كوريا الشمالية تستبق استراتيجية بايدن بإطلاق صواريخ باليستية

أطلقت كوريا الشمالية مجددًا، أمس، صاروخين باليستيين فى بحر اليابان، فى تحدٍّ لإدارة الرئيس الأمريكى الجديد جو بايدن، وقبل إعلانه استراتيجيته الجديدة تجاه بيونج يانج.
وقالت رئاسة الأركان المشتركة فى الجيش الكورى الجنوبى إنّ «مقذوفين غير محدّدين» أُطلقا فى بحر اليابان، وأوضح أنّهما أُطلقا من مقاطعة هامجيونج الجنوبية وسط كوريا الشمالية، واجتازا مسارًا بطول 450 كيلومترًا وعلوًا بلغ أقصاه 60 كيلومترًا. وبحسب بيان رئاسة الأركان، فقد عمد الجيش الكورى الجنوبى إلى «تعزيز وضعية المراقبة بالتنسيق الوثيق مع الولايات المتحدة»، حليف كوريا الجنوبية. وعبر مجلس الأمن القومى الكورى الجنوبى عن قلقه العميق من إطلاق الصاروخين.
وقالت القيادة العسكرية الأمريكية بمنطقة المحيط الهادى والمحيط الهندى إن إطلاق الصواريخ يسلط الضوء على التهديد الذى يشكله برنامج الأسلحة الكورى الشمالى غير القانونى على جيرانها والمجتمع الدولى، وأضافت أنها تراقب الموقف وتتشاور مع حلفاء واشنطن.
وأكّد رئيس الوزراء اليابانى، يوشيهيدى سوجا، أن المقذوفين اللذين أطلقتهما بيونج يانج، أمس، كانا صاروخين باليستيين، مشيرًا إلى أنّ آخر تجربة على إطلاق صاروخ باليستى أجرتها بيونج يانج تعود إلى 29 مارس 2020، وأضاف أن «هذا الحادث يهدّد السلم والأمن فى بلدنا والمنطقة، وينتهك قرار الأمم المتحدة»، وقدمت اليابان احتجاجا رسميا عبر سفارتها فى الصين التى تمثل مصالحها لدى كوريا الشمالية.
وتزامن إطلاق الصاروخين مع بدء تسلم اليابان الشعلة الأولمبية، أمس، مما يعطى إشارة الانطلاق لعد تنازلى مدته 4 أشهر قبل إقامة دورة الألعاب الصيفية فى طوكيو والمؤجلة من العام الماضى بسبب جائحة كورونا. وقال سوجا إنه سيتأكد من أن إقامة الألعاب الأولمبية ستتم فى أجواء آمنة، و«سيبحث باستفاضة» القضايا المتعلقة بكوريا الشمالية مع بايدن خلال زيارته لواشنطن الأسبوع المقبل.
كان مجلس الأمن الدولى أصدر العديد من القرارات التى تحظر على بيونج يانج مواصلة برامجها التسلحية فى المجالين النووى والباليستى، ورغم العقوبات الدولية المشددة، تمكنت كوريا الشمالية من إحراز تقدّم سريع فى تطوير قدراتها الصاروخية فى عهد زعيمها الشاب كيم جونج- أون، وأجرت عدة تجارب نووية واختبرت بنجاح صواريخ باليستية قادرة على الوصول إلى البر الأمريكى.
يأتى إطلاق الصاروخين بعد أيام من إطلاق بيونج يانج صاروخين قصيرى المدى غير باليستيين فوق البحر الأصفر باتجاه الصين وليس اليابان، وجاء التصعيد الكورى الشمالى ردا على زيارة للمنطقة شملت سول وطوكيو، قام بها وزير الخارجية الأمريكية، أنتونى بلينكن، ووزير الدفاع الأمريكى لويد أوستن لمناقشة قضايا التحالف والأمن فى المنطقة، ولا سيما قدرات كوريا الشمالية النووية والصواريخ طويلة المدى، ومواجهة مخاطر التوسع الصينى.
وخلال زيارتهما لسيول وطوكيو، شدد الوزيران الأمريكيان على أهمية نزع السلاح النووى فى كوريا الشمالية.
وردًا على الضغوط الأمريكية، حملت تشوى سون هوى، النائبة الأولى لوزير الخارجية الكورية الشمالية، بقوة «النظام الجديد» فى الولايات المتحدة المسؤولية، وقالت إنه منذ وصول الإدارة الأمريكية الجديدة «تمعن فى عرض فرضيتها المجنونة بالتهديد الذى تشكله كوريا الشعبية الديمقراطية، وفى حديثها الذى لا أساس له حول نزع كامل للسلاح النووى».
كانت تلك أول عملية إطلاق صواريخ منذ تولى بايدن الرئاسة، إلا أن مسؤولين أمريكيين قللوا من أهمية الصاروخين اللذين أطلقتهما كوريا الشمالية الأحد الماضى، موضحين أنهما يصنفان فى «خانة النشاطات العسكرية الطبيعية»، وكان بايدن قال: «إن إطلاق الصاروخين أمر عادى».
وكانت سياسة الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب تجاه كوريا الشمالية أدت فى البداية إلى تبادل الإهانات والتهديدات بحرب نووية مع كيم جونج- أون، وتحولت إلى تقارب وشهر عسل دبلوماسى استثنائى تميزت به قمم سنغافورة وهانوى بين ترامب وكيم جونج- أون، دون إحراز تقدم لنزع السلاح النووى لكوريا الشمالية، وفشلت قمة هانوى فى فبراير 2019 فى التوصل إلى اتفاق بشأن تخفيف العقوبات على بيونج يانج، مقابل نزع السلاح النووى من شبه الجزيرة الكورية.
وقال مسؤولون أمريكيون إن إدارة بايدن حاولت منذ توليها السلطة الاتصال ببيونج يانج عبر قنوات مختلفة، لكنها لم تحصل على أى رد، موضحين أن إدارة بايدن فى «المراحل النهائية» من مراجعة سياستها حيال كوريا الشمالية.. ولاحظ محللون تغييرًا فى الصياغة عن الإدارة الأمريكية السابقة، إذ شددت إدارة بايدن على ضرورة «نزع سلاح كوريا الشمالية النووى» بدلا من شبه الجزيرة الكورية بأكملها، وهو توجه أكثر أحادية سترفضه بيونجيانج.