هل يتحول بحر البلطيق لبؤرة صراع جديدة بعد انضمام فنلندا ل«الناتو» ؟ (تقرير)

أعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرج، عن موعد رفع العلم الفنلندي فوق مقر «الناتو» في بروكسيل، عقب ظهر اليوم الثلاثاء، لتصبح فنلندا، رسميا العضو الحادي والثلاثين في الحلف، في خطوة وصفها «الناتو» ب«التاريخية» فيما اعتبرها البعض تصعيد جديد بين الغرب وروسيا من شأنه تحويل بحر البلطيق إلى منطقة صراع جديدة.
ووصف الأمين العام لحلف شماالأطلسي انضمام فنلندا للحلف ب«الخطوة التاريخية»، معتبرًا إن ضم الدولتين سيجعل «الحلفاء» أكثر أمنا، وسيزيد من قوة الناتو وأمن منطقة أوروبا، فيما حذرت روسيا من تكثيفها قواتها على الحدود مع فنلندا.
وأفادت وكالة «أسوشيتيد برس» بأن رفع العلم الفنلندي، يأتي بمشاركة الرئيس الفنلندي، ساولي نينيستو، ووزير خارجيته، بيكا هافيستو، ووزير الدفاع، أنتي كايكونن، قبيل اجتماع بين وزراء خارجية دول الحلف؛ حيث يتزامن الحدث مع الذكرى ال 74 لتأسيس الحلف في ال 4 من أبريل 1949.
وتشترك فنلندا مع روسيا في حدود يبلغ طولها أكثر من 1330 كيلومترا، هي الأطول لدولة في الاتحاد الأوروبي مع موسكو ومع ذلك فقد بقيت محايدة خلال الحرب الباردة.
ويعني انضمام فنلندا والسويد ل«الناتو» اقتراب قواته لأكثر من مسافة 1300 كيلومتر من الحدود مع روسيا، مما يثير المخاوف من تحويل بحر البلطيق إلى منطقة صراع جديدة؛ إذ كان أحد أهم الأسباب التي بررت بها موسكو حربها على كييف هو السعي لمنع اقتراب الناتو من حدودها.
وتسعى السويد جاهدة إلى الانضمام رسميا على غرار فنلندا، ويعني انضمام الدولتين الاسكندنافيتين إلى «الناتو» احتمالية حدوث تغير جذري في مواقفهما «المحايدة» من جارتهما روسيا، والتي تغيرت بطبيعة الحال في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية؛ إذ سيضفي انضمامهما الطابع الرسمي على أي تعاون عسكري مع الحلف الأطلسي والدول المجاورة، مما يؤدي إلى إحكام القبضة الإسكندنافية الإستراتيجية على بحر البلطيق وهو نقطة وصول القوات الروسية البحرية إلى مدينة سانت بطرسبرج.
مثلث استراتيجي لتقويض موسكو
وفي قراءة للمشهد، اعتبر المسؤول السابق لحلف شمال الأطلسي، ومدير الاستراتيجيات والتسليح بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية ومقره لندن، وليام ألبيركي، أن انضمام فنلندا والسويد للناتو «يُغيّر وضع أمن منطقتي الشمال الأوروبي والبلطيق»، إذ يسمح لحلف الناتو بالتخطيط لدفاع كامل وموحد ضد أي مغامرة روسية محتملة ويقلل بشكل كبير من قدرة روسيا للهجوم.
وسيشكل انضمام فنلندا والسويد إلى جانب أيسلندا مثلث استراتيجي لمواجهة القوات الروسية المتجه من شبه جزيرة كولا الشمالية، ويقول خبراء أن التخطيط العسكري لحلف الناتو سيصبح أبسط بكثير كما سيسهل الدفاع عن المنطقة بشكل أكبر
روسيا تتأهب لرفع قواتها
على الجانب الروسي حذر، رئيس الأكاديمية الروسية للقضايا الجيوسياسية العقيد المتقاعد ليونيد إيفاشوف، من أن انضمام فنلندا إلى حلف شمال الأطلسي «الناتو» سيُؤدي إلى تحوّل بحر البلطيق إلى «منطقة نفوذ» للناتو مما يجعل فنلندا عقب هذا التطور «دولةغير مستقلة» تحتضن قوات عسكرية، مما يهدد أمن المنطقة.
ونقل تقرير نشره موقع «نيوز ري» الروسي، عن المسؤول العسكري الروسي قوله، إن ضم فنلدنا والسويد إلى الناتو سيرفع عدد القوات المسلحة على الحدود مع روسيا إلى 300 ألف جندي بدلا من 50 ألفا سابقا، وهو وضع سيدفع موسكو لتعزيز وجودها العسكري على حدودها عن طريق نشر عدة فرق وأنظمة دفاع جوي وبعض أنواع الأسلحة الصاروخية.
وبحسب إيفاشوف فإن عسكرة الحدود صار أولوية بالنسبة لروسيا بسبب سياسة الناتو، في الوقت الذي كانت تركز فيه موسكو سابقا على تقوية العمل الدبلوماسي والثقافي مع جارتها.
يستفيد أعضاء الناتو وعددهم 30 في الوقت الحالي، بحسب البند الخامس وهو المظلة الأمنية للتحالف العسكري بالحماية العسكرية في حال تم الهجوم على أي عضو.
أفسحت تركيا المجال أمام فنلندا لتصبح العضو ال 31 في حلف شمال الأطلسي «الناتو» بعد موافقة برلمانها، نهاية مارس الماضي، على طلب انضمامها إلى الحلف، عقب تأخير القرار لشهور، منذ صادق الرئيس الأمريكي على ضمها في أغسطس الماضي.
في 29 من يونيو الماضي أطلق «الناتو»، رسميا آلية لضم السويد وفنلندا إليه بموافقة الأعضاء ال30، وذلك عقب اتفاق تم التوصل إليه قبيل بدء قمة مدريد، وإثر إقناع أنقرة بالتخلي عن معارضتها طلب الدولتين الانضمام.
ووقع الرئيس الفنلندي ساولي نينيستو وقّع في 23 مارس الماضي على قانونيْن، يتعلق الأول باقتراح للحكومة بالموافقة على معاهدة شمال الأطلسي ودخولها حيز التنفيذ، بينما يتعلق الثاني باتفاق حول وضع منظمة حلف شمال الأطلسي والممثلين الوطنيين والموظفين الدوليين، وفقًا ل«أسوشيتيد برس».