جاءت كلمة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى، خلال فعاليات أسبوع القاهرة للمياه، حاسمة وحازمة، حيث أكدت أن الدولة المصرية لن تفرط فى حقوقها التاريخية فى مياه النيل، كما وجّه الرئيس مجموعة من الرسائل الحاسمة والواضحة، أكد خلالها أن مصر تنتهج نهجًا مسئولًا ودبلوماسيًا فى إدارة ملف المياه، لكنها فى الوقت نفسه لن تتهاون فى حماية أمنها المائى وحقوقها التاريخية فى نهر النيل، علاوة على تجديد موقف مصر الثابت الداعى إلى التعاون العادل بين دول حوض النيل، واحترام قواعد القانون الدولى، ورفض الإجراءات الأحادية التى تهدد الاستقرار الإقليمى، مع التأكيد على أن الماء يجب أن يكون جسرًا للتعاون لا ساحة للصراع. 1-مصر لن تقف مكتوفة الأيدى أمام النهج غير المسئول لإثيوبيا وستتخذ كل التدابير لحماية مصالحها وأمنها المائى 2-انتهجنا على مدار أربعة عشر عامًا من التفاوض المضنى مع الجانب الإثيوبى مسارًا دبلوماسيًا نزيهًا اتسم بالحكمة والرصانة 3-قدمنا العديد من البدائل الفنية الرصينة التى تلبى الأهداف المعلنة لإثيوبيا وتحفظ مصالح دولتى المصب 4-إثيوبيا تسببت من خلال إدارتها غير المنضبطة للسد فى إحداث أضرار بدولتى المصب 5-الجانب الإثيوبى قابل هذه الجهود بتعنت لا يفسر إلا بغياب الإرادة السياسية وسعى لفرض الأمر الواقع 6-التنمية ليست امتيازًا لدولة بعينها بل مسئولية جماعية لكل شعوب النهر وحق يصان بالتعاون لا بالتفرد 7-المجتمع الدولى والقارة الإفريقية عليهما مواجهة مثل هذه التصرفات المتهورة من الإدارة الإثيوبية وضمان تنظيم تصريف المياه من السد 8-نرفض أى إجراءات أحادية تتخذ على نهر النيل تتجاهل الأعراف والاتفاقات الدولية 9-طريق الدبلوماسية لم يكن يومًا ضعفًا أو تراجعًا بل تعبيرًا عن قوة الموقف ونضج الرؤية
فى لحظة فارقة تتقاطع فيها تحديات تغير المناخ مع أزمات الموارد الطبيعية تحولت القاهرة إلى مركز حيوى للحوار الدولى حول المياه، عبر النسخة ال 8 من أسبوع القاهرة للمياه، التى استضافت وفودًا من مختلف أنحاء العالم، جمعتهم قضية واحدة وهى «المياه»، تحت شعار «الحلول المبتكرة من أجل القدرة على الصمود واستدامة الموارد المائية»، وذلك بمشاركة حثيثة من وزراء وصناع قرار وخبراء دوليين وممثلى منظمات وقطاعات حكومية وخاصة، فى نقاش جاد حول مستقبل المياه فى ظل تحديات بيئية متزايدة وتطورات سياسية معقدة. سلوك إثيوبى غير منضبط خلال كلمته، أكد الدكتور هانى سويلم، وزير الموارد المائية والرى، أن باب التفاوض مع إثيوبيا بشكله الحالى قد أُغلق بالكامل، نتيجة تعنت أديس أبابا ورفضها الالتزام باتفاق ملزم، رغم كل البدائل الفنية التى قدمتها مصر، واصفًا الإدارة الإثيوبية للسد بأنها عبثية، وأن ما حدث مؤخرًا من تصريف غير منظم للمياه دليل على خطورة غياب التنسيق، ما دفع الدولة لاتخاذ إجراءات فنية لمواجهة أى سيناريو، أبرزها توسيع القدرة التصريفية لمفيض توشكى، محذرًا من أن استمرار إثيوبيا فى هذا النهج سيكون له ثمن، ومصر توثق كل المخالفات كجزء من تحرك دولى لحماية مصالحها، خاصة أن الأمن المائى مسألة سيادة لا تقبل المجاملة. رسائل وحدة وتكامل شهد أسبوع القاهرة لقاءات مكثفة جمعت مصر بعدد من الدول الشقيقة والصديقة، فى مقدمتها العراق، حيث التقى الوزير سويلم نظيره العراقى عون ذياب، وتم خلال اللقاء استعراض التحديات المشتركة، وبحث سبل التعاون فى الرى الحديث، وتحلية المياه، ومقاومة التصحر، واستخدام التكنولوجيا الحديثة فى إدارة المياه، إذ أكد الجانبان ضرورة تفعيل مذكرة التفاهم الموقعة بين البلدين، وتبادل الخبرات الفنية والتدريب، خاصة عبر مركز التدريب الإقليمى فى مصر، الذى يساهم فى بناء القدرات العربية والإفريقية. كما شهدت القاهرة توقيع بروتوكول تعاون مع الشبكة الإسلامية لتنمية وإدارة مصادر المياه، سيتم بموجبه افتتاح مكتب إقليمى للشبكة فى العاصمة المصرية، فى خطوة تؤكد مكانة القاهرة كمركز إقليمى للتنسيق والتخطيط المائى فى العالم الإسلامى. العالم بين الندرة والإجهاد وحسب تصريحات «سويلم» فإن %60 من الدول الأعضاء فى منظمة التعاون الإسلامى تقع ضمن مناطق جافة أو شبه جافة، بينما تعانى 29 دولة من إجهاد مائى، بينها 18 وصلت إلى مستوى حرج، مشيرًا إلى أن العالم العربى لا يمتلك سوى %1 من المياه العذبة المتجددة، بينما يضم نحو %6 من سكان العالم، محذرًا من أن استمرار الوضع الراهن قد يكلف دول المنطقة ما بين %6 و %14 من الناتج المحلى الإجمالى بحلول عام 2050، نتيجة نقص الاستثمارات وتأثيرات تغير المناخ، ناهيك عن أن دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تستحوذ على %50 من القدرة العالمية لتحلية المياه، و%40 من مشروعات إعادة الاستخدام. إفريقيا والتكامل من أجل التنمية وزير الموارد المائية فى جنوب إفريقيا، وفى تصريحات ل«روزاليوسف»، أكد أن القارة بحاجة إلى سد فجوة تمويلية تبلغ 30 مليار دولار سنويًا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030، مشددًا على أهمية التمويل المختلط والسندات الخضراء والزرقاء، وأن بلاده تسعى إلى شراكات مع القطاع الخاص، وأن هناك فرصًا كبيرة للتعاون مع مصر فى مشروعات البنية التحتية والرى والتحلية. وشدد على أهمية تبادل الخبرات بين البلدين، خاصة فى ظل تحديات مناخية مماثلة، خاصة أن القاهرة وجوهانسبرج تربطهما علاقات استراتيجية فى ملفات السلام والتنمية، مشيرًا إلى الحضور السنوى لوفده فى أسبوع القاهرة للمياه، باعتباره حدثًا لا يمكن عدم المشاركة فيه. ووجّهت مصر، من خلال منصتها الدولية، رسالة واضحة إلى المجتمع الدولى الأمن المائى ليست رفاهية بل ضرورة، والمياه يجب أن تكون جسرًا للتعاون لا ساحة للصراع، داعية إلى تحويل الأفكار إلى مشروعات، والرؤى إلى خطط تنفيذية، من أجل مستقبل تنعم فيه الشعوب بمورد أساس للحياة، فى ظل عدالة مناخية ومائية لا تستثنى أحدًا. Untitled-1_copy