هل يجوز للحائض الإمساك عن الطعام والشراب في نهار رمضان؟.. «الإفتاء» توضح

مع حلول شهر رمضان المبارك كل عام، تتساءل العديد من الفتيات عن أحكام الصيام الخاصة بالمرأة في هذا الشهر الفضيل، لعل أبرزها هو حكم إمساكها عن الطعام والشراب في نهار رمضان، خلال فترة حيضها التي زال الله خلالها تكليف الصيام عن المرأة لتعوضها في أيام أخرى.
وورد سؤال إلى الأمانة العامة ل دار الإفتاء المصرية، سؤالًا يقول صاحبه: ما حكم إمساك الحائض عن الطعام والشراب في نهار رمضان؟ حيث تأكل بعض النساء شيئًا قليلًا ثم تمسك بقية اليوم؛ مراعاة لحرمة شهر رمضان.
وقالت دار الإفتاء إنه المقرر شرعًا أنه لا يصح صوم الحائض، ولا يجب عليها، ويحرم عليها، ويجب قضاؤه؛ قال الإمام النووي في «المجموع»، مضيفة أن حرمة الصوم وعدم صحته عام في الفرض والنفل، وقد روى البخاري ومسلم في «صحيحيهما» عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَغْلَبَ لِذِي لُبٍّ مِنْكُنَّ»، ثم قال: «وَتَمْكُثُ اللَّيَالِيَ مَا تُصَلِّي، وَتُفْطِرُ فِي رَمَضَانَ فَهَذَا نُقْصَانُ الدِّين»، وفي رواية للبخاري: «أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتِ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ؟»، وهو استفهام تقريري يراد منه حملُ المخاطب على الإقرار والاعتراف بأمر قد استقر عنده العلم به».
وأضافت أن العلامة الجمل ذكر في «حاشيته على شرح منهج الطلاب»، أنه يحرم عليها -أي: الحائض- الصوم ابتداء؛ بأن تشرع في الصوم وهي حائض، ودوامًا؛ بأن يطرقها الحيض وهي صائمة فيحرم عليها استمرارها فيه؛ بأن تلاحظ أنها في صوم وأنها تتمه، بخلاف ما لو لاحظت الخروج منه أو لم تلاحظ شيئًا، فالحرمة في صورة، وعدمها في صورتين- يعني في حالة أن يطرقها الحيض وهي صائمة.
وتابعت أن فرض الحائض الإفطار، ويحرم عليها الصوم، ومحل الحرمة هو أن تقصد الإمساك بنية الصوم، أما إذا لم تتناول مفطرًا، ولم تنو الصوم فلا حرمة عليها، مضيفة أن الإمام النووي قال في «المجموع»: «ولو أمسكت أي حائض لا بنية الصوم لم تأثم، وإنما -أي: تأثم- إذا نَوَتْهُ وإن كان لا ينعقد».
وأوضحت أن بعض الفقهاء يروا أنه يُستحب لها الإمساك في خصوص صوم رمضان تشبهًا بالصائمين؛ لأن الإمساك من خواص رمضان، بينما يرى الآخرون أنه لا يستحب لها الإمساك، منوهة إلى أن الشيخ عبدالحميد الشرواني أوضح في «حاشيته على تحفة المحتاج»: «والحاصل أن مَن جاز له الفطر ظاهرًا وباطنًا فلا يجب عليه الإمساك بل يُسن، ومن حرم عليه ظاهرًا وباطنًا أو باطنًا فقط وجب عليه الإمساك».
وتابعت أن هذا الاستحباب إنما هو في حق مَن لا تنوي الصيام، أما في حق من تظن أن في إفطارها حرجًا شرعيًّا- كحال غالب النساء اليوم- فلا يشرع لها أن تمسك أصلًا؛ بل يجب عليها اعتقاد انتفاء الحرج عن نفسها بالإفطار وامتثال أمر الشرع لها بترك الصيام، وإذا لم يحصل لها ذلك إلا بتناول شيء من المفطرات فيجب عليها ذلك حينئذ.