إقبال كثيف على معرض القاهرة الدولي للجلود في دورته ال20 بمشاركة عربية وأجنبية    محافظ البحيرة: نعمل على إنهاء 52 مشروعا استثماريا بتكلفة 6 مليارات جنيه    أبرز ملفات المؤتمر الوزاري لمنتدى الشراكة الروسية الأفريقية    الانتخابات الأوكرانية: لا يمكن إجراء الانتخابات دون تعديلات تشريعية    انطلاق مباراة إنبي وطلائع الجيش بكأس عاصمة مصر    دوري الأمم الإفريقي.. كاف يعلن عن بطولة جديدة للمنتخبات    تشيلسي ينجو من فخ نيوكاسل يونايتد في الدوري الإنجليزي    كواليس مداهمة عيادة طبيبة التجميل المزيفة بالجيزة    8 أطفال شهداء لقمة العيش بحادث "أكتوبر".. إهمال الدولة يحوّل معصرة الفيوم إلى بيت عزاء جماعي    جنازة سمية الألفي.. غياب أحمد الفيشاوي وهؤلاء أبرز الحضور (صور)    المركز القومي يطلق مسابقة زكريا الحجاوي لدراسات الفنون الشعبية    أهالى البلد اتبرعوا بسيارة هدية فوزه بالمركز الأول عالميا فى حفظ القرآن.. فيديو    رئيس جامعة بنها يحيل أثنين من الأطباء بالمستشفى الجامعي للتحقيق    متحدث النيابة الإدارية: التصويت الإلكتروني للأندية الرياضية ضمانة قضائية للتعبير عن آراء الناخبين    أمن الجيزة يلقي القبض على "راقص المطواة" بالبدرشين    مواجهات عنيفة بين الجيش السوداني والدعم السريع في جنوب كردفان    بنتايك يعقد قرانه على ابنة أحمد سليمان    صفاء أبو السعود تنعى سمية الألفي: صديقة عزيزة وراقية قدمت مسيرة فنية خالدة    وزيرتا التخطيط والتنمية المحلية ومحافظ الأقصر يتفقدون تطوير كورنيش ومناطق إسنا    وزير الرياضة يفتتح ملعب قانوني بمركز شباب البرشا بملوي    وزير التعليم العالي يشهد حفل تخريج أول دفعة من خريجي جامعة المنصورة الجديدة الأهلية    وزير الصحة يتفقد مستشفى الخانكة للصحة النفسية ويوجه بسرعة الانتهاء من أعمال التطوير    محافظ أسوان يبحث توصيل الخدمات والمرافق ل40 مصنعا.. اعرف التفاصيل    «مصر للسياحة» تخطط لتطوير الفنادق التابعة والتوسع في تطبيقات التحول الرقمي    انهيار مبنيين متضررين من قصف للاحتلال الإسرائيلي على غزة    ماذا جاء في وثائق إبستين عن ترامب؟    خبير: إسرائيل حولت الهدنة إلى حرب صامتة ومخطط قوة الاستقرار تخدم أهدافها    500 ألف نسمة في 4 أشهر.. الإحصاء: عدد سكان مصر بالداخل يصل 108.5 مليون    وزير التعليم العالي: الجامعات الأهلية تحظى بدعم كبير من القيادة السياسية    تعليم جنوب سيناء تعلن جدول امتحانات الفصل الدراسي الأول لمرحلة الثانوية العامة صباحي ومسائي    النيابة الإدارية تواصل تلقى طلبات التعيين بوظيفة معاون نيابة إلكترونيا.. المواعيد    بعد إعلان ارتباطه رسميا.. هذا هو موعد زفاف أحمد العوضي    حقيقة فيديو تجاوز إحدى الرحلات الجوية طاقتها الاستيعابية من الركاب    اتحاد الكرة يحتفي ب أيمن منصور: أسرع هدف فى تاريخ أمم أفريقيا مصري    محمد عنتر: الزمالك "اختياري المفضل" دائما على حساب الأهلي.. والأندية الشعبية في خطر    رئيس هيئة التأمين الصحي في زيارة تفقدية لمبنى الطوارئ الجديد بمستشفى 6 أكتوبر    رئيس هيئة التأمين الصحى فى زيارة تفقدية لمبنى الطوارئ الجديد بمستشفى 6 أكتوبر    ضبط طن ونصف استربس دواجن وبسطرمة مجهولة المصدر بشبرا الخيمة    سحب 666 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    معرض جدة للكتاب يحتفي بيوم اللغة العربية بأمسية شعرية    حزب حركة الإنصاف الباكستانية يرفض حكم السجن الصادر بحق عمران خان    «رجال طائرة الأهلي» يواجه مصر للبترول في دوري المرتبط    الدفاع الروسية: تحرير بلدتي فيسوكويه في مقاطعة سومي وسفيتلويه بدونيتسك    وزارة العمل: 664 محضرا خلال 10 أيام لمنشآت لم تلتزم بتطبيق الحد الأدنى للأجور    دار الإفتاء تعلن نتيجة رؤية هلال شهر رجب لعام 1447 هجريا بعد المغرب    مستشار الرئيس للصحة: الوضع الوبائي مستقر تمامًا ولا يوجد خطر داهم على أطفالنا    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : لعنة الله على تلك .. المسماة " ديمقراطية !?    إزالة 10حالات تعد وبناء مخالف في الغربية    البحوث الفلكية: نشهد غدا ظاهرة الانقلاب الشتوى وبعدها يبدأ النهار فى الازدياد    محاكمة 37 متهما بخلية التجمع.. اليوم    ضمن مبادرة صحح مفاهيمك، أوقاف الإسماعيلية تواصل التوعية ضد التعصب الرياضي    قفزة قياسية متوقعة لأسعار الذهب في 2026.. وتراجع محتمل للنفط    أزهري يعلق علي مشاجرة الرجل الصعيدي مع سيدة المترو: أين هو احترام الكبير؟    مواقيت الصلاه اليوم السبت 20ديسمبر 2025 فى المنيا    الأنبا فيلوباتير يتفقد الاستعدادات النهائية لملتقى التوظيف بمقر جمعية الشبان    القبض على إبراهيم سعيد لاعب كرة القدم السابق وطليقته داليا بدر بالقاهرة الجديدة    نائب وزير الخارجية يلتقي الممثل الخاص لسكرتير الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث    طائرات ومروحيات أمريكية تشن هجوما كبيرا على عشرات المواقع لداعش وسط سوريا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نصف رجل وأمى الأبية

الكرامة والإباء والشمم، تعلمتها كلها من أمى، كانت مرفوعة الرأس، عزيزة النفس، رافضة الظلم دون مساومات، دون تنازلات، رأت فى منامها ذات ليلة زوجها «أبى» فى الفراش مع امرأة أخرى، قبل شروق الصبح جمعت ملابسها فى حقيبة وقالت لأبى: أشتغل غسالة فى البيوت ولا أقبل الخيانة! أنا أعطيك كل نفسى ولا أقبل منك نصف نفسك، لا أقبل نصف رجل!!
كنت طفلة فى التاسعة، لأول مرة أسمع كلمة «نصف رجل»، لم أدرك معنى الكلمة تماما، لم أتخيل جسد أبى مشطورا نصفين بالطول أو بالعرض، سمعت أبى يقول لأمى: يا زينب أنا غير مسؤول عن أحلامك، أقسم بالله العظيم أنك المرأة الوحيدة فى حياتى، لا يمكن أن أكذب عليك، فما بالك بالخيانة مع امرأة أخرى؟
ورأيت أبى يبتسم فى سعادة: الغيرة دليل الحب يا زينب، ردت أمى: ليست الغيرة يا سيد بل الكرامة وعدم قبول الخيانة، كان ذلك فى عام 1940، ولم يكن لأمى مأوى إلا بيت زوجها، إلا أن كرامتها والصدق والإخلاص كانت أكبر عندها من المأوى والخبز، لم تكن أمى تغطى رأسها بحجاب أو تمارس الطقوس الدينية، كان الله عندها هو الكرامة والعدل والحرية والمسؤولية، كانت تؤمن أن الصدق والإخلاص الزوجى أهم من الصوم والصلاة، كان أبوها «جدى» يخون أمها «جدتى» ويكذب عليها كل يوم ثم يصلى ويصوم رمضان ويسافر إلى مكة ليمسح ذنوبه، فى خلايا عقلى وجسدى رسخت مبادئ أمى على مدى سبعين عاماً، لا يمكن اقتلاعها بأى قوة فوق الأرض أو تحتها، أصبحت قادرة على التضحية من أجل الصدق وكرامتى بكل شىء فى الدنيا والآخرة، بالحب والجنس والزواج والطب والأدب وجوائز الدولة والبوكر ونوبل، أصبحت مثل أمى لا يمكن أن أقبل نصف رجل «وخائن أيضا» وإن كان بيل كلينتون أو باراك أوباما، أو العلامة أينشتاين، أو سيدنا يوسف عليه السلام الذى قطعت النسوة، عند رؤيته، أيديهن بالسكاكين، هيلارى كلينتون رضيت بزوجها الخائن طمعا فى السلطة والمال، سيمون دو بوفوار رضيت بخيانات بول سارتر المتكررة لأنها كانت أسيرة شهرته الواسعة داخل فرنسا وخارجها، وكانت تعالج غضبها منه بعلاقاتها المتعددة بالرجال، العين بالعين والسن بالسن والبادى أظلم،
اكتشفت بالصدفة ذات يوم، أن زوجها يذهب إلى فراش امرأة أخرى، يكذب عليها ويقول إنه ذاهب إلى اجتماع سياسى فى الحزب، لو كانت أمى هى زوجته، ماذا تقول له؟، أمى التى رفضت نصف رجل فى منامها وليس على أرض الواقع والحقيقة، أمى التى لم تملك المأوى والخبز؟ فما بالك بابنتها؟ طبيبة وكاتبة حرة مستقلة اقتصادياً ونفسياً، حفرت فى الصخر وأدمت قدميها ويديها ونزفت الدم، لتحافظ على كرامتها وصدق كلمتها؟، قلت له بهدوء: هل تقبل نصف امرأة؟ أنا أيضا مثلك لا أقبل نصف رجل!
قالت صديقة: تفارقين زوجك فى نهاية العمر بعد خمسة وأربعين سنة من زواجكما قلت: كرامة الإنسان لا عمر لها، وقالت صديقة: أهى الغيرة على زوجك؟ قلت: ليست الغيرة يا صديقتى، بل عدم قبول الكذب والخداع، كيف أنادى بالصدق فى كتاباتى لأكثر من نصف قرن، ثم أقبل الكذب فى حياتى الخاصة، هناك كاتبات وزعيمات يضربهن أزواجهن، لا يتردد زوج الواحدة منهن فى خيانتها سرا أو علنا، مع ذلك تبقى الواحدة منهن مع زوجها خوفا من الطلاق وكلام الناس، هذه الازدواجية سائدة فى مجتمعنا، ما أسهل الكتابة عن الصدق فى الصحف والكتب، ثم الكذب فى الحياة والواقع، أنا يا صديقتى أكتب ما أعيش وأعيش ما أكتب، ثمن الصدق والحرية باهظ لكن ثمن العبودية والكذب أشد، فلماذا لا ندفع ونتحرر يا صديقتى؟
وقالت صديقة: لقد ناضلت طول حياتك من أجل الحرية فلماذا تضنين على زوجك بالحرية؟ قلت: الحرية والمسؤولية لا ينفصلان، الحرية لا تعنى الكذب والخيانة والطعن فى الظهر.
قالت صديقة: كل الرجال خائنون، هذه طبيعة الرجل.. الخيانة، طبيعة المرأة الإخلاص لرجل واحد، قلت: الطبيعة البشرية «امرأة أو رجل» ليست درعا حديديا ثابتاً، تتغير الطبيعة بتغير الزمان والمكان، والتربية منذ الطفولة، إذا تربى الإنسان على الكرامة والصدق أصبح صادقا يعتز بكرامته، الإخلاص الزوجى أو الخيانة ليست مسألة هرمونات، بل نظام سياسى اجتماعى تعليمى ثقافى، يغرس فى نفوس الأطفال الازدواجيات الأخلاقية، يتعلم الولد منذ الطفولة أن الرجولة تعنى غزو النساء وخداعهن، تتعلم البنت أن الأنوثة طاعة وخضوع واستسلام للظلم أو القدر أو أمر الله، يفخر الرجل بأنه الدون جوان أو زير النساء، لا يدين المجتمع أو القانون الفوضى الأخلاقية، بل يشجعها تحت اسم الرجولة، يتباهى الرجال خاصة الفنانين بمغامراتهم النسائية، لنراجع ما كتبه أغلبهم فى مذكراتهم داخل البلاد وخارجها، غزو السمراوات من أهل البلد عشقا فى الوطن، وغزو الشقراوات فى أوروبا وأمريكا انتصارا على الأعداء.
فى جريدة «المصرى اليوم» قرأنا تحقيقا كبيراً عن حياة الفنان الراحل نجيب الريحانى، قالوا عنه: الأسطورة العظيمة عملاق الكوميديا المصرية، عاش مخلصاً للفن وعاشقاً للنساء، وقالت ابنته جينا: والدى خلق للحب وكان يقع فيه كلما التقى امرأة جميلة، فتركته أمى، كان نجيب الريحانى متزوجاً من بديعة مصابنى، يمارس غزواته خارج الزواج، جعل حياته مع ابنته جينا وأمها فى الخفاء، حزنت أمها وبكت كثيرا ثم تركته وعادت إلى فرنسا، نشر هذا الكلام فى الإعلام على سبيل الفخر وتكريم نجيب الريحانى، لو امرأة فنانة مصرية فعلت ما فعله الريحانى فى حياتها الخاصة ونشرته على الناس، ماذا يقولون عنها؟ عاهرة مومس؟ هل يمجدونها مثل الريحانى ويمنحونها لقب عملاقة الفن والأسطورة العظيمة؟
أما المرأة فى بلادنا فهى تدان إن رفضت الحياة مع زوج خائن مخادع، عليها أن تقبل فساد الرجل بصبر وحب، فما بالك بنصف رجل، أو ربع رجل «فى حالة زواج الرجل بأربع نساء»، قد يتزوج رجل عجوز فى التسعين من طفلة أو فتاة قاصرة فى الخامسة عشرة، انتشرت فى السنين الأخيرة جرائم الزواج الموسمى من الأطفال والقاصرات، دون عقاب للرجال الكبار، فهل نسمى هذا زواجاً أم بغاء مقنعا؟ أصبح الفساد الأخلاقى يعم البلاد، لا يتردد الشاب العاطل فى اصطياد امرأة ثرية فى التسعين يخدعها بالحب من أجل المال، والشابة الفقيرة تصطاد عجوزا ثريا تخدعه بالحب أيضا من أجل المال، تفجرت مشاكل الفقر والعنوسة والبطالة، أصبحت الحاجة ملحة لإصدار قانون جديد يقضى على الازدواجية والتناقضات الأخلاقية داخل الأسرة وخارجها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.