فضيحة جديدة في عالم الجاسوسية.. والدافع أيديولوجي

الجريمة الكاملة «أسطورة» تحطمت تماما على أيدى عتاة المجرمين أنفسهم، دائما ما يوجد هناك ثغرة ما لم تؤخذ بعين النظر والاعتبار، أو خطأ يبدو بسيطا في الظاهر، ولكنه يشكل بداية طرف الخيط الذي يتحول إلى حبل غليظ تلفه العدالة حول رقبة الجناة.
وهو ما حدث حرفيا مع المواطن البريطاني ديفيد سميث المتهم ببيع أسرار بريطانية حساسة لروسيا، تتعلق بعمليات ميدانية تقوم بها بلاده في مجال مكافحة الإرهاب.
وكشف موقع مجلة «دير شبيجل» الألمانية عن سبب وقوع سميث، موضحة أنه لفت انتباه المحققين لأنه امضى وقتا طويلا دون أن يقوم باستعمال بطاقته الائتمانية سحبا أو إيداعا.
وقالت إن الشرطة الاتحادية الألمانية والنائب العام الألماني توصلوا إلى أن سميث كان يغطي مصروفاته من خلال استخدام النقود التي كانت تدفع له بشكل مباشر.
في حين أكدت مصادر بريطانية أخرى أن دوافع سميث أيديولوجية وليست مالية، مشيرة إلى أن لديه ميول يمينية دفعته إلى مساعدة روسيا «فلاديمير بوتين».
وقالت إنه على الرغم من تلقيه أموالا لقاء تمرير وثائق حساسة حول عمليات مكافحة الإرهاب البريطانية، إلا أن المال كان بالنسبة له فقط مجرد «علاوة إضافية»
في حين ترددت مزاعم بأن سميث نفسه قام بدفع رشوة لتمرير معلومات للمخابرات الروسية، حسب وسائل إعلام بريطانية من بينها صحيفة الأوبزرفر، التي أكدت أنه تقرر عدم تسليمه إلى بلاده لمواجهة العدالة على الرغم من خطورة المزاعم والاتهامات في حقه، قائلة إن قوانين مكافحة الجاسوسية «ضعية للغاية» في التعامل مع الجواسيس الذين يعملون ضد المصالح البريطانية.
وأوضح التقرير نقلا عن مصدر رفض ذكر اسمه، أن قوانين مكافحة الجاسوسية في بريطانيا «عتيقة»، وأن أمرها افتضح، بعد اعتقال سميث، 57 عاما، وهو حارس أمن متعاقد مع سفارة برلين.
وقال إن قضية ديفيد سميث ركزت الضوء على عجز المملكة المتحدة عن مقاضاة العملاء الأجانب، رغم القلق على نطاق واسع بشأن أنشطة الجواسيس الروس في أعقاب هجوم سليسبيري في مارس 2018، والذي تسبب في بقاء الضحايا سيرجي ويوليا سكريبال في المستشفى لعدة أسابيع.
غير أن المصدر أضاف أن الوضع تم تصحيحه من خلال مشروع قانون التهديدات المضادة للدولة والذي تم تأجيله بسبب تفشي كوفيد، والذي سوف يستهدف العملاء الأجانب الذين يعملون لصالح دولة مثل روسيا، حيث يتعين عليهم تسجيل أنفسهم عندما يبدأون العمل في المملكة المتحدة.
وقال التقرير إن الصور التي رصدت سميث داخل شقته الأسبوع الماضي في بوتسدام تكشف عن صلته بالكرملين، فهناك علمان روسيان إلى جانب عشرات الكتب عن التاريخ العسكري بعضها باللغة الروسية.
ومن جانبها اعتبرت صحيفة «موسكو تايمز» الروسية أن هذه القضية ليست في حقيقتها قضية كبرى، ولكنها «تذكير مفيد» بحقائق حرب المخابرات الحديثة، وميزة «فاسدة» أحيانا ما تكون لدى موسكو في تجنيد مصادر في الغرب.
وقالت إنه بكل المقاييس، فإن حارس أمن متعاقد وله خلفية في القوات الجوية الملكية، لا يعني أن سميث له القدرة على الوصول إلى معلومات سرية خطير.