«الحقى جوزك مضروب بالنار».. ماذا حدث في مأساة سائق دار السلام؟ (فيديو)

فى ليلة ظلماء لا تنساها «شيماء»، كان زوجها يتّحسس طريق النجاة من موت محقق. كانت الطلقة الآلية التى خرجت أثناء مشاجرة بالأسلحة النارية أسرع من خُطواته استقرت فى بطنه وخرجت من ظهره، فسقط غارقًا فى دمائه، وواصل طرفا المشاجرة التى أثارت رعبًا فى منطقة دار السلام بالقاهرة، تبادل إطلاق الرصاص.
لم يكن مقتل «أحمد»، سائق «توك توك»، هينًا على زوجته، فبغيابه أظلمت الدنيا فى عينيها وطفليهما «سجدة»، و«مالك»، أكبرهما 5 سنوات، كأنها فقدت بوصلتها فى الحياة، تجوب الشوارع رفقة طفليها محاولةً الهروب من سؤالهما الدائم: «فين بابا؟»، لكنها تزداد ألمًا وصغيرها يستوقف دراجة بخارية ويقول لها: «بابا سايق، قوللى له تعالى»، وابنتها الكبرى تئن من إصابتها بمياه على الكُلى وحاجتها للعلاج، تبكى حالها، «قتلوه ليه؟.. كنت عاوزاه شايل مسؤوليتنا، مين هيشيل معايا».
«اتخطف فى غمضة عين».. تتذكر «شيماء» تفاصيل يوم الواقعة، فقبل توجه الزوج لعمله طبع قبلة على جبينها، وقال لها: «معلش أنا مقصر معاكم وبعلاج سجدة الفترة دى»، فأخبرته، «يا حبيبى طول ما معاك فلوس مش بتبخل علينا بحاجة»، وبمجرد أن وطأت قدماها منزل أمها لزيارتها، حتى تلقت الخبر المشؤوم، «إلحقى جوزك مضروب بالنار، كان ماشى من مكان خناقة كبيرة».
الأهالى هونوا على الزوجة حين هرولت لمكان المشاجرة، قالوا لها، «دا متصاب فى كتفه»، لذا حين دخلت مستشفى قصر العينى وسمعت بمقتله لم تصدق، «كنت عمالة أفتش بجسمه مش لاقية مكان ضرب النار، واتصدمت لما الدكتور أشار لىّ على مكان استقرار الطلقة، وقاللى: دخلت من البطن خرجت من الضهر». «شيماء»، الشابة الثلاثينية، التى أكل الحزن ملامحها، طالعت فيديو يوثق لحظات سقوط زوجها أرضًا جثة هامدة، «من منظره النّاس خافت تقرب منه، واحد بس حمله على التروسيكل وراح بيه المستشفى، ومن جبروت طرفى المشاجرة عمالين يضربوا النار على بعضهم من البنادق وشايفين جوزى مرمى جنبهم، وفضلوا يملوا المسدسات بالرصاص وواصلوا تبادل الطلقات الحية». لا تدرى ربة المنزل، سبب قتل زوجها، تستنكر: «علشان بيأكلنا عيش، وبيصرف على بيته وعياله، ذنبه إيه فى اللى حصل له؟!»، تكمل: «كان رايح ياكل عيش وبيحمل بضاعة لواحد، ولمّا سمع ضرب النار خاف وجرى من التوك توك وكانت الطلقة فى انتظاره».
صورة تجمع «أحمد» وابنته، تنظر إليها الزوجة، تجفف دموعها بطرف جلبابها، «آخر كلمات جوزى قبل ما يخرج السر الإلهى، كان بينادى: سجدة.. سجدة.. كانت كل حياته وخايف عليها».
زوجة المجنى عليه، لا تتمنى سوى أن «الأمن يقبض على باقى المتهمين، لأنهم ضبطوا واحد بس، ونفسى يشوفوا اللى اتعمل فى جوزى ويتعمل فيهم زيه»، تضيف: «ممكن تنزلوا تسألوا عنه، طوب الأرض كان كله بيحبه ويحلف بأدبه وأخلاقه، دا كان شغال بالنهار صنايعى بورشة ميكانيكى، وبالليل على التوك توك لتحسين دخله». أهالى المنطقة، قدموا روايتين حول المشاجرة بعضهم أفاد بأنها كانت بسبب ما يطلق عليه «دولاب مخدرات»، وآخرون أكدوا أن خلافات الجيرة وراء اندلاعها، لكنّ جميعهم اتفق على أن «َضرب النار كان شغال كام يوم». جهات التحقيق أمرت بحبس متهم ألقى القبض عليه احتياطيًا، وتكثف أجهزة الأمن من جهودها لضبط آخرين هاربين.