من أم كلثوم إلى داليدا.. أيقونات العالم العربي تجمل «مدينة النور»

حدث فريد تشهده العاصمة الفرنسية باريس، التى تستقبل عرضا متحفيا لمقتنيات أبرز أيقونات الفن العربى، بالإشارة إلى دور القاهرة فى إنعاش الحركة النسوية فى القرن التاسع عشر عبر بوابات عديدة، بدءًا من الفن، ثم وصولًا للحركة الفكرية والأدبية.
احتفاء بسحر نجمات شكلن العصر الذهبى للموسيقى والسينما العربية فى القرن التاسع عشر يشهد «معهد العالم العربى»، المشاطئ لنهر السين فى العاصمة الفرنسية، فى الفترة ما بين 19 مايو و26 سبتمبر، عرضا متحفيا لمقتنيات أيقونات استثنائيات أثرت العالم العربى بفنهن، بدءًا نجوم الغناء كوكب الشرق أم كلثوم، وجارة القمر وعصفورة بيروت فيروز، وقيثارة الشرق وأميرة العود أسمهان، ووردة الجزائرية، ثم وصولا لأبرز وجوه السينما العربية.
جدران المتحف المؤقت التى تستقبل عرضا متحفيا لمقتنيات أيقونات فنية ملأت شوارع عالمنا العربى تتسع كذلك لعدة رسائل فكرية وتثقيفية يعتبرها معهد العالم العربى، الذى أسس قبل ما يزيد عن أربعة عقود، باتفاق 18 دولة عربية، جسرًا لتعريف الفرنسيين بثقافتنا العربية.
داخل معهد العالم، الذى يستقبل قرابة نصف مليون زائر سنويًا، تجد عيناك طريقهما إلى كل ما يخص العالم العربى فى القرن التاسع عشر، فهذه الجولة الاستثنائية تعد بانوراما فنية وفكرية وثقافية.
تستقبل جدران معهد الحضارة العربية مقتنيات قيثارات الشرق اللاتى أحدثن ثورة فى عالمنا العربى بفنهن، ولا يزلن حاضرات شرقًا وغربًا رغم غيابهن، هنا رداء ارتدته كوكب الشرق فى إحدى أبرز حفلاتها فى القاهرة الساهرة معها، وهنا عود لمسته أنامل أسمان وعزفت عليه أنغامها، وهنا أحد مقتنيات فيروزة بيروت، أما هنالك فرداء قدمت به وردة الجزائرية أداءها البارع.
كما أن العرض ليس مقصورًا على المقتنيات الفنية، إنما رحلة من 4 فصول، يبدأ فصلها الأول بالعرض المتحفى لمقتنيات رموز فنانات القرن التاسع عشر، ثم ينتقل فصله الثانى لعروض ثقافية تستهدف اكتشاف حياة وتاريخ رائدات ومؤسسات الحركة النسوية فى القاهرة اعتبارًا من العام 1920، أما ثالث فصولها فعبارة عن استعراض لرائدات الحياة الفكرية والأدبية فى القرن التاسع عشر، وصولًا للفصل الرابع الذى يعد بمثابة حفلات افتراضية لأصوات ذهبية أطربت العالم فى العقود ما بين 1940 و1970، وكذلك لنجمات العصر الذهبى للسينما العربية.
يركز معهد العالم العربى كذلك على دور القاهرة فى الدفع نحو بلوغ العالم العربى ذروة نهضته الفكرية، حيث كانت مصر مركزًا ثقافيًا نشطًا استقطب فنانات من جميع أنحاء الوطن العربى، ما أدى إلى نهضة فنية وظهور نسوى فى المشهد الفنى العربى الذى كان يهيمن عليه الذكور قبل أن تدفع القاهرة نحو تغيير هذا الوضع فى عشرينيات القرن الماضى، ما أدى إلى ازدياد عدد المطالبات بالحرية وأنعش دور المرأة فى الأوساط الفنية والفكرية.
ويستعرض معهد العالم العربى رائدات الحركة النسوية المصرية والعربية، هدى شعراوى وسيزا نبراوى، والاتحاد النسوى المصرى الذى تأسس فى القاهرة للدفاع عن حقوق المرأة، حيث تأسس فى العام 1923، مسلطًا الضوء على النضال النسوى الهادف إلى تعزيز حضور المرأة فى الساحة الفكرية والثقافية فى المجتمعات العربية.
وكذلك دور القاهرة فى تعزيز حضور النساء فى الحياة الفكرية عربيًا عبر تأسيس مجلة «المرأة المصرية» وعدد من الصحف الساخرة والترفيهية مثل «روز اليوسف» (1925) التى سميت باسم مالكتها الممثلة روز، التى لعبت دورًا فاعلًا فى الصحافة فى مصر بين الحربين العالميتين.
بالإضافة إلى الصالونات الأدبية المقامة فى القاهرة فى ذلك الوقت، والتى كانت منبرًا لتحرير المرأة.
ويلقى المعهد العربى الضوء على عدد من رائدات الحركة الأدبية التى ظهرت عربيًا خلال القرن التاسع عشر، مثل الكاتبة والصحفية مى زيادة التى دافعت عن حق الفتيات فى التعليم.
أيقونة
كما يشيد بأوائل النجمات اللاتى سقطن من الذاكرة، ولا سيما الفنانة منيرة المهدية وباديعة مصبنى وعزيزة أمير وغيرهن.
أيقونة
ويحتفى معهد العالم العربى بنجمات الغناء العربى اللاتى خرجن من خلفيات اجتماعية وأصول ومعتقدات مختلفة، لكنهن حققن شعبية واسعة عربيًا وعالميًا منذ أوائل الأربعينيات حتى أواخر الستينيات بفضل أصواتهن الذهبية.
أيقونة
أثناء التنقل بين ممرات المعرض، يستمتع الزوار بأجمل وأشهر الأغنيات التى تغنت بها هؤلاء النجمات ولا نزال نتغنى بها فى جميع الدول العربية حتى يومنا هذا.
أيقونة
وضمن المقتنيات التى يعرضها المعهد العالم العربى، جوازات سفر وردة الجزائرية الفرنسية والدبلوماسية، بالإضافة إلى مقاطع فيديو لأغانيها المميزة، كأغنية غنتها عقب تحرير الجزائر، وتبرعت فى جزء منها للتحرير الوطنى.
أيقونة
وفساتين ظهرت بها النجمة اللبنانية صباح فى 100 فيلم، وغنت بها أكثر من 3000 أغنية.
أيقونة
كما يعرض مقتطفات من فيديو حفلات موسيقية لكوكب الشرق أم كلثوم، وكذلك الفنانة اللبنانية فيروز، التى اشتهرت من خلال أغانيها لفلسطين فى جميع أنحاء العالم.
أيقونة
هوليوود على ضفاف النيل
احتفاء «معهد العالم العربى» بالقاهرة كمركز عربى للحركة النسوية لم يتولد من العدم، إذ كانت مصر رابع أكبر منتج أفلام فى العالم منذ أواخر الثلاثينيات إلى أوائل السبعينيات، وشهدت السينما المصرية «عصرها الذهبى»، إذ كانت تنتج ما بين 50 و60 فيلماً سنويًا.
أيقونة
وكانت الأفلام الغنائية والكوميدية والدرامية هى حجر الزاوية فى نهوض صناعة السينما المصرية ونجاحها، وهو ما أسهم تأسيس «ستوديو مصر» لطلعت حرب باشا عام 1935.