قال الدكتور محمد عبدالعاطى، وزير الموارد المائية، إن الزيادة السكانية تمثل تحديا رئيسيا للموارد المائية فى مصر، وإنه من المتوقع أن يصل إجمالى السكان فى مصر لأكثر من 175 مليون نسمة فى عام 2050، ما يمثل ضغطا كبيرا على الموارد المائية. شارك وزير الموارد المائية فى الجلسة المنعقدة بتقنية الفيديو كونفرانس عن «تأثير التغيرات المناخية على الموارد المائية فى منطقة شرق المتوسط»، وذلك ضمن فعاليات «المؤتمر الثانى الدولى لتغير المناخ فى شرق المتوسط» والمنعقد تحت رعاية الرئيس القبرصى، إذ أوضح فى تصريحات أن تحديات الموارد المائية تشمل التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية فى ظل الارتفاع الملحوظ لدرجة الحرارة، وكذلك ما تشهده مصر وغيرها من دول العالم من ظواهر جوية متطرفة وغير مسبوقة مثل الأمطار الشديدة التى تضرب مناطق متفرقة من البلاد، بالإضافة لارتفاع منسوب سطح البحر والتأثير السلبى الخطير على المدن والمناطق الساحلية. وأضاف أن الندرة المائية التى تعانى منها مصر، بالإضافة للتأثيرات السلبية للتغيرات المناخية، تجعلان الموقف المائى فى مصر شديد الحساسية تجاه أى مشروعات أحادية يتم تنفيذها فى دول حوض النيل دون وجود اتفاقيات قانونية عادلة وملزمة لتنظيم هذه المشروعات والحد من تأثيراتها السلبية على المياه فى مصر. وأكد «عبدالعاطى» أن مصر ليست ضد التنمية فى دول حوض النيل، بل على العكس، فمصر تدعم التنمية فى دول حوض النيل والدول الإفريقية من خلال العديد من المشروعات التى يتم تنفيذها على الأرض، موضحًا أن مصر تقوم بإنشاء العديد من سدود حصاد مياه الأمطار ومحطات مياه الشرب الجوفية لتوفير مياه الشرب النقية فى المناطق النائية البعيدة عن التجمعات المائية، مع استخدام تكنولوجيا الطاقة الشمسية فى عدد كبير من الآبار الجوفية بما يسمح باستدامة تشغيلها. وتابع وزير الرى أن مصر قامت بتنفيذ مشروعات فى دول حوض النيل لتطهير المجارى المائية والحماية من أخطار الفيضانات، وإنشاء العديد من المزارع السمكية والمراسى النهرية، فضلا عن مساهمة الوزارة فى إعداد الدراسات اللازمة لمشروعات إنشاء السدود متعددة الأغراض، لتوفير الكهرباء ومياه الشرب للمواطنين بالدول الإفريقية، بالإضافة لما تقدمه مصر فى مجال التدريب وبناء القدرات للكوادر الفنية من دول حوض النيل. ولفت «عبدالعاطي» إلى «أن مصر وافقت على إنشاء العديد من السدود بدول حوض النيل مثل خزان أوين بأوغندا الذى قامت مصر بتمويله والعديد من السدود فى إثيوبيا مثل سدود تكيزى وشاراشارا وتانا بلس، التى لم تعترض مصر على إنشائها.. ولكن سد النهضة وبدون وجود اتفاق قانونى عادل وملزم لملء وتشغيل هذا السد وإدارته بشكل منفرد من جانب إثيوبيا سيتسبب فى حدوث ارتباك كبير فى نظام النهر بأكمله، وتتكلف دول المصب مبالغ ضخمة تقدر بمليارات الدولارات لمحاولة تخفيف الآثار السلبية الناتجة عن هذه الإجراءات الأحادية، خاصة مع قيام الجانب الإثيوبى بإصدار العديد من البيانات والمعلومات المغلوطة التى تزيد من حالة الارتباك فى منظومة النهر». واستعرض «عبدالعاطى» التفاوت الكبير فى حجم الموارد المائية فى مصر وغيرها من دول منابع حوض نهر النيل، حيث تعتمد مصر بنسبة 97% على المياه المشتركة من نهر واحد فقط هو نهر النيل، فى حين تتمتع دول منابع النيل بوفرة مائية كبيرة، حيث تصل كمية الأمطار المتساقطة على منابع النيل إلى (1600 - 2000) مليار متر مكعب سنويا من المياه، مشددا على أن مصر تعد من أكثر دول العالم التى تعانى من الشح المائى، حيث يصل نصيب الفرد من المياه فى مصر إلى 570 مترا مكعبا فى السنة، وهو ما يقترب من خط الفقر المائى. وأوضح وزير الرى أن بعض هذه الدول تمتلك أنهارا أخرى غير نهر النيل، مثل دولة إثيوبيا التى يوجد بها 12 نهرا، كما تمتلك هذه الدول عشرات الملايين من الأفدنة التى تروى مطريا، وفى المقابل تتكلف مصر مبالغ طائلة للاستفادة من كل قطرة مياه وإعادة استخدامها، حيث قامت مصر بإعداد استراتيجية للموارد المائية حتى عام 2050، ووضع خطة قومية للموارد المائية حتى عام 2037 بتكلفة تصل إلى 50 مليار دولار من المتوقع زيادتها إلى 100 مليار دولار. كما أشار «عبدالعاطى» إلى حجم المياه الخضراء (مياه الأمطار) فى إثيوبيا والذى يصل إلى أكثر من 935 مليار متر مكعب سنويا من المياه، وأن 94٪ من أراضى إثيوبيا خضراء، فى حين تصل نسبة الأراضى الخضراء فى مصر إلى 6 ٪ فقط، موضحا أن إثيوبيا تمتلك أكثر من 100 مليون رأس من الماشية تستهلك 84 مليار متر مكعب سنويًا من المياه، وهو ما يساوى حصتى مصر والسودان مجتمعتين. وأوضح وزير الرى أن حصة إثيوبيا من المياه الزرقاء (المياه الجارية بالنهر) تصل إلى حوالى 150 مليار متر مكعب سنويًا، منها 55 مليارا فى بحيرة تانا و10 مليارات فى سد تكيزى و3 مليارات فى سد تانا بالس، و5 مليارات فى سدود فنشا وشارشارا، ومجموعة من السدود الصغيرة، بخلاف 74 مليارا فى سد النهضة. وأضاف «عبدالعاطي» أن إثيوبيا تقوم بالسحب من بحيرة تانا للزراعة دون حساب، بالإضافة لإمكانيات المياه الجوفية فى إثيوبيا بإجمالى 40 مليار متر مكعب سنويًا، والتى تقع على أعماق من (20-50) مترا فقط من سطح الأرض، وهى عبارة عن مياه متجددة، فى حين تعتبر المياه الجوفية فى صحارى مصر مياهًا غير متجددة، وتقع على أعماق كبيرة تصل لمئات الأمتار. وأوضح وزير الرى أن هذه التحديات العديدة التى تواجه قطاع المياه فى مصر تستلزم بذل مجهودات مضنية لمواجهتها، سواء على المستوى المجتمعى من خلال وعى المواطنين بأهمية ترشيد المياه والحفاظ عليها من كافة أشكال الهدر والتلوث، أو على المستوى الحكومى من خلال العديد من المشروعات الكبرى التى تقوم الدولة بتنفيذها أو من خلال التطوير التشريعى.
