«ملاك الجنة» خطفته شرارة عداد الكهرباء.. ترددها أسرة الطفل آدم على، ابن السنوات العشر، بأسى وسط موجة من البكاء، تكاد تخلع قلوبهم جراء فاجعتهم فى أصغر أبنائهم، الذى اعتاد أن يحتضن جدته محبوبة توفيق، صاحبة ال70 ربيعًا: «يا تيتة بحب حضنك قوى»، إذ كان ينام بشقة الجدة مع أخته «أميرة»، ليؤانساها، فاشتعلت النيران دون سابق إنذار فى شقة الجدة، بعد صعود الأخت إلى شقتهم بالطابق الأعلى: «علشان أغير هدومى وأروح الكلية»، وهرولت الجدة ناحية «البلكونة» لتستغيث وينقذها ابنها، ويموت الطفل اختناقًا إثر الحريق، لتشتعل نيران غضب الأهالى فى منطقة حدائق المعادى بالقاهرة: «أحمال الكهرباء أدت لكوارث محدش بيسأل فينا». «أميرة»، شقيقة الضحية، طالبة بكلية التربية الرياضية، ترتدى الأسود حزنا على شقيقها «فاكهة العيلة كلها»، تحكى عن الحادث، وكأنه وقع قبل ثوانٍ: «الساعة 6.5 صباح السبت الماضى، صحوت من نومى، لاحظت أن مروحة السقف تنطلق بسرعة جنونية، أطفأت كل الأجهزة الكهربائية بالشقة، صعدت إلى شقتنا بالطابق الأعلى، حيث كنت أنام وشقيقى آدم بشقة جدتنا، فتحت سخان الغاز للاستحمام استعدادًا للذهاب إلى كليتى انفجرت بطاريات السخان فى وجهى، فكانت موصولة بتيار الكهرباء، ثوانٍ وسمعت صراخ جدتى: (إلحقونى.. حريقة)، نزلت إلى شقتها لم أستطع الدخول». شقيقة «آدم» تدارى عينيها عن آثار حريق شقة الجدة، تتألم وهى تشرح: «عداد الكهرباء انفجر بشقة جدتى، والنيران اشتعلت بكل محتوياتها، وآتت على جهاز عُرسى، الذى كنت أحتفظ به لدى جدتى، كان الحريق من شدته يبعدنا حين نحاول الاقتراب، وبعد تدمير باب الشقة، بصعوبة أغلقنا عداد الغاز من الخارج». هنا بهذه الغرفة بآخر الشقة محل الحريق كان ينام «آدم» إلى جوار جدته، و«الأخيرة» هرولت ناحية «البلكونة»، حيث كانت فى الصالة، فتعثرت قدماها فى سجادة مشتعلة «لحم رجلها تآكل كله»، لم تستطع الرجوع ثانية إلى سرير الطفل، صرخت فى أولادها والجيران: «إلحقونى بنموت».. ابنها عمرو حسن، الشاب الثلاثينى، تسلق من شرفته بالطابق الرابع إلى «بلكونة» والدته بالثالث، وأنقذها لكنه كما يقول باكيًا: «لم أستطع إنقاذ ابن أختى، ومات خنقًا، وأطفأنا النيران قبل وصول المطافئ التى تأخرت لنحو ساعة ونصف»، يضرب الخال يديه بصدره: «هذا ابنى نام بين أحضانى أكثر من ابنتى». تعاود شقيقة «آدم» الحديث، وكأنها تعاتب نفسها على ذنب اقترفته: «كان لازم أرمى نفسى جوا النار، وأنقذ أخى». هناء حسن، والدة الطفل آدم، تبكى قائلة: «فى الآخر بيقولوا علينا إنتوا مهملين، تصوروا يبقى موت وخراب ديار، مسؤولو الحى يطالبوننا بإحضار أسلاك وعمال حفر على حسابنا لتوصيل الكهرباء مرة ثانية إلى العقار».. تصرخ متسائلة: «أين الإهمال؟، العقار المجاور لنا بُنى بالمخالفة بأدوار بلغت 13 طابقًا، وأحمال الكهرباء زادت وتأثرنا والنتيجة كانت الكارثة التى حدثت لنا». والد «آدم» يستغيث بالرئيس عبد الفتاح السيسى: «الضحية يبقى ابنك ياريّس، عاوزين حقه، ناس بتعرض علىَّ فلوس، بقول لهم رجعوا ابنى وخدوا فلوس الدنيا، موظفو الحى رفضوا إصلاح كابلات الكهرباء التى تدمرت للأحمال الزائدة، قبل الحادثة كانت الأجهزة الكهربائية بتضرب عندنا ولدى الجيران». أسامة، شقيق الضحية، يندب حظه: «شغال فى صيدلية، وأخويا قبل نومه طلب منى (حاجات حلوة)، ولما أحضرتها بعد عودتى من العمل، كان أخويا مات مختنقًا، يبدو أننى تأخرت عليه!!».