خلافات وخناقات زوجية

الصراع الزوجى ليس اختلافًا فى الرأى أو الرؤية فحسب، لكنه صراع معقد ومركب بين رجل وامرأة يتشاركان العيش سويًا بعقدٍ موثق، كل منهما يأتى من ثقافة وتربية وبيئة مختلفة، الصراع بينهما لا يمكن تفاديه، لكن يمكن التعامل معه بحكمة وحذر.
الكلام سهل، لكن الواقع يحمل مرارة وأبعادا كثيرة، أحيانًا يلطم الرجل وجه امرأته، أو يبرحها ضربًا فى علقة موت، ربما لأنها استفزته بامتناعها عن الفعل والقول، الذى يُسمَّى بالعدوان السلبى، وقد تعايره أو تشتمه فيما يمس رجولته، لكن ذلك ليس سببًا على الإطلاق للعنف، لأن العنيف ضعيف.
دوامة الصراع قد لا تنتهى، وإن تعامل الطرفان معها برعونة فقد يؤدى ذلك إلى تدمير البنية الأساسية للزواج: الاحترام المتبادل.
إنها مجموعة من المواقف والأحداث، إذا لم تُحلّ تترك جُرحًا مفتوحًا، قد يتقيح وقد يتكلس، ويصبح خُراجًا مزمنًا لابد من فتحه وتنظيفه، أو الرضا بالعيش به متورمًا ينز بالتعاسة.
غالبًا ما تكون الخلافات حول المال وطرق الإنفاق، وعدم الشفافية، وتربية الأولاد، وأمور الفراش، وقد يستمر كل طرف فى الزعيق بلا توقف، لكن فى السرير يكون التناغم والعشق والتواصل الجسدى، الذى يختفى بمجرد الانتهاء، فكل منهما ما زال يحمل ضغينة حول أمر هائل أو تافه.
إن الأنانية فى الحياة، غالبًا ما تكون للرجل الذى يبدأها بالقيام بعد ثوان معدودة، ليترك امرأته نصف مُثارة ومُحبطة، أو حينما تكون المرأة غير مهتمةٍ بنفسها.
إن الحياة أخذ وعطاء، والأنانى النرجسى يُعذِّب من حوله، فى كثير من الزيجات يتفادى الزوجان الحديث عن أى شىء.. صمٌ بكمٌ، فى السيارة، وعلى الهاتف، وفى البيت.
إن هذا مرهق ويبعث على الاكتئاب، يجب أن يبدأ النقاش والمساومة والتنازل، وفحص الأمور جيدًا، أمرُ قد يحتاج إلى خبير علاقات زوجية، إن التواصل الخاطئ هو لب المشكلة، كل منكما مختلف عن الآخر، لكن هناك نقطة انطلاق ولقاء، تبدأ من النظرة التى ربما كانت سببًا فى الزواج، لأن تفادى العينين أو النظر إلى الأرض، أو التحديق شزرًا لا يُجدى نفعًا فى أول الحديث.
تحدثا وجهًا إلى وجه بصوت معتدل النبرة، وانظرا إلى عينى بعضكما، ولا تتربصا ولا تكمنا الشر ولا تشغلا أسطوانة الماضى، ركزّا على الحاضر، وأبدآ بالسهل وإذا تعقدت الأمور فى مشكلة اتركاها لوقتٍ آخر.
تذكرا أن حسن النيّة حلال للعُقد، وامضيا بعض الوقت سويًا، للزوج: لا تقل أنت السبب، أنتِ أفسدتِ الأولاد، قل أنا قصَّرت، وكنت مشغولًا فيما مضى، وقولى له: أنا مرهقة، شغل البيت ومذاكرة الأولاد، والتدريب فى النادى، غير الطبيخ وأنت تحب أكلى، وتحبنى لما أكون فرفوشة. لا تضخِّما المشاكل، ولا تضربا أمثالًا لآخرين، إنها أمورٌ بسيطة لكن لا تتجاهلاها.
لا تظنى فإن بعض الظن إثم، ولا تخمنى، ولا تسمعى كلام الجيران، أو رسائل الهاتف المجهولة، أو بوستات الفيسبوك المُغرضة، أو تجارب الآخرين المُؤلمة.
إن الإحساس بالمرارة والإحباط يعُمّ، فلا يخشى أحدكما البوح، لتنقية الجو، ولكى ينزاح الهمّ من على الصدر.
أنصتا جيدًا ولا يكون أحدكما مهاجمًا أو مدافعًا، لأنها ليست معركة حربية، أنتما من بعض وبينكما لحم ودَمّ، وغالبًا سنوات العمر التى ليست هباءً منثورًا بل رصيد كبير من المشاعر والمواقف المتناقضة.
أخيرًا تذكر ماذا كانت ترتدى فى أول مرة رأيتها وأول مرة دخلتما عش الزوجية، وتذكريه وهو يطلب يدك.
فلتكن لحظة صمت ثم حديث إيجابى.
أعرف أن كلامى كلام منثور على السطور لكن فى التجربة خير وفى المحاولة شرف.
kmfadel@gmail.com