ذاكرة الطفل «يوسف- 6 سنوات»، تأبى نسيان مشهد قتل والده المحامى بندارى حمدى، أمام عينيه، يحتضن والدته وجدته لأبيه: «الراجل ضرب بابا بالنار، وجرى على طول، عاوز بابا هاتوا لى بابا».. يرددها الصغير فيجهش الجميع بالبكاء حزنًا وحيرةً في سبب الجريمة التي دارت بمدخل مكتب المجنى عليه في منطقة أبورواش بالجيزة. «أول ما نزل من عربيته بيدخل مكتبه، والولد بيفتح لأبوه الباب، باغته الجانى بطلقات آلية»، والد المجنى عليه يكشف التفاصيل وينهار وهو يطالب: «عاوز القصاص القانونى العاجل، الجانى جارنا ومعروف، وأبوه كان بيراقب ابنى من 3 أيام، وسمعت إنه كان موكل عنده.. هو كل اللى ليه قضية عند محامى يقتله؟ كانت نص محامين البلد تتقتل». ال5 مساء أمس، توجه المتهم «محمد» إلى مكتب المحامى، كان يستقل «موتوسيكل»، ويرتدى جلبابًا وخلف ظهره بندقية آلية، طلب «بندارى» من ابنه أن يغلق باب مكتبه وراءه، لكنه لم يلحق، حيث أمطره الجانى بوابل من الطلقات الآلية، وفق والده الذي تنهمر من عينيه الدموع وهو يحكى ما شاهده من كاميرات المراقبة وعرفه من شهود العيان: «ضرب بندارى طلقتين في الظهر وبالجانب الأيسر وإحداهما أحدثت فتحة دخول وخروج، والثالثة بالكتف، وما أن سقط أرضًا غارقًا بدمائه أخرج سيفًا من بين طيات ملابسه وطعن ابنى بفخذه، قبل أن يمطر المكتب بطلقات عشوائية». الجانى لم يستغرق بضع دقائق لتنفيذ جريمته، وخروجه للشارع يطلق النيران بكثافة من سلاحه في مشهد أفزع الأهالى، وعلى إثره خرجت والدة «بندارى» من منزلها غير مصدقة، اقتربت من جثة ابنها تقول: «حبيبى، يا سنّدى يا أول فرحتى، يا خرابى يا ناس يا عالم»، لتلحق بها زوجته التي حاولت تكذيب خبر وفاته، فطلبت نقله إلى مستشفى الشيخ زايد، إذ أكد لها الأطباء «البقاء لله»، لتجلس على الأراضى وتناجى رفيق حياتها: «حبيبى عيالك يوسف ومنى بينادوا عليك، طيب أنا حامل في ابنك بالشهر السادس مين هيربيه غيرك». محيط مكتب المحامى تحول لثكنة عسكرية، وتحفظت جهات التحقيق على كاميرات المراقبة واستدعت عددًا من الشهود، وتوصلت إلى هوية الجانى وكان مفاجأة مذهولة لوالد المجنى عليه، يقول: «المتهم جارنا عمره حوالى 22 سنة، وأمه سيدة تبيع الخبز والطعمية للناس، ولاحظت إن والده يتردد على ابنى قبل وقوع الجريمة ب3 أيام، وواضح إنه كان بيراقب ويرصد ابنى كويس وبيعرف مواعيد حضوره وانصرافه، وحضر إليه قبل قتله مساء الإثنين وفى اليوم التالى ابنى اتقتل». الأب يجفف دموعه، ويستكمل: «هموت على ابنى الكبير، تلقيت خبر ضربه بالنار وأنا خارج البيت، وقالوا لىّ: واحد ضربه وهرب بموتوسيكل، دهشت لأن بندارى قبل الواقعة كان جالس مع زملائه المحامين بمحكمة شمال الجيزة بعد ترافعه بإحدى القضايا، والأمور كانت تسير على ما يرام»، ترتعش يداه وهو يتابع: «حفيدى لما الجانى زق الباب وقع على الأرض وربنا ستر كان ممكن يموت هو كمان». مخطط الجانى للجريمة كان مدروسًا بعناية، بحسب والد «بندارى»: «كان مخبّى السلاح الأبيض، ولما خرج من المكتب ضرب نار على الأهالى لكنه لم يصب أحدًا منهم.. ليس لدينا عداوات مع أحد، وإحنا بنعقد جلسات صلح بين الأهالى بمكتب ابنى الذي لا يتأخر على أحد في الخير، لذا نطالب بالقصاص القانونى ومحاكمة عاجلة». [image:0:center]
