«الولادة القيصرية».. ثقافة الاستسهال تحولت إلى «بيزنس»

«الدعاية للولادة القيصرية» ظاهرة انتشرت مؤخرًا، وبدأت تأخذ اتجاهًا تسويقيًّا تحت شعارات مختلفة، لجذب العديد من النساء لإجراء الولادة القيصرية، إما خوفًا من ألم الولادة الطبيعية، أو لمعتقدات أخرى، أبرزها أن الولادة الطبيعية قد تؤدى لعدم استمتاع الزوج بالعلاقة الزوجية بعد الإنجاب، حتى تحولت الولادة القيصرية ل«بيزنس» لدى بعض الأطباء نظرًا لتكلفتها العالية وسهولة إجرائها، لكن مع انتشار هذه الظاهرة، تقع الأم والطفل فريستين لمشاكل صحية خطيرة قد تمتد آثارها لسنوات.
الدكتور عمرو حسن، أستاذ مساعد النساء والتوليد والعقم بقصر العينى، مقرر المجلس القومى للسكان السابق، يقول، فى تصريحات خاصة ل«صحتك بالدنيا»، إن الولادة القيصرية فى مصر هى أعلى نسبة فى العالم بنتيجة 63%، مرجعًا السبب فى تلك الزيادة إلى ثقافة «التيك أواى» والاستسهال، مضيفًا أن نسبة الولادة القيصرية فى مصر طبقا لنتائج المسح السكانى سنة 2000 كانت 10%، وفى سنة 2008 ارتفعت ل27.6%، بينما زادت فى سنة 2014 ل51.8%.
وكشف الدكتور عمر حسن عن تداعيات الولادة القيصرية مثل المشيمة الملتصقة، مؤكدًا أن الولادة القيصرية يجب أن تكون بدافع طبى، خاصة الأم التى تعانى من مرض مزمن أو ضيق الحوض أو خنق المشيمة للطفل أو انخفاض نبض الجنين، أو وزن الجنين الزائد، لافتًا إلى أن أضرار القيصرية تمتد للطفل، حيث يكون أكثر عرضة لإصابة رئته والتعرض إلى سرعة التنفس، ما يتطلب وضعه داخل حضانة بعد الولادة.
وفى السياق ذاته، يقول دكتور شادى طارق، إخصائى أمراض النساء والتوليد، إن هناك سيدات هن من يطلبن إجراء القيصرية، على الرغم من أن النسبة الكبرى من الأطباء لا يوافقون على إجرائها طالما لا يوجد سبب طبى لذلك، ولكن غالبية النساء يلجأن للقيصرية لأسباب غير مُعلنة، مثل أن الواحدة منهن لا تريد المرور بتجربة ألم وطول مدة الولادة الطبيعية، وهناك أخرى تخشى أن تؤثر الولادة الطبيعية على العلاقة الزوجية، حيث تعتقد بعض النساء أنه مع تكرار الولادات الطبيعية، فإنها تؤدى لاتساع فتحة المهبل وهو ما يؤدى لعدم إشباع الرغبة الجنسية عند الزوج، أو شعور الزوجة بألم أثناء العلاقة الزوجية، وذلك بسبب لجوء الطبيب لفتح جرح صغير لإخراج رأس المولود، وهذا الجرح إذا تم بشكل خاطئ فإنه يلتئم بتليُف، ويؤدى إلى شعور الزوجة بألم أثناء العلاقة الزوجية.
وتابع: الولادة الطبيعية قد تُحدث اتساعًا فى فتحة المهبل عند بعض النساء، خاصة إذا كان المولود كبير الحجم، مؤكدًا أن هذا لا يحدث فى الولادة الأولى والثانية، ولكن مع تكرار الولادة بالتزامن مع انجاب طفل كبير الحجم، سيحدث اتساع بفتحة المهبل اعتمادًا على عوامل أخرى مثل وقت الولادة، لافتًا إلى أن طول مدة بقاء الجنين داخل القناة المهبلية سيؤدى إلى اتساع المهبل بالتأكيد، وهو ما يجعل نسبة كبيرة من النساء تبتعد عن الولادة الطبيعية، مؤكدًا أن هناك عمليات يتم إجراؤها لعلاج مثل هذا الاتساع، وهو ما شجع النساء خلال الفترة الأخيرة للذهاب إلى الولادة الطبيعية.
وأضاف الدكتور شادى طارق إلى أنه فى حالة أن السيدة تخشى الولادة الطبيعية لهذا السبب، فإن هناك خيارات مختلفة لعلاج هذا الأمر إن وُجد، موضحًا أنه أصبح هناك حلول عملية وسريعة وغير مكلفة، فهناك تضييق المهبل بحَقن الprp، وهناك حَقن المهبل ب«الهيالورونيك أسيد» عن طريق «الهيدرو فيلر»، وهو فيلر مائى، مؤكدًا أنه آمن عند حقنه بالمهبل، مشيرًا إلى أن اللجوء للجراحة يكون للحالات التى لن تستجيب للحقن، لكبر حجم اتساع المهبل وخاصة إذا كانت الحالة تعانى من السقوط المهبلى.
وأكد شادى طارق أن الولادة الطبيعية لم تعد مؤلمة مثل السابق، وفى حالة الاعتقاد بأنها قد تسبب مشاكل فى العلاقة الزوجية، فهناك حلول لمثل هذه الأمور إن وُجدت.
وعن دور نقابة الأطباء فى مواجهة الدعاية للعمليات القيصرية، يقول دكتور شريف راغب، إخصائى أمراض النساء والتوليد، عضو مجلس نقابة الأطباء، إنه بالفعل تم تحضير مذكرة لعرضها على المجلس بعد مناقشتها مع نقيب الأطباء للبدء فى وضع قيود لمثل هذه الدعاية الطبية، من خلال عقد اجتماع مع محافظ الجيزة لوضع آلية تطبيق تلك القيود على الدعاية الطبية فى الجيزة، ثم يتم تعميمها فيما بعد على باقى المحافظات.
وأضاف «راغب» أنه على الرغم من أن نقابة الأطباء تحرص على المشاركة فى تطوير وتنظيم بيئة العمل بالقطاع الطبى الخاص، بما فى ذلك الدعاية الطبية لأعضائها، إلا أن النقابة رصدت انتشار وسائل دعاية لبعض الأطباء فى الآونة الأخيرة تخالف آداب المهنة والأعراف والبروتوكولات الطبية، بما يؤثر بالسلب على بيئة العمل بالقطاع الطبى، لافتًا إلى أن المذكرة التى سيتم عرضها على محافظ الجيزة تضمنت قيودًا مثل اشتراط الجهة المانحة لترخيص الإعلانات موافقة نقابة الأطباء كتابيًا على الصيغة النهائية لمحتوى الإعلانات الخاصة بالأطباء والمنشآت الطبية، لاستكمال إجراءات الحصول على رخصة للإعلان، وذلك للحد من ممارسات التضليل والمبالغة فى الدعاية.