سائق «توك توك».. خرج ل«لقمة العيش» فعاد لأمه جثة هامدة

من الفيوم إلى فيصل بالجيزة كان مستقره لكسب لقمة العيش، وليكون «كتف بكتف» مع والده ليعولا أسرة مكونة من 4 فتيات، وقبل أن يهنأ بفرح إحدى شقيقاته فى عيد الأضحى المقبل، أضحت الزغاريد صراخًا واستبدل بالملابس الزاهية السواد، وسادت حرقة القلب على «الواد الوحيد»، بعد أن عاد إلى أمه جثة هامدة تبكيه «يا عينى عليك»، وتلومه «قلت لك متروحش القاهرة، أديك اتسرقت واتقتلت يا ضنايا».
صورة معلقة على جدران منزل بسيط، يصعب على أم محمد رجب أن تكون هذه نهاية ابنها، بمرارةِ تتذكر ليلة خروجه للعمل على «توك توك» فى محافظة الجيزة، إذ قال لها: «يا أمى هناك الرزق كتير وحلو»، ومكالمتهما اليومية واطمئنانها على أحواله «عاوزاك تخلى بالك من نفسك ولا تمشى مع عيال وحشة»، وتأكيده عليها «جاى هنا يا أمى أشتغل وأكسب، علشان أبعت لك فلوس قبل العيد عشان جواز أختى».
فى ظروف غامضة، غاب «رجب» عن مسكنه مع أصدقائه فى فيصل، اتصالاته مع أسرته انقطعت وأمه القلق يأكل قلبها، وهى تردد على أفراد الأسرة: «شوفوا أخوكم فيه حاجة، عمره ما اختفى عن عينى لحظة وكل يوم كان بيكلمنى»، حتى صحت من نومها مفزوعة من كابوس زارها فطلبت من زوجها «انزل على مسكن الواد، ليكون جرى له حاجة».
اختفى «رجب» 20 يومًا، حين وصل أبوه لمسكنه فى منطقة كعابيش لتكون الصدمة على لسان أصحابه: «منعرفش عنه حاجة ولا جه هنا من ساعة ما خرج بالتوك توك قبل 3 أسابيع»، ليبدأ الأب رحلة البحث عن ابنه «يوم كامل نلف الشوارع بالتكاتك من غير فائدة، لحد ما روحنا قسم شرطة الهرم»، وفق حديثه: «ضابط المباحث ألقى أمامى بالفاجعة حين شاهدنى صورة لأتعرف عليها، فكانت لابنى رافع رأسه لفوق ودم نازل من رقبته وميت ووشه أزرق».
لم يحك «رجب» لأمه ولا لشقيقاته عن وجود خلافات له مع آخرين، ما زاد من غموض واقعة قتله، وجميعهن كنّ يندبن حظهن على «السند والضهر اللى راح»، وأخته العروس اعتزلت النّاس، وهى تقول: «عاوزه أخويا.. هيزفنى لعريسى»، وحين أُعلن القبض على سيدة و3 آخرين «قتلوه خناقًا لسرقة التوك توك، وألقوا بالجثة على مصرف مائى فى كرداسة»، لم تستوعب الاعترافات: «كنتم سبتوه لينا وسرقتوه، ده كان كل حياتنا ملناش غيره».
جنازة سائق «التوك توك» كانت بحضور الآلاف من أبناء قريته، أطلقوا عليه «شهيد لقمة العيش»، وأمام نعشه توقف أبوه مصدومًا: «هتتزف للقبر يا عريس، يا سندى»، وأمه تجرى وراء الموكب الجنائزى: «مش هشوفك تانى يا حبيبى».. وانتهى حالها تتذكر: «ببصص على صورته بجدران شقتنا، ده كان بيملى عليا البيت.. داخل وخارج بضحكته.. عاوزين سرعة القصاص القانونى».
النيابة العامة أمرت بحبس المتهمين ال 4، وقاضى المعارضات أمر بتجديد الحبس الاحتياطى 15 يومًا بعد اعترافاتهم بارتكاب الواقعة بقصد السرقة، وأقرّوا باستدراجهم المجنى عليه على الطريق محل العثور عليه بأحد المصارف المائية فى كرداسة واستغلوا خلوه من المارة وتعدوا عليه، ما أودى بحياته ثم تخلّوا عنه بمكان العثور عليه، واستولوا منه على هاتفه المحمول و«التوك توك» وأرشدوا عن المسروقات المستولى عليها لدى عميلين «سيئى النية» تم ضبطهما.