من يعرف التاريخ المجيد لهذا الحزب يسعد غاية السعادة وهو يتابع الممارسة الديمقراطية الرائدة التى تمت بحزب الوفد الجديد الشهر الحالى على يد رجال أدركوا حجم هذه المؤسسة التاريخية التى ينتمون لها فأفرزوا لنا تجربة ديمقراطية عز أن توجد فى أحزاب المعارضة المصرية القائمة، فتعلموا من خسائر الصدام الذى حدث فى انتخابات رئاسة الحزب السابقة وتداركوا عثرات باقى أحزاب المعارضة التى انشغلت فى الآونة الأخيرة عن القيام بدورها السياسى وتفرغت لصراعات كرسى الرئاسة فى الحزب فكان مصيرها إما الانزواء أو التناحر أمام القضاء فتركت الساحة لدعاة الفوضى والخروج على النظام كى ينطلقوا فى الشارع مطالبين بالتغيير.. أى تغيير أيا كان دون فكر أو برامج أو منهجية فكان أن ظهر ثوار الفيس بوك ومناضلو المنتديات ومجاهدو الشات. هذه المبادرة الحضارية التى قادها رجلان تفهما الدور التاريخى الذى على «الوفد» أن يلعبه لإعادة الحياة السياسية فى مصر لنهجها الصحيح والتى لا تستقيم إلا من خلال وجود الرأى والرأى الآخر بشرط أن يكون الرأى الآخر صاحب رؤية سياسية ومنظومة عمل وأعنى الأستاذين المحترمين السيد البدوى (الرئيس المنتخب للحزب) ومحمود أباظة (الرئيس السابق) اللذين أدركا أنهما مسؤولان عن إرث جزء من تاريخ مصر أورثهما إياه رموز التاريخ المصرى سعد زغلول، مكرم عبيد، مصطفى النحاس، فؤاد سراج الدين، ياسين سراج الدين، مصطفى شردى وغيرهم من شموس التاريخ المصرى الحديث فكانا على قدر الحدث والمسؤولية ليخرجا لنا انتخابات حضارية ومثالية. وما إن جلس الدكتور السيد البدوى على كرسى الرئاسة حتى شعرت بأن دماء جديدة قد سرت فى عروق الحزب بعد طول نضوب، نفس الروح التى افتقدها الحزب منذ رحيل فؤاد سراج الدين مؤسس حزب الوفد الجديد، فالحزب الذى تخبط فى فترة تراجعه فى تحالفات مشبوهة وأحياناً غير مفهومة -بعد رحيل الباشا- مع جهات تتناقض فى فكرها مع النهج الليبرالى الديمقراطى العلمانى الذى سلكه الحزب منذ تأسيسه، يبدو أنه قد عثر على طريقه وأصبح اليوم قبلة رموز المجتمع من ساسة، برلمانيين حاليين، فنانين، دعاة، إعلاميين، رجال أعمال وقانونيين، وأجدنى فى هذه المناسبة يجب على أن أتوجه بالشكر للسيد الرئيس محمد حسنى مبارك لاختياره النابغة القانونى، القطب الوفدى وصديق العمر الأستاذ بهاء الدين أبوشقة لعضوية مجلس الشورى والذى أرى أنه اختيار صائب سيثرى الدورة البرلمانية للمجلس دون ريب.. جاء هذا التوافد على مقر الوفد التاريخى فى مظاهرة حب ترد بالقول القاطع على كل دعاة الغوغائية والاشتراطيين (وأعنى من يطالبون بدستور جديد كشرط كى يقبلوا التفضل علينا ويتقدموا للترشح) والمطالبين بتغيير لا يعلمون إلى أين سيذهب بمصر، بأن حق التعبير لا يكون إلا عبر القنوات الشرعية التى أقرها الدستور، فتقدموا إن كان لديكم ما يستحق النقاش فها هى المنابر السياسية متاحة أمام من يرى فى نفسه كفاءة، غير أنى أراكم أبدا غير فاعلين. أما بالنسبة لنا، فالوفد يمثل فى حد ذاته قيمة كبيرة لدى المجتمع القبطى المصرى سواء فى تشكيله القديم أو بعد عودته تحت مسمى الوفد الجديد، فقد حافظ على الشكل المدنى للمجتمع المصرى والمتمثل فى التواجد القبطى الدائم على منصة صنع القرار بالحزب، فمن سينوت حنا لمكرم عبيد لمنير فخرى عبدالنور ووصولا اليوم لرامى لكح، كان الوفد دائماً نموذجا للبرنامج الوطنى الذى أرسته شعارات الوفد الشهيرة والتى كبرنا ونحن نرددها «الدين لله والوطن للجميع» و«عاش الهلال مع الصليب» فكان المنفذ الرئيسى لدخول أقباط مصر قبل الثورة للحياة السياسية والعامة دون تمييز أو تفريق.. وفد اليوم أخذ زمام المبادرة واستلهم الماضى بزيارة المقر البابوى فاتحا ذراعيه لمشاركة جميع الأطياف، فكان لقاء البدوى الحميمى مع قداسة البابا بمثابة دعوة لطلب مؤازرة الكنيسة المصرية كى يستعيد الوفد صورته الوطنية والتى جسدتها شعاراته التى أطلقها قبل ما يزيد على التسعين عاما ومازلنا نسعى لتحقيقها حتى الآن. *الكاتب عضو لجنة العلاقات الخارجية بالحزب الوطنى الديمقراطى أمين عام جمعية محبى مصر السلام