لا تزال مصر تحتفظ بالكثير من الأسرار عن حضارات وأمم عاشت على أرضها قبل 7 آلاف سنة، فعلى حدود مصر الغربية مع ليبيا والسودان، منذ آلاف السنين، عاش الإنسان الأول، تاركًا وراءه حكايات قد تحتاج سنوات لترجمتها وفك طلاسمها، ففى هذه المنطقة، يوجد أقدم كهف فى التاريخ. وقال إبراهيم خليل، الراصد لتراث الواحات: «تم اكتشاف هذا الكهف عام 2002، وسُمى كهف (الوحوش) لأنه يضم رسومات لوحوش وكائنات أسطورية وحيوانات بدون رؤوس وثلاثة أرجل، ما يُعد لغزًا يحتاج التفسير». وأشار «خليل» إلى أن الكهف يثبت حقيقة أن الفراعنة لم يكونوا أول مَن سجل أنشطتهم الحياتية على جدران المعابد، وأنهم كانوا امتدادًا لأمم عاشت قبلهم لأن «كهف الوحوش» يضم رسومات ولوحات رسمها المصريون القدماء، الذين عاشوا فى العصر الحجرى منذ 7000 سنة، كما توجد 5000 رسمة داخل الكهف تصور حياة المصريين منذ 7000 سنة، عبارة عن رسومات تصور حياتهم اليومية وحيوانات كانت تعيش فى عصرهم وأنماط وطقوس خاصة بالأكل والعمل والصيد، موضحًا أن الرسومات بالألوان الأحمر والأصفر والأبيض والأسود، وفى حالة جيدة. وأكد أنه بتحليل عدد من هذه الرسومات، تمت معرفة أن الصحراء الغربية فى العصور السحيقة كان مناخها رطبًا وممطرًا، وكانت تضم أشجار السافانا، التى تتواجد فى غابات إفريقيا، وكانت بها بحيرة كبيرة، إلا أن المناخ تحول إلى الجاف، ما دفع السكان إلى هجرتها والتوجه إلى العيش فى الوادى. وتحتل محمية الجلف الكبير مكانة خاصة فى قلوب السياح داخل مصر وخارجها لكونها واحدة من أهم المحميات الطبيعية التى تهتم بالجانب الثقافى، وتُعتبر واحدًا من أجمل المتنزهات الجيولوجية فى مصر. وأُعلنت منطقة الجلف الكبير محمية طبيعية، بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 10 لسنة 2007 بمساحة 48523 كم 2، وتقع فى الجزء الجنوبى الغربى من محافظة الوادى الجديد، وتتمتع هذه المنطقة بتراث ثقافى فريد وقيم بيئية وجمالية ذات أهمية دولية متميزة، وتتضمن عناصر طبيعية؛ منها جبل العوينات، ويمتد فى ليبيا ومصر والسودان، ويغطى مساحة 800 كم 2، ويصل ارتفاعه إلى 1943 مترًا، كما توجد رمال السيليكا الزجاجية، وتكونت بفعل صدمة نيزكية أدت إلى الصهر السريع والمفاجئ لصخور الحجر الرملى نتيجة تأثير الحرارة الشديدة المتولدة؛ ثم التصلب السريع للمصهور، فتكونت مادة شفافة من ثانى أكسيد السليكون (الرمل)، تتباين ألوانها ما بين الأخضر الغامق والأخضر المائل إلى الاصفرار والأبيض والأسود، وتكونت منذ 28 مليون سنة، وتوجد فى الجزء الجنوبى من بحر الرمال الأعظم، على بُعد 50 كم من الحدود المصرية الليبية. وتضم محمية الجلف الكبير أودية وكهوفًا؛ أهمها وادى صورة، ويتميز برسومات صخرية فى كهف السابحين، ورسومات للزراف وحيوان يشبه الأسد، وكهف المستكاوى، وتوجد به 2000 صورة من النقوش ورسومات للإنسان الأول، ويصل طول هذا الكهف إلى 16م، وارتفاعه إلى 7م، ووادى عبدالملك، ويتمتع بمناظر جمالية وتنوع بيولوجى، وهو من المواقع ذات الجذب السياحى، وتوجد به رسومات للماشية، ووادى بخيت، ويتميز بالكثبان الرملية الضخمة ورواسب بحرية قديمة بها أدوات تدل على إقامة الإنسان فى تلك المنطقة.
