أسعار اللحوم في أسوان تستقر نسبيًا اليوم السبت 13 ديسمبر 2025    صدمة لراغبي الشراء| قفزة جنونية في أسعار الذهب اليوم السبت 13-12-2025    اليونيسف تحذر من انتشار الأمراض بين أطفال غزة وتدعو إلى تكثيف إدخال المساعدات    مجانًا:- يلا شوت العراق LIVE.. مشاهدة مباراة العراق والسعودية بث مباشر جودة عالية اليوم في كأس الخليج    لقب عالمي جديد، بيراميدز يتحدى فلامنجو في كأس إنتركونتيننتال    المشاركون في ماراثون الأهرامات يلتقطون الصور التذكارية في المنطقة التاريخية    اليوم.. نظر محاكمة 65 متهما بقضية الهيكل الإداري    نشرة أخبار طقس السبت 13 ديسمبر| أمطار متفرقة وانخفاض آخر بدرجات الحرارة    أسعار العملات أمام الجنيه المصري في أسوان اليوم السبت 13 ديسمبر 2025    45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. السبت 13 ديسمبر 2025    6 وزراء يشاركون فى فعاليات قمة «المرأة المصرية» بجامعة «النيل»    أسعار السمك في أسوان اليوم السبت 13 ديسمبر 2025    رئيس وزراء تايلاند يتعهد بمواصلة العمليات العسكرية ضد كمبوديا رغم حديث عن وقف لإطلاق النار    سقوط شبكة أعمال منافية للآداب بتهمة استغلال ناد صحي لممارسة الرذيلة بالشروق    تقييد مسن بعامود إنارة بالشرقية.. والسر وراء الواقعة صادم | فيديو    حياة كريمة.. 3 قوافل طبية مجانية ضمن المبادرة الرئاسية فى سوهاج    ناصيف زيتون يتألق في حفله بقطر بنيو لوك جديد (فيديو)    إعلام فلسطيني: طائرات الاحتلال تجدد استهداف المناطق الشرقية لمدينة غزة    ترامب: الضربات الجوية على أهداف في فنزويلا ستبدأ قريبًا    دمج وتمكين.. الشباب ذوي التنوع العصبي يدخلون سوق العمل الرقمي بمصر    زيادة متوقعة في إنتاج اللحوم الحمراء بمصر إلى 600 ألف طن نهاية العام الجاري    أذان الفجر اليوم السبت13 ديسمبر 2025.. دعاء مستحب بعد أداء الصلاة    منخفض بيرون يُهدد 250 ألف أسرة في مخيمات غزة.. وتطورات لافتة في الضفة (فيديو)    بدأ العد التنازلي.. دور العرض تستقبل أفلام رأس السنة    تدريب واقتراب وعطش.. هكذا استعدت منى زكي ل«الست»    بين مصر ودبي والسعودية.. خريطة حفلات رأس السنة    د.هبة مصطفى: مصر تمتلك قدرات كبيرة لدعم أبحاث الأمراض المُعدية| حوار    تقرير أممي: التوسع الاستيطاني بالضفة الغربية يبلغ أعلى مستوى له منذ عام 2017 على الأقل    مصرع شخص وإصابة 7 آخرين فى حادث تصادم بزراعى البحيرة    ياسمين عبد العزيز: كان نفسي أبقى مخرجة إعلانات.. وصلاة الفجر مصدر تفاؤلي    أكرم القصاص: الشتاء والقصف يضاعفان معاناة غزة.. وإسرائيل تناور لتفادي الضغوط    هشام نصر: سنرسل خطابا لرئيس الجمهورية لشرح أبعاد أرض أكتوبر    محمد فخرى: كولر كان إنسانا وليس مدربا فقط.. واستحق نهاية أفضل فى الأهلى    سلوى بكر ل العاشرة: أسعى دائما للبحث في جذور الهوية المصرية المتفردة    تعيين الأستاذ الدكتور محمد غازي الدسوقي مديرًا للمركز القومي للبحوث التربوية والتنمية    محمود عباس يُطلع وزير خارجية إيطاليا على التطورات بغزة والضفة    فرانشيسكا ألبانيزي: تكلفة إعمار غزة تتحملها إسرائيل وداعموها    ننشر نتيجة إنتخابات نادي محافظة الفيوم.. صور    الأهلي يتراجع عن صفقة النعيمات بعد إصابته بالرباط الصليبي    إصابة 3 أشخاص إثر تصادم دراجة نارية بالرصيف عند مدخل بلقاس في الدقهلية    ياسمين عبد العزيز: أرفض القهر ولا أحب المرأة الضعيفة    قرار هام بشأن العثور على جثة عامل بأكتوبر    محافظ الدقهلية يهنئ الفائزين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم من أبناء المحافظة    لغز المقبرة المكسورة في الدقهلية.. مفاجأة صادمة تكشف سر الفتح الغامض    الأهلي يتأهل لنصف نهائي بطولة أفريقيا لكرة السلة سيدات    إشادة شعبية بافتتاح غرفة عمليات الرمد بمجمع الأقصر الطبي    روشتة ذهبية .. قصة شتاء 2025 ولماذا يعاني الجميع من نزلات البرد؟    عمرو أديب ينتقد إخفاق منتخب مصر: مفيش جدية لإصلاح المنظومة الرياضية.. ولما نتنيل في إفريقيا هيمشوا حسام حسن    الإسعافات الأولية لنقص السكر في الدم    مفتي الجمهورية يشهد افتتاح مسجدي الهادي البديع والواحد الأحد بمدينة بشاير الخير بمحافظة الإسكندرية    غلق مزلقان مغاغة في المنيا غدا لهذا السبب    لجنة المحافظات بالقومي للمرأة تناقش مبادرات دعم تحقيق التمكين الاقتصادي والاجتماعي    مواقيت الصلاه اليوم الجمعه 12ديسمبر 2025 فى المنيا    انطلاقة قوية للمرحلة الثانية لبرنامج اختراق سوق العمل بجامعة سوهاج |صور    هشام طلعت مصطفى يرصد 10 ملايين جنيه دعمًا لبرنامج دولة التلاوة    سويلم: العنصر البشري هو محور الاهتمام في تطوير المنظومة المائية    دعاء المساء.. طمأنينة للقلب وراحة للروح    نقيب العلاج الطبيعى: إلغاء عمل 31 دخيلا بمستشفيات جامعة عين شمس قريبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نص كلمة شيخ الأزهر في احتفالية ليلة القدر
نشر في المصري اليوم يوم 18 - 04 - 2023

أعرب الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، عن خالص دعواته بأن يكشف الله عن أمتنا وعن العالم كله ما نزل بساحتِه من حروب وقحط ووباء وغلاء، وأن يوفق ولاة الأمور والعلماء والحكماء إلى بر السلام والأمان، وحقن الدماء التي حرمها الله تعالى من فوق سبع سماوات، داعيا إلى حقن الدماء التي حرمها الله من فوق سبع سماوات، وحذر من سفكها رسولُه صلى الله عليه وسلم في قوله: «لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ»، وقولِه: «أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ الصَّلاةُ، وأَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ فِي الدِّمَاءِ»، وقولِه: «لَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ اشْتَرَكُوا فِي دَمِ مُؤْمِن؛ لأَكَبَّهُمُ اللَّهُ فِي النَّارِ»، وقولِه: «إذَا التَقَى المُسْلِمَانِ بسَيْفَيْهِما فَالقَاتِلُ والمَقْتُولُ في النَّارِ، قيل: يا رَسولَ اللَّهِ، هذا القَاتِلُ، فَما بَالُ المَقْتُولِ؟ قالَ: إنَّه كانَ حَرِيصًا علَى قَتْلِ صَاحِبِهِ».
وأكد شيخ الأزهر خلال كلمته اليوم الثلاثاء، في احتفالية وزارة الأوقاف المصرية بليلة القدر، بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسي، أن مما يرتبط بليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، ويتعلق بإشراقاتها ونفحاتها في باب العبادات- عبادة «الدعاء»، والتجاء المسلم إلى ربه، وتضرعه إليه تعالى في كل أموره وشئونه، ما كان منها معتادا ميسورا، وما كان عسيرا معقدا، وقد يظن كثيرون أن «عبادة» الدعاء عبادة ثانوية، أو هي عبادة مأمور بها على سبيل الندب والاستحباب، وأن العبد مخير بين أدائها وتركها.. وكل ذلكم ظن خاطئ، مصدره الغفلة عن موارد الأمر والنهي في القرآن الكريم، والحقيقة هي: أن الدعاء عبادة مأمور بها في آيات كثيرة من آيات القرآن الكريم، أُمر بها النبي صلى الله عليه وسلم كما أُمر بها المؤمنون سواء بسواء، من ذلك قوله تعالى مخاطبا نبيه صلى الله عليه وسلم ﴿وَقُل رَّبِّ أَنزِلْنِي مُنزَلًا مُّبَارَكًا وَأَنتَ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ﴾، ﴿وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾، ﴿وَقُل رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ﴾.
وأضاف شيخ الأزهر أن من ذلك أمره تعالى عباده المؤمنين بالدُّعاءِ في قولِه سُبحانه: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾، وآيات أخرى كثيرةٍ تتَضمَّن أمرًا بالدُّعاءِ والتَّعَبُّدِ به، وبعضُها يُشير إلى صفة «الخشوع والضراعة» التي ينبغي أن يتَّصفَ بها الدَّاعي حال دُعائه، مثلَ قولِه تعالى: ﴿ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً﴾، ومعنى: «الخُفْيَة» هي ما خَفِي سِرًّا في نفس الدَّاعي، وذلك حتى لا يَتَسَرَّب إليه الرِّياء، ويُفسِد عليه عبادةً من أهمِّ العبادات، وقد أثنى اللهُ تعالى على هذه الصِّفةِ في دُعاءِ نَبيِّه زكريَّا عليه السَّلام، في قولِه سُبحانه: ﴿ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا * إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا﴾، كما أثنى عليه النبي صلى الله عليه وسلم في قولِه: «خَيْرُ الذِّكْرِ الْخَفِيُّ، وَخَيْرُ الرِّزْقِ مَا يَكْفِي».
وأوضح شيخ الأزهر أنَّ استحباب الخفاءِ في الذِّكْرِ وفي الدُّعاءِ لا يَعني ذمَّ الجَهْرِ بالدُّعاءِ أو النَّهيَ عنه، كيف؟! وكلُّ ما نُقِلَ لنا من أذْكَارِه -صلى الله عليه وسلم- وأدعيتِه كان جَهْرًا، ولو أنَّه كان سِرًّا لما نُقِلَ إلينا شيءٌ منها، والذي تُرشِدُ إليه الآية الكريمة هو: النَّهيُ عن الجَهْرِ الذي يَخرُجُ بالدُّعاء عن حَدِّ الوقارِ والخشوعِ وأدبِ المناجاةِ، والمتَّفَقُ عليه بين العلماء هو: أنَّهم لا يَعرفون خِلافًا مُعتَبرًا في أنَّ السِّرَّ في أعمالِ البِرِّ كُلِّها - من غيرِ الفرائض- أعظمُ أَجْرًا من الجَهْرِ بها؛ لقولِه صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أفْضَلَ صَلَاةِ المَرْءِ في بَيْتِهِ، إلَّا الصَّلَاةَ المَكْتُوبَةَ»، وقولِه: «صَدَقةُ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ»، وقولِه: «الجَاهِرُ بِالقُرْآنِ كَالجَاهِرِ بِالصَّدَقَةِ، والمُسِرّ بِالقُرْآنِ كَالمُسِرِّ بِالصَّدَقَةِ»، ودليلُ ذلك -أيضًا- حديثُ أبي موسى، الذي يقولُ فيه: «كُنَّا مع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في سَفَرٍ، فَكُنَّا إذَا عَلَوْنَا كَبَّرْنَا، فَقالَ: اِرْبَعُوا علَى أنْفُسِكُمْ»، [أي: ارْفُقوا بأنفسِكم واخفِضُوا أصواتَكم]، ثم قال صلى الله عليه وسلم: «فَإنَّكُمْ لا تَدْعُونَ أصَمَّ ولَا غَائِبًا، وإنَّما تَدْعُونَ سَمِيعًا بَصِيرًا قَرِيبًا».
وتابع: أن السُّنَّة المُطَهَّرة جاءت فأكَّدت مركزيَّةِ «الدُّعاء» وأهميتِه القُصوى في حياةِ المسلم، وارتباطه بربِّه والتعلُّق بحَبْلِه المتين، وبَيَّنَتْ أنَّ الدعاء يَرْقَى إلى مستوى العبادةِ نفسها، وذلك في قولِه صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الدُّعاءَ هوَ العِبادةُ، ثمَّ قرأَ: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾، وقوله في حديثٍ آخَر: «الدُّعاءُ مُخُّ العِبادةِ»، وتعليل ذلك -فيما يقول شُرَّاحُ الحديث– أنَّ مَنْ يَدْعو ربَّه فإنَّما يدعوه بعد أنْ ينقطعَ أَمَله في الخَلْقِ والمخلوقين، وهذا هو معنى الافتقارِ، وهو جَوْهَرُ العبادةِ التي لا عبادةَ فوقها، وهنا يقول صلى الله عليه وسلم: «لَيسَ شَيءٌ أكرَمَ على اللهِ عزَّ وجلَّ مِنَ الدُّعاءِ»، ويقول صلوات الله وسلامه عليه: «سَلُوا اللَّهَ مِن فَضْلِهِ، فإنَّ اللَّهَ - تعالى- يُحِبُّ أنْ يُسْألَ مِن فَضْلِهِ، وأَفْضَلُ العِبادةِ انتظارُ الفَرَجِ».
ولفت شيخ الأزهر إلى أهميةِ الدُّعاءِ ومَنْزلتِه، فقد كان صلى الله عليه وسلم يُعلِّمه أصحابه كما يُعلِّمُهم السُّورة من القُرآن، فقد وردَ أنَّه كانَ يُعلِّمُهُم التَّشَهُّدَ والقنوتَ، ودعاءَ الاستخارة ودُعاءَ الجنائز، وأدعيةً أخرى لا يتَّسِعُ لها المقام، منها على سبيلِ التمثيلِ فقط، قوله: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ»، ومنها دُعاؤه حين يأوي إلى مَضْجَعِه: «بِاسْمِكَ رَبِّ وَضَعْتُ جَنْبِي وَبِكَ أَرْفَعُهُ، إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَارْحَمْهَا، وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ»، ومنها: «اللَّهمَّ إنِّي أعوذُ بك من الهمِّ والحزنِ، وأعوذُ بك من العجزِ والكسلِ، وأعوذُ بك من الجبنِ والبُخلِ، وأعوذُ بك من غلبةِ الدَّينِ وقهرِ الرِّجالِ»، ومنها: «اللَّهمَّ إني أعوذُ بك أن أَضِلَّ أو أُضلَّ، أو أَزِلَّ أو أُزَلَّ، أو أَظْلِمَ أو أُظْلَمَ، أو أجهلَ أو يُجهلَ عليَّ» إلى دعواتٍ أُخرى يضيقُ عنها الوقت.
وأردف شيخ الأزهر أن المدْهِش في شأنِ دعاء النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه كان يَستغرِق حياته اليوميَّة من ألفِها إلى يائِها، مهما اختلفَتْ بها الظُّروف والأحوال والملابسات، وكأنَّه -صلواتُ الله وسلامه عليه- كان يتَّخِذُ من الدعاء وسيلةً يحتمي بها، ويُعوِّل عليها في شُئونِه كُلِّها، ويقفُ بها وُقوفًا طويلًا على بابِ اللهِ: نهاره وليله، يقظَته ومَنامه، فإنَّه كانت تنامُ عيناه، ولا ينامُ قلبه، كما أخبر عن نفسِه، وكان يُوصي أصحابَه بالارتباطِ بالله -تعالى!- والتعلُّقِ به في كلِّ أمورِهم وحاجاتِهم وأشيائِهم مهما كانت صغيرةً أو تافهةً، وكان يقولُ لهم: «لِيسأَلْ أحَدُكم ربَّه حاجتَه كلَّها، حتَّى شِسْعَ نَعْلِه إذا انقطَع».
وذكر شيخ الأزهر شروط العُلماء للدعاء المستجاب، وآدابه التي استَخلَصوها من سيرتِه وتوجيهاتِه صلى الله عليه وسلم في دعائه وأذكاره، مبينا أن من شروط الدَّاعي أن يكون مَطعَمُه حلالًا، ومَلْبَسُه حلالًا، وأيضًا من شروطِه: ألَّا يَتَعجَّلَ الإجابةَ؛ لحديثِ أبي هريرةَ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يُسْتَجابُ لأحَدِكُمْ ما لَمْ يَعْجَلْ، يقولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي»، وأمَّا آدابُ الدعاءِ فمنها: أن يَستَنفِدَ العبدُ - مع الدُّعاء - كلَّ الأسبابِ اللازمة لنَيْلِ المطالب وبُلوغِ الآمال، والدليلُ على ذلك أنَّ القرآنَ الذي أمَرَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم بالدُّعاء، وأمَرَ به المؤمنين مِن ورائِه هو القرآنُ نَفْسُه الذي أمَرَهم بأن يُعِدُّوا العُدَّةَ للأمر قَدْرَ الطَّاقة، وقَدْرَ المستطاع ﴿وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ﴾.
وأضاف أن من آدابِ الدعاءِ أيضا أن يَتحرَّى الدَّاعي أوقاتَ الإجابةِ وأزمنتَها المباركة، ومنها: شهرُ رمضان وبخاصَّةٍ: العَشْرُ الأواخرُ مِنْهُ، وكذلك يَوْمُ عَرَفة، ويَوْمُ الجُمعة، والثَّلُثُ الأخير من الليل، وأوقاتُ السَّحَر، وكذلك من آدابِ الدُّعاء: استقبالُ القِبْلَةِ وخفضُ الصَّوت؛ لقولِه تعالى: ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَٰلِكَ سَبِيلًا﴾، والمراد بالصلاةِ في هذه الآية: الدُّعاءُ، كما أَخْبَرتْ بذلك عائشةُ أمُّ المؤمنين -رضي الله عنها وأرضاها، ومِن هذه الآدابِ: رفعُ اليدين؛ لقولِه صلى الله عليه وسلم في حديثِ سلمانَ الفارسيِّ: «إنَّ اللهَ حَيِيٌّ كريمٌ، يَستَحِي من عبدِه إذا رَفَعَ يديْهِ أن يرُدَّهُما صِفْرًا خَائِبَتَيْنِ»، ومن الآداب أيضًا: أن يَستَفتِحَ الدَّاعي دُعاءَه بذِكرِ الله تعالى وبالصَّلاةِ على رسولِه صلى الله عليه وسلم، ويختمَه بما بدَأَه به.
ولفت شيخ الأزهر إلى أنه مِمَّا يجدُر ذِكْره في مسألة «الدُّعاء»، هو ما يُنبِّه إليه العلماء من أنَّ هناك دعوات مُستجابة لا تُغْلَق في وَجْهِها أبواب السَّماء أبدًا، في مُقدِّمتها، بل على رأسِها: دعوةُ «المظلوم» قال العلماء: وإنْ كان المظلوم فاجرًا، بل قالوا: وإن كان كافرًا، ولا عجب؛ فدعوةُ المظلوم -كما وردَ في الحديثِ الشَّريف- تُحْمَل على الغمامِ وتُفتَحُ لها أبوابُ السَّماءِ، ويستقبلها المولى بقولِه: «وعزَّتي وجلالي لأنصرَنَّكِ ولَو بعدَ حينٍ»، ومن هذه الدَّعواتِ المستجابة دعوة الوالد على وَلَدِه الذي يَعُقُّه ويُؤذيه ويَظلِمه، ثم دعوةُ الصَّائمِ حين يُفطر، ودعوةُ الإمامِ العادل، ودعاء العبدِ لأخيه بظَهْرِ الغيب، والولَدِ لوالديه، ودعاء الذين يَذْكُرون الله كثيرًا، ودعوةُ المريضِ والمُبْتَلَى وكثيرِ التعرُّف على الله في الرَّخاءِ والشِّدَّة، وحاملِ القُرآن الكريم.
واختتم شيخ الأزهر كلمته بأنَّها لَمُناسبة طَيِّبَة ومباركة، وفي خواتيم هذا الشهرِ الكريم- أنْ نَستَعِينَ بالله على أنفُسِنا، ونبدأ بالتَّخَلُّصِ من مَظالمِ العباد وحُقوقِهم وحاجاتِهم، ونُبادر بردِّها إلى أصحابها، وأنْ نعفوَ عمَّن ظلَمَنا، ونَغفِرَ لمَن أساءَ إلينا، وأن نَصِلَ أرحامَنا ونُحسِنَ إليهم، وأن نَتحمَّلَ أَذَى أُولي الأرحام وظُلْمَهم وقطيعتَهم، وأنْ نتجاوَزَ عنهم؛ احتسابًا ورغبةً فيما عند الله من ثوابٍ عظيمٍ يَدَّخِرُه لكُلِّ مَن يُسارع إلى صِلَةِ رحمِه وأقربائِه، هذه الرَّحِمُ التي أَمَرَ الله بوصلِها، ووعدَ بوصْل مَنْ وَصلَها، وتوعَّدَ بقطع مَن قطَعَها، والخيرُ كلُّ الخير فيمَن يَغلِبُ نفسه، ويكظمُ غيظه، ويخفِض جناح الذُّل، ويذهب ليمُدَّ يَدَهُ لمَن أساءَ إليه مِن أُولي الأرحام وذوي القُرْبَى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.