التنظيم والإدارة يعلن نتيجة مسابقة تعيين 4474 معلم مساعد رياض أطفال بالأزهر    صحة الشيوخ تدعو خالد عبد الغفار لعرض رؤيته في البرامج الصحية    جامعة أسيوط تُكثّف استعداداتها لانطلاق امتحانات الفصل الدراسي الأول    عاجل- الحكومة تستعد لإطلاق حزمة تيسيرات جديدة لتعزيز الاستثمارات ورفع معدلات النمو خلال الفترة المقبلة    الأونروا: اللحظة الحالية تتطلب موقفا موحدا لصون واحدة من أقدم وأبرز مؤسسات الأمم المتحدة    نتنياهو: ضم الضفة لا يزال محل نقاش والمرحلة الثانية من خطة غزة اقتربت    وزير الخارجية: إسرائيل عليها مسئولية بتشغيل كل المعابر الخمس التي تربطها بقطاع غزة    شاهد بالبث المباشر منتخب تونس اليوم.. مشاهدة مباراة تونس × قطر بث مباشر دون "تشفير" | كأس العرب    الزمالك: بنتايج أخبرنا أنه لم يشكو النادي    منافس بيراميدز المحتمل - وصول بعثة فلامنجو إلى قطر لمواجهة كروز أزول    الداخلية تكشف حقيقة واقعة تحرش سائِق «تطبيق ذكي» بفتاة في الجيزة وتضبط المتهم    الطقس غدًا.. انخفاض حاد وذروة موجة البرودة وأمطار رعدية تمتد للقاهرة    مدبولي: مشروع إحياء حديقتي الحيوان والأورمان يقترب من الافتتاح بعد تقدم كبير في أعمال التطوير    إلهام شاهين رئيسا شرفيا للدورة 11 من مهرجان شرم الشيخ للمسرح الشبابي    مؤسستا ساويرس وعبلة للفنون تجددان شراكتهما لدعم المواهب المصرية الشابة    مى عمر: محمد سامى صاحبى والجمهور بيقف فى ضهرى لما بتحارب    السمنة تحت مجهر صحة الشيوخ.. اللجنة تتبنى خطة لنشر الوعى حول التغذية السليمة    وزير الصحة يستنكر الشائعات التي انتشر حول الأمراض التنفسية الحالية    هيمنة عسكرية روسية.. الجيش الروسي يتحرك ويستهدف منشآت طاقة أوكرانية    اختبار 87 متسابقًا بمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن بحضور الطاروطي.. صور    هيئة الرقابة المالية تُلزم صناديق التأمين الحكومية بالاستثمار في الأسهم    المستشار الألماني: إمكانية زيارة نتنياهو إلى بلادنا غير مطروحة حاليا    السمنة تحت مجهر صحة الشيوخ.. اللجنة تتبنى خطة لنشر الوعى حول التغذية السليمة    "مهندسون وفنيون".. 19 فرصة عمل جديدة بشركة صناعة الأنابيب    وزير الاتصالات يبحث مع رئيس «الأعلى للإعلام» آفاق التعاون المشترك    باحث يرصد 10 معلومات عن التنظيم الدولى للإخوان بعد إدراجه على قوائم الإرهاب    واحد من الناس يكشف كواليس أعمال الشريعي الموسيقي وسر خلافه مع الابنودي.. اليوم وغد    الأرصاد تكشف خرائط الأمطار اليوم وتحذر من انخفاض درجات الحرارة في عدد من المحافظات    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 7-12-2025 في محافظة الأقصر    حمزة عبدالكريم يقترب من برشلونة علي حساب البايرن وميلان .. اعرف الأسباب    وزارة التضامن: فريق التدخل السريع تعامل مع 519 بلاغا خلال شهر    روجينا تعلن انطلاق تصوير مسلسل حد أقصى رمضان 2026 .. "بسم الله توكلنا على الله"    وزير الصحة يعلن اليوم الوضع الوبائى لإصابات الأمراض التنفسية .. اعرف التفاصيل    ثنائي الأهلي يدعم محمد صلاح ضد مدرب ليفربول: أسطورة كل العصور    نور الشربيني تتوج ببطولة هونج كونج للاسكواش بعد الفوز على لاعبة أمريكا    الجزار: كأس العالم للأندية سبب تعثر انتقالي إلى الأهلي.. ووقعت للزمالك من قبل    تقرير أردني: الخطيب يكلف عبد الحفيظ لبدء التفاوض مع يزن النعيمات    نائب رئيس الزمالك: المجلس يريد استكمال مدته    ارتفاع حصيلة العدوان على قطاع غزة إلى 70 ألفا و360 شهيدا    مرض غامض يمنع الشيخ طه الفشن من الكلام.. اعرف الحكاية    ارتفاع الشركات الرابحة وتطوير خطوط الإنتاج.. تفاصيل اجتماع رئيس الوزراء ووزير الإنتاج الحربي    وزير الري: التحديات المائية لا يمكن التعامل معها عبر الإجراءات الأحادية    «صحح مفاهيمك».. أوقاف الوادي الجديد تنظم ندوة بالمدارس حول احترام كبار السن    هل ثواب الصدقة يصل للمتوفى؟.. دار الإفتاء تجيب    البورصة تواصل ارتفاعها بمنتصف التعاملات مدفوعة بمشتريات عربية وأجنبية    ضبط 69 مخالفة تموينية متنوعة فى حملة مكبرة بمحافظة الفيوم    السيطرة على حريق مخزن سجاد وموكيت فى أوسيم    الإعدام شنقًا لقاتل شقيقته في نجع حمادي    صحة سوهاج تتابع الانضباط وجودة الخدمات الطبية بمستشفى العسيرات المركزي    مصرع شابين وإصابة ثالث في تصادم مروع ببني سويف    رئيس جامعة سوهاج يتحدث عن المبادرة الرئاسية "تمكين" لدعم الطلاب ذوي الهمم    الرقابة المالية تلزم شركات التأمين بسجلات تفصيلية جديدة لضبط السوق    وزير الصحة يستعرض تطوير محور التنمية البشرية ضمن السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية    23 ديسمبر، انطلاق المؤتمر الدولي الأول لتجارة عين شمس "الابتكار والتكنولوجيا المالية"    الشرع: إقامة إسرائيل منطقة عازلة تهديد للدولة السورية    محمد عشوب: نتمنى تنفيذ توجيهات الرئيس نحو دراما تُعبّر عن المواطن المصري    الأحد 7 ديسمبر 2025.. استقرار عام بأسعار أعلاف الدواجن مع تفاوت طفيف بين الشركات في أسوان    دعاء الفجر| اللهم ارزقنا نجاحًا في كل أمر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وحيد حامد.. الباحث عن الحياة الحلم
نشر في المصري اليوم يوم 08 - 01 - 2021

فى حضن النيل الشامخ، بشُرفة فندق «حياة ريجنسى»، انتبهتُ لجلسته على إحدى الطاولات وأمامه الكثير من الملفات التى يقرأ فى بعضها، وأوراق أخرى بيضاء للكتابة، لا أعرف كيف امتد النيل بشخصه وأنا أتطلع إليه، أو كيف انساب هو بموجات النهر المكتنزة بالعطاء؟!.. كانت بجواره عصا يستند إليها حين يقف؛ ليُسلِّم على بعض من يأتون لتحيته أو التقاط صورة معه، تمنيتُ أن أفارق خجلى، ورغبتُ فى ألا يقاطعه أحد ليتفرغ للكتابة، وأن أذهب لأقول له: إن كتاباته لم تزل هى العصا والوتد الذى يقف شامخًا ليقاوم القَمع والتخلف، وكيف أنها تجسِّد شخصية الإنسان المصرى البسيط الذى تنحصر أمنيات عيشه فى الكرامة والحرية والاكتفاء، دون عَوَز أو استقواء قوة من القوى على حقوقه، الإنسان الذى يتمنى العيش دون أن تحلِّق فوق رأسه كل هذه الطيور التى تقذفه بأشكال من الظلام والانتهازية والأطماع.
(وحيد حامد) كاتب مصر الكبير، الذى أشار (يوسف إدريس) بأصبعه ناحية مبنى ماسبيرو؛ ليقول له: «مكانك هناك فى هذا الصرح الكبير»، ربما أراد أن يقول له إنك تكتب بطريقة مشهدية، تكتب وكأن قلمك كاميرا تلتقط كل عناصر الكادر، ومفرداته الصغيرة التى تنقل نكهة الحياة المصرية، التى تتسم بزخم الحضور المميز، الحضور الذى يدلل على هُوَيَّة منفتحة ومتسامحة لا تميل إلى العنف فى أقصى اللحظات الحرجة.
الكاتب الذى تشتمل دوائر الصراع فى نصوصه على طبقات مختلفة من المجتمع، فتجسد التفاوت، ليس المادى فقط، بل الفكرى أيضا فى الحياة المصرية بمعناها المتسع، السيناريست الذى انتقد الحكومات وسُلطة الحزب الواحد والمؤسسات التى تسحق الفرد، انتقد الفكر الأصولى المتمثل فى تيارات الإسلام السياسى، كما انتقد سلبية الجماهير العريضة.
برع (وحيد حامد) فى نقْل وترسيخ فلسفة عميقة تستقر فى وعى مشاهدى أعماله، من خلال الموقف التلقائى الذى يجد الإنسان العادى نفسه بداخله، ففى فيلم «الإرهاب والكباب» لم يكن البطل يريد زعامة أو ساعيًا إلى عنف، لكنهم مجموعة من البشر انحصرت رغباتهم فى حياة إنسانية دون قهر ودون إهانة؛ ليحصل الفرد على خدماته وحقوقه الرئيسية من الدولة بمؤسساتها تحت مظلة من العدالة واحترام الآدمية. وأحسب أن قدْرًا كبيرا من المكانة - التى وصل إليها الكاتب وحيد حامد - تحققت حين نجح فى تهيئة منطقة وُسطى ومتأرجحة فى الصراعات التى قدَّمها فى نصوصه، مساحة من التوترات لا يمكن أن يغفلها الراصد لمعظم أفلامه ومسلسلاته، شخصيات تعرف نفْسها داخل مراحل السيناريو ذاته، مثل ما صَنَعَ فى فيلم «المنسى» أو «معالى الوزير»، فيتكشف لها الصراع الذى يؤرقها، منطقة عميقة تكشف عن فِكر كاتب ومفكِّر له رؤية ويتمسك بمجموعة من القيم التى تبقى على الإنسان إنسانا، كاتب يعرف أن الخير ليس خيرًا خالصًا، كما أن الشر أيضًا ليس شرًا مُطلَقًا، وأننا كبشر لسنا كقضبان القطار الممتدة المتوازية، لكن لكل منا تحولاته الفكرية والوجدانية ونقاط قوته وضَعفه، فهو كاتب الدراما الذى يدرك أن التعدد والمناظير المختلفة هى طبيعة الحياة.
أجاد التعبير عن الاختلاف وهو يكتب شخصياته، وتبنَّى منطق كل طرف فى كتابته، وإلى ما يستند إليه من أيديولوجيا، حتى إنه عندما كتب مسلسل «الجماعة» بجزئيه؛ تصوَّر البعض أنه روَّج لأفكارهم.. وأتصوَّر أنه قد قرأ مئات الكتب والمقالات ليتوفر على كتابة سيناريو هذا العمل، وبتلك الإجادة والمهارة فى نقْل أصولهم الفكرية، وعرْض تاريخ تنظيمهم، وتلك سمات الكاتب الباحث الذى يبحث عن الإحاطة والتميز؛ فيستهين بكل جهد يبذله من أجل التفرد.
استطاع وحيد حامد فى كتاباته أن يستعرض ألوان الطيف الفكرى المصرى، والقوى التى توجد به من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، مثل ما جسَّد فى «طيور الظلام»، كما أنه فى هذا الفيلم جسَّد الفئة الكبيرة من الشعوب، التى تستسلم لأقدارها أو ما يُفعل فيها. كما استطاع أن يلتقط فئة المهمشين فى مجتمعاتنا؛ ففى «الهلفوت» تقف متعجبًا من نموذج البطل الذى يعيش على هامش مجتمع أسقطه من كل حساباته؛ فأفقده إنسانيته.
فى فيلم «اضحك الصورة تطلع حلوة» يحرص البطل على حقه وحق ابنته فى الحب، حقه فى العمل بكرامة، حقه فى السِّلم المجتمعى دون تفاوت شاسع بين طبقات المجتمع، حقه فى الوفاء بالعهود، وينسج الكاتب كل هذا بطريقة إنسانية شديدة الشفافية فى فيلم «احكى يا شهرزاد»؛ يلتقط الكاتب مشاكل المرأة، ويستهين بالوجع والصدمة التى يمكن أن يعانيها المشاهد حين تتعرى أمامه حقائق الظلم والغبن الذى تواجهه المرأة فى المجتمعات الشرقية.
اجتمعت - حول نصوص وحيد حامد - كوكبة من أبرع فنانى مصر يتلقفونها، بداية من الممثلين والمخرجين، حتى صناع السينما والدراما كافة؛ وليُخرجوا نصوصه فى أجمل أعمال أَثْرَتْ تاريخ السينما المصرية منذ بدايته التى تربو على نصف قرن؛ فأثرى الوجدان المصرى والعربى، وأنزل لهم مرايا من كل صنف؛ ليروا الوجود من حولهم برؤية ذهن مفكر متَّقِد، وروح إنسانية عذبة. قد يرحل المبدعون ويغيِّرون عنوان إقامتهم، لكنهم باقون معنا بما شحذوا به نفوسنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.