الكتان.. الذهب الأخضر يزين «الغيطان»

محصول الكتان من أقدم محاصيل الألياف التى استعملها الإنسان فى صناعة الملابس، وهو نبات حولى شتوى يتراوح طوله بين 50 و120 سم، ويزرع الكتان فى مصر لغرضين معًا فهو كتان ثنائى الغرض حيث يتم الاستفادة من أليافه وبذوره؛ لذلك يساهم الكتان فى العديد من الصناعات المهمة، حيث تستخدم أليافه الناعمة والطويلة فى صناعة المنسوجات الكتانية، وكذلك الأقمشة السميكة الخاصة بالمفروشات المنزلية والتى تعرف مجازًا باسم التيل، بالإضافة إلى أقمشة قلوع المراكب وخراطيم الحريق وأوراق الطباعة والبنكنوت والدوبارة وغيرها من الصناعات.
يقول الحاج قدرى حسين، أحد مزارعى الكتان، إنه يحرص على زراعة المحصول منذ أكثر من عشرين عامًا، حيث يقوم باستئجار مساحات بمحافظات الشرقية والغربية والبحيرة لزراعتها، والتى يتم تجهيزها من حرث وتسوية قبل الزراعة، ثم يقوم باستنباط البذور المنتقاة التى تتميز بالإنتاجية العالية، لافتًا إلى أن الفدان الواحد يحتاج إلى كمية من البذور تتراوح بين 50 و60 كيلو، كما أنه من المحاصيل الأقل استهلاكًا للمياه مقارنة بالمحاصيل الشتوية الأخرى، حيث يتم رى المحصول 4 مرات من بينها رية المحاياة، وذلك منذ بدء عملية الزراعة وحتى الحصاد، فضلًا عن تقديم الخدمة الجيدة للأرض والمحصول بإمدادها بالأسمدة الزراعية من النترات والسوبر، ناهيك عن المتابعة المستمرة من خلال عملية الرش بالمبيدات المقاومة للحشائش سواء العريضة أو الرفيعة.
وأكد أن محصول الكتان يعد من المحاصيل ذات العائد الاقتصادى الكبير، والتى تحقق هامش ربح جيدًا، وتعتمد إنتاجيته وفق نوع التقاوى وجودة الأرض، حيث يتراوح إنتاج الفدان من 50 إلى 60 كيلو من البذور، ويصل سعر طن البذور إلى 15 ألف جنيه، بالإضافة إلى الألياف ويصل سعر الطن فيها إلى 40 ألف جنيه، والتى تستخدم فى العديد من الصناعات المهمة، مثل صناعة المنسوجات الكتانية، وأقمشة قلوع المراكب، وخراطيم الحريق، وأوراق الطباعة والبنكنوت والدوبارة، ومن البذور يستخرج زيت الطعام «الزيت الحار»، كما يستعمل الزيت المغلى فى صناعة البويات والورنيش والدهانات، مطالبًا بضرورة تقديم الدعم الكافى للقائمين على زراعة المحصول، فى ظل ارتفاع أسعار الأسمدة والمبيدات الزراعية التى أصبحت تمثل عبئًا كبيرًا على المزارعين، فى إطار سعى الدولة واهتمامها نحو التوسع فى زراعته بالأراضى الجديدة لسد فجوة استيراد بذرة الكتان لإنتاج الزيوت وزيادة الصادرات المصرية من الألياف.
وأوضح الدكتور مهدى محمد مهدى حسين، أستاذ محاصيل الألياف المتفرغ، رئيس قسم محاصيل الألياف السابق بمعهد بحوث المحاصيل الحقلية بمركز البحوث الزراعية، أنه فى ضوء السياسة التنموية وحملات النهوض بالمحاصيل الزراعية، عن طريق نقل التكنولوجيا الحديثة إلى المزارعين لنشر الأصناف المستنبطة حديثًا وزيادة المساحات المنزرعة، واكتساب شرائح جديدة من صغار المزارعين لزيادة القيمة المضافة من المحاصيل، فقد أعدت وزارة الزراعة خطة جديدة للنهوض بمحصول الكتان.
وذلك لزيادة القدرة على الاستفادة من المحصول ومنتجاته فى تلبية احتياجات مصانع الغزل والنسيج من خيوط الكتان، وزيوت الطعام «الزيت الحار»، والزيت المغلى المستخدم فى صناعة البويات والورنيشات والشموع، فضلًا عن الاستفادة من مخلفات البذور بعد عصر الزيت فى صناعة الأعلاف، وكذلك العائد بعد فصل الألياف والمستخدم فى صناعة الخشب الحبيبى، بهدف الحد من استيراد الأخشاب، ناهيك عن زيادة العائد من هذا المحصول والذى يصل إلى 20 ألف جنيه للفدان ويتضاعف الربح فى حالة تجهيزه لأغراض التصنيع.
وأضاف أن خطة النهوض بمحصول الكتان تهدف إلى زيادة المساحات المنزرعة لتصل إلى 70 ألف فدان، لتغطية الإنتاج المحلى وسد فجوة الاستيراد، حيث يتراوح إنتاج الفدان بين 5.5 طن قش محصول بيولوجى بعائد يزيد على 15 ألف جنيه للفدان، وتزداد هذه القيمة إلى الضعف فى حالة التصنيع، بخلاف منتجات بذور الكتان والتى تصل إلى متوسط 600 كجم للفدان، و600 كجم من الألياف، مؤكدًا حرص وزارة الزراعة على تعظيم الاستفادة من القيمة النسبية لمنتجات الكتان، والتى تعتبر أفضل من تصديره خامًّا للخارج وعودته مرة أخرى فى صورة غزول وخيوط ومنسوجات بأضعاف الثمن، مشيرًا إلى أن الألياف الطويلة للكتان تنتج خيوطًا رفيعة تصلح لصناعة الأقمشة الفاخرة.
كما يتم الاستفادة من الخيوط الأقل جودة فى صناعة الحبال والدوبارة، وصناعة أوراق البنكنوت وفلاتر السجائر، كما يتم الاستفادة من زيوت الكتان «الزيت الحار» فى علاج أمراض القلب، والحد من مخاطر أمراض ألزهايمر، حيث يقوى الذاكرة، وقد أثبتت الدراسات أن بذور الكتان تحتوى على 98% من مادة اللجنان المضادة للسرطان، وكذلك 97% من مادة أوميجا 3 والتى تقلل نسبة الكوليسترول فى الدم، ناهيك عن الاستفادة من سيقان الكتان فى صناعة الخشب الحبيبى، وذلك بعد فصل الألياف منها، الأمر الذى يساهم فى سد الفجوة وعودة تصدير هذه الأنواع من الأخشاب.
وقال المهندس أشرف الدمرداش، مدير عام إدارة الإرشاد الزراعى بالشرقية، أن المساحات المنزرعة بمحصول الكتان فى محافظة الشرقية هذا العام تقدر بحوالى 1738 فدانًا، بمراكز ديرب نجم، وفاقوس، والقنايات، وأولاد صقر، وصان الحجر، بالإضافة إلى بعض المساحات المتفاوتة بعدد من المراكز، لافتًا إلى أن محصول الكتان يتم زراعته فى بعض المساحات المخصصة لزراعة القمح عقب محصول القطن، أو الذرة، أو المحاصيل البقولية الصيفية مثل فول الصويا، كما تفضل زراعة الكتان فى الأراضى الطينية الخفيفة، أو الصفراء الثقيلة متجانسة الخصوبة، وأنه يجب تجنب زراعته فى الأراضى التى بها نسبة عالية من الملوحة، وكذلك الأراضى الموبوءة بالحشائش، وينصح بعدم زراعة الكتان فى نفس الموقع قبل مرور عامين أو ثلاثة أعوام.
وأكد مدير عام الإرشاد حرص وزارة الزراعة على التوسع فى زراعة المحصول، لأهميته الاقتصادية واستخدام أليافه وبذوره فى العديد من الصناعات، وذلك من خلال استنباط البذور التى تتميز بإنتاجية عالية، وكذلك الندوات والحقول الإرشادية التى يتم من خلالها استعراض أهم التوصيات والمعاملات الخاصة بنبات الكتان، بداية من خدمة وتجهيز التربة الزراعية، ثم الزراعة والتعريف بطرق الرى.