، ومحمد شراكة من مخيم الجلزون برام الله، بحسب منتدى الإعلاميين الفلسطينين. وسابقاً في يوم 11 أكتوبرصرحت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) عن قتل ثلاثة صحفيين قتلوا فجر الثلاثاء جراء قصف الطائرات الحربية الإسرائيلية لمكان عملهم في غزة. وخلالها نشرت بياناً أكدت فيه مقتل الصحفية سلام ميمة وزوجها وأطفالها الثلاثة هادي وعلي وشام، في قصف منزلهم في مخيم جباليا شمال قطاع غزة.