في ذكرى يوليو.. قيادات حزبية وبرلمانية: خطاب الرئيس يؤكد صلابة الدولة    في بداية التعاملات.. أسعار الذهب اليوم الخميس 24 يوليو    الصحة العالمية: «جوع جماعي» في قطاع غزة للحصار    "حماس" تعلن تسليم الوسطاء ردها على مقترح وقف إطلاق النار في غزة    وزير الخزانة الأمريكي: الإعلان عن رئيس جديد للاحتياطي الفيدرالي محتمل في ديسمبر أو يناير    القناة 12 الإسرائيلية: تل أبيب تلقت رد حماس على مقترح وقف إطلاق النار وتدرسه حاليًا    روسيا: تعليق عمل مطار سوتشي 4 ساعات بسبب هجمات أوكرانية    إيفان يواس ل«القاهرة الإخبارية»: روسيا تسعى فقط لتبادل الأسرى    المحكمة العليا تسمح لترامب بإقالة 3 ديمقراطيين من لجنة سلامة المنتجات الاستهلاكية    انتداب المعمل الجنائى لفحص حريق شقة سكنية بشبرا الخيمة    موت بإرادة الأب.. النيابة تأمر بدفن جثة ضحية شبرا الخيمة    اليوم، إجازة بالبنوك والبورصة بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو    حديثه عن حب النادي طلع مدهون بزبدة، هذا ما يخطط له أليو ديانج للرحيل عن الأهلي    نجاح فريق طبي بمستشفى الفيوم في إنقاذ مريض مصاب بتهتك وانفجار في المثانة بسبب طلق ناري    تسلا تبدأ تصنيع نماذج أولية من سيارة بأسعار مناسبة    من «البيان الأول» إلى «الجمهورية الجديدة»| ثورة يوليو.. صانعة التاريخ ومُلهمة الأجيال    ترامب: أمريكا ستقود العالم في الذكاء الاصطناعي    علاء نبيل: احتراف اللاعبين في أوروبا استثمار حقيقي    رياضة ½ الليل| إقالة سريعة.. سقوط المصري.. السعيد فرحان بالزمالك.. وفحص الخطيب بباريس    منتخب 17 عامًا يفوز على العبور وديًا ب8 أهداف    رئيس محكمة النقض يستقبل وزير العدل الأسبق لتقديم التهنئة    الاكتتاب في سندات الخزانة العشرينية الأمريكية فوق المتوسط    إخماد حريق في محطة وقود بالساحلي غرب الإسكندرية| صور    مخرج «اليد السوداء»: نقدم حكاية عن المقاومة المصرية ضد الاحتلال    أحمد نبيل فنان البانتومايم: اعتزلت عندما شعرت بأن لا مكان حقيقى لفنى    بأغنية «يا رب فرحني».. حكيم يفتتح صيف 2025    راغب علامة: مصر هوليوود الشرق.. وقبلة الفنان مش جريمة    أحمد سعد يطلق «حبيبي ياه ياه» بمشاركة عفروتو ومروان موسى    وزير الزراعة: الرئيس السيسي مُهتم بصغار المزارعين    حسام موافي لطلاب الثانوية: الطب ليست كلية القمة فقط    بمستشفى سوهاج العام.. جراحة دقيقة لطفلة مصابة بكسر انفجاري بالعمود الفقري    طبق الأسبوع| من مطبخ الشيف أحمد الشناوي.. طريقة عمل سلطة التونة بالذرة    نشرة التوك شو| توجيه رئاسي بشأن الطلاب محدودي الدخل.. وخالد أبوبكر يتعرض لوعكة صحية على الهواء    إصابة شخصين في تصادم بين سيارة وتوكتوك بطريق التل الصغير بالإسماعيلية    «الجبهة الوطنية» يكرّم طالب من أوائل الثانوية العامة بمؤتمر الجيزة ضمن مبادرة دعم المتفوقين    صاحب مغسلة غير مرخصة يعتدي على جاره بسبب ركن سيارة بالإسكندرية    بالأسماء.. إصابة ووفاة 5 أشخاص فى حادث تصادم سيارتين بمحور ديروط فى أسيوط    محافظ قنا يطمئن على مصابي حادث سقوط مظلة تحت الإنشاء بموقف نجع حمادي.. ويؤكد: حالتهم مستقرة    موعد تنسيق الجامعات الأجنبية 2025 لطلاب الثانوية والشهادات المعادلة    «محدش قالي شكرا حتى».. الصباحي يهاجم لجنة الحكام بعد اعتزاله    «أحمد فتوح بينهم».. جون إدوارد يسعى للإطاحة بثلاثي الزمالك (تفاصيل)    بعد أنباء أزمة عقده.. ديانج: «لم أكن أبدًا سببًا في أي مشكلة»    «مبنحبش نتصادم».. كيف تحدث أحمد فهمي عن علاقته ب أميرة فراج قبل الانفصال؟    5 أبراج «فاهمين نفسهم كويس».. يعشقون التأمل ويبحثون عن الكمال    أليو ديانج يحكي ذكرياته عن نهائي القرن بين الأهلي والزمالك    السيد القصير يوجه 7 رسائل بمؤتمر الغربية: ندعم القيادة السياسية.. ومرشحينا معروفين مش نازلين بباراشوت    لو مجموعك أقل من 90%.. قائمة الكليات المتاحة ب تنسيق الثانوية العامة 2025    «الناصري» ينظم ندوة بالمنيا احتفالًا بذكرى 23 يوليو    لا ترمِ قشر البطيخ.. قد يحميك من مرضين خطيرين وملئ بالفيتامينات والمعادن    ارتفاع البتلو وانخفاض الكندوز، أسعار اللحوم اليوم في الأسواق    الأوراق المطلوبة للاشتراك في صندوق التكافل بنقابة الصحفيين    5 معلومات عن المايسترو الراحل سامي نصير    حماس تسلم ردها على مقترح وقف إطلاق النار بقطاع غزة إلى الوسطاء    هل يجوز أخذ مكافأة على مال عثر عليه في الشارع؟.. أمين الفتوى يجيب    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : كم نتمنى ان نكون مثلكم ?!    الإفتاء توضح كيفية إتمام الصفوف في صلاة الجماعة    محفظ قرآن بقنا يهدي طالبة ثانوية عامة رحلة عمرة    دار الإفتاء المصرية توضح حكم تشريح جثة الميت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نصف رجل وأمى الأبية
نشر في المصري اليوم يوم 27 - 07 - 2010

الكرامة والإباء والشمم، تعلمتها كلها من أمى، كانت مرفوعة الرأس، عزيزة النفس، رافضة الظلم دون مساومات، دون تنازلات، رأت فى منامها ذات ليلة زوجها «أبى» فى الفراش مع امرأة أخرى، قبل شروق الصبح جمعت ملابسها فى حقيبة وقالت لأبى: أشتغل غسالة فى البيوت ولا أقبل الخيانة! أنا أعطيك كل نفسى ولا أقبل منك نصف نفسك، لا أقبل نصف رجل!!
كنت طفلة فى التاسعة، لأول مرة أسمع كلمة «نصف رجل»، لم أدرك معنى الكلمة تماما، لم أتخيل جسد أبى مشطورا نصفين بالطول أو بالعرض، سمعت أبى يقول لأمى: يا زينب أنا غير مسؤول عن أحلامك، أقسم بالله العظيم أنك المرأة الوحيدة فى حياتى، لا يمكن أن أكذب عليك، فما بالك بالخيانة مع امرأة أخرى؟
ورأيت أبى يبتسم فى سعادة: الغيرة دليل الحب يا زينب، ردت أمى: ليست الغيرة يا سيد بل الكرامة وعدم قبول الخيانة، كان ذلك فى عام 1940، ولم يكن لأمى مأوى إلا بيت زوجها، إلا أن كرامتها والصدق والإخلاص كانت أكبر عندها من المأوى والخبز، لم تكن أمى تغطى رأسها بحجاب أو تمارس الطقوس الدينية، كان الله عندها هو الكرامة والعدل والحرية والمسؤولية، كانت تؤمن أن الصدق والإخلاص الزوجى أهم من الصوم والصلاة، كان أبوها «جدى» يخون أمها «جدتى» ويكذب عليها كل يوم ثم يصلى ويصوم رمضان ويسافر إلى مكة ليمسح ذنوبه، فى خلايا عقلى وجسدى رسخت مبادئ أمى على مدى سبعين عاماً، لا يمكن اقتلاعها بأى قوة فوق الأرض أو تحتها، أصبحت قادرة على التضحية من أجل الصدق وكرامتى بكل شىء فى الدنيا والآخرة، بالحب والجنس والزواج والطب والأدب وجوائز الدولة والبوكر ونوبل، أصبحت مثل أمى لا يمكن أن أقبل نصف رجل «وخائن أيضا» وإن كان بيل كلينتون أو باراك أوباما، أو العلامة أينشتاين، أو سيدنا يوسف عليه السلام الذى قطعت النسوة، عند رؤيته، أيديهن بالسكاكين، هيلارى كلينتون رضيت بزوجها الخائن طمعا فى السلطة والمال، سيمون دو بوفوار رضيت بخيانات بول سارتر المتكررة لأنها كانت أسيرة شهرته الواسعة داخل فرنسا وخارجها، وكانت تعالج غضبها منه بعلاقاتها المتعددة بالرجال، العين بالعين والسن بالسن والبادى أظلم،
اكتشفت بالصدفة ذات يوم، أن زوجها يذهب إلى فراش امرأة أخرى، يكذب عليها ويقول إنه ذاهب إلى اجتماع سياسى فى الحزب، لو كانت أمى هى زوجته، ماذا تقول له؟، أمى التى رفضت نصف رجل فى منامها وليس على أرض الواقع والحقيقة، أمى التى لم تملك المأوى والخبز؟ فما بالك بابنتها؟ طبيبة وكاتبة حرة مستقلة اقتصادياً ونفسياً، حفرت فى الصخر وأدمت قدميها ويديها ونزفت الدم، لتحافظ على كرامتها وصدق كلمتها؟، قلت له بهدوء: هل تقبل نصف امرأة؟ أنا أيضا مثلك لا أقبل نصف رجل!
قالت صديقة: تفارقين زوجك فى نهاية العمر بعد خمسة وأربعين سنة من زواجكما قلت: كرامة الإنسان لا عمر لها، وقالت صديقة: أهى الغيرة على زوجك؟ قلت: ليست الغيرة يا صديقتى، بل عدم قبول الكذب والخداع، كيف أنادى بالصدق فى كتاباتى لأكثر من نصف قرن، ثم أقبل الكذب فى حياتى الخاصة، هناك كاتبات وزعيمات يضربهن أزواجهن، لا يتردد زوج الواحدة منهن فى خيانتها سرا أو علنا، مع ذلك تبقى الواحدة منهن مع زوجها خوفا من الطلاق وكلام الناس، هذه الازدواجية سائدة فى مجتمعنا، ما أسهل الكتابة عن الصدق فى الصحف والكتب، ثم الكذب فى الحياة والواقع، أنا يا صديقتى أكتب ما أعيش وأعيش ما أكتب، ثمن الصدق والحرية باهظ لكن ثمن العبودية والكذب أشد، فلماذا لا ندفع ونتحرر يا صديقتى؟
وقالت صديقة: لقد ناضلت طول حياتك من أجل الحرية فلماذا تضنين على زوجك بالحرية؟ قلت: الحرية والمسؤولية لا ينفصلان، الحرية لا تعنى الكذب والخيانة والطعن فى الظهر.
قالت صديقة: كل الرجال خائنون، هذه طبيعة الرجل.. الخيانة، طبيعة المرأة الإخلاص لرجل واحد، قلت: الطبيعة البشرية «امرأة أو رجل» ليست درعا حديديا ثابتاً، تتغير الطبيعة بتغير الزمان والمكان، والتربية منذ الطفولة، إذا تربى الإنسان على الكرامة والصدق أصبح صادقا يعتز بكرامته، الإخلاص الزوجى أو الخيانة ليست مسألة هرمونات، بل نظام سياسى اجتماعى تعليمى ثقافى، يغرس فى نفوس الأطفال الازدواجيات الأخلاقية، يتعلم الولد منذ الطفولة أن الرجولة تعنى غزو النساء وخداعهن، تتعلم البنت أن الأنوثة طاعة وخضوع واستسلام للظلم أو القدر أو أمر الله، يفخر الرجل بأنه الدون جوان أو زير النساء، لا يدين المجتمع أو القانون الفوضى الأخلاقية، بل يشجعها تحت اسم الرجولة، يتباهى الرجال خاصة الفنانين بمغامراتهم النسائية، لنراجع ما كتبه أغلبهم فى مذكراتهم داخل البلاد وخارجها، غزو السمراوات من أهل البلد عشقا فى الوطن، وغزو الشقراوات فى أوروبا وأمريكا انتصارا على الأعداء.
فى جريدة «المصرى اليوم» قرأنا تحقيقا كبيراً عن حياة الفنان الراحل نجيب الريحانى، قالوا عنه: الأسطورة العظيمة عملاق الكوميديا المصرية، عاش مخلصاً للفن وعاشقاً للنساء، وقالت ابنته جينا: والدى خلق للحب وكان يقع فيه كلما التقى امرأة جميلة، فتركته أمى، كان نجيب الريحانى متزوجاً من بديعة مصابنى، يمارس غزواته خارج الزواج، جعل حياته مع ابنته جينا وأمها فى الخفاء، حزنت أمها وبكت كثيرا ثم تركته وعادت إلى فرنسا، نشر هذا الكلام فى الإعلام على سبيل الفخر وتكريم نجيب الريحانى، لو امرأة فنانة مصرية فعلت ما فعله الريحانى فى حياتها الخاصة ونشرته على الناس، ماذا يقولون عنها؟ عاهرة مومس؟ هل يمجدونها مثل الريحانى ويمنحونها لقب عملاقة الفن والأسطورة العظيمة؟
أما المرأة فى بلادنا فهى تدان إن رفضت الحياة مع زوج خائن مخادع، عليها أن تقبل فساد الرجل بصبر وحب، فما بالك بنصف رجل، أو ربع رجل «فى حالة زواج الرجل بأربع نساء»، قد يتزوج رجل عجوز فى التسعين من طفلة أو فتاة قاصرة فى الخامسة عشرة، انتشرت فى السنين الأخيرة جرائم الزواج الموسمى من الأطفال والقاصرات، دون عقاب للرجال الكبار، فهل نسمى هذا زواجاً أم بغاء مقنعا؟ أصبح الفساد الأخلاقى يعم البلاد، لا يتردد الشاب العاطل فى اصطياد امرأة ثرية فى التسعين يخدعها بالحب من أجل المال، والشابة الفقيرة تصطاد عجوزا ثريا تخدعه بالحب أيضا من أجل المال، تفجرت مشاكل الفقر والعنوسة والبطالة، أصبحت الحاجة ملحة لإصدار قانون جديد يقضى على الازدواجية والتناقضات الأخلاقية داخل الأسرة وخارجها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.