رغم الإجراءات الأمنية المشددة ، تعيش مدينة تورنتو بكندا لحظة تاريخية ومهمة باستضافتها أكبر قمتين اقتصاديتين على المستوى العالمي في توقيت واحد، حيث بدأ قادة ورؤساء حكومات دول مجموعة الثمانية (ألمانيا، وفرنسا، وبريطانيا، وإيطاليا، وكندا، والولايات المتحدة، واليابان، وروسيا) اجتماعهم اليوم الجمعة، بعيداً عن الأنظار في فندق بهونتسفيل شمال المدينة، بتناول الغداء معاً لبحث "الوضع الاقتصادي العالمي" ، بينما تهيمن مجموعة من القضايا الاقتصادية المصيرية غداً وبعد غد على قمة مجموعة ال 20 التي تضم الدول الغنية والناشئة التي تؤمن مجتمعة 85 % من الثروة العالمية والتي أصبحت الحاضن الرئيسي للتعاون الاقتصادي العالمي. ويعد الاقتصاد العالمي وكيفية إنقاذه من كبوته المحور الرئيسي لبرنامج مجموعة الثمانية في ظل دفاع الأوروبيين وعلى رأسهم المستشارة الألمانية «أنجيلا ميركل» عن برامجهم الخاصة بالتقشف في الميزانية، التي قالت إنها ستساعد على ضمان نمو اقتصادي دائم ، في حين يطلب الرئيس الأمريكي «باراك أوباما» من شركائه "دعم الانتعاش" من خلال تحفيز الاستهلاك الأمر الذي يبلور الخلاف الحاد بين أوروبا التي اعتمدت خطط تقشف صارمة لمواجهة أزمة الديون والموازنات في منطقة اليورو والولايات المتحدة التي تخشى أن يكبح الحد من الإنفاق الحكومي نمو اقتصادها. وبعد نقاشهم الأول حول الإستراتيجية التي يجب تبنيها لحماية الانتعاش الاقتصادي العالمي الهش، يوسع قادة مجموعة الثماني نقاشهم ليشمل 6 بلدان أفريقية (الجزائر، والسنغال، ومالاوي، وجنوب أفريقيا، ونيجيريا، وأثيوبيا)، وذلك لبحث "آفاق تحقيق الأهداف التنموية للألفية" من خلال التطرق إلى قضايا رئيسة لها صلة مباشرة بالاقتصاد العالمي وعلى رأسها الديون وتنظيم أسواق المال بما يمنع أزمات جديدة في المستقبل على شاكلة الأزمة المالية التي اندلعت خريف 2008 وأفضت إلى ركود شديد. ويأتي عقد قمتي الثماني وال 20 في ظل خلافات بين الدول المتقدمة والناشئة بل بين الدول الصناعية نفسها بشأن قضايا تتعلق أساساً بتنظيم أسواق المال وإيجاد وسائل أقل ضرراً لمكافحة الديون والعجز في الموازنات. وكان وزراء مالية ومحافظو البنوك المركزية لمجموعة ال 20 أخفقوا في اجتماع مهد لقمة المجموعة بتورنتو في الاتفاق على إدراج بند يدعو إلى فرض ضريبة عالمية على البنوك كي لا يسدد دافعو الضرائب ثمن أزمة أخرى تكون تلك البنوك سبباً فيها كما هو الحال في الأزمة المالية الأخيرة. من جانبه ، أكد رئيس المفوضية الأوروبية «جوزيه مانويل باروزو»، أنه ليس هناك فرصة أمام أوروبا لمزيد من الإنفاق في ظل العجز في الميزانيات مشدداً على أن تعزيز الأوضاع المالية أمر ضروري لإعادة بناء الثقة من أجل تحقيق النمو. وأضاف أن السياسات المالية الأوروبية ستبقى توسعية في 2010 على أن تبدأ سياسات التشديد ببطء في 2011 وقال، "التشديد المالي ليس هدفا في ذاته .. إنه وسيلة لاستعادة الثقة ، وبدون استعادة ثقة المستثمر والمستهلك لن يكون هناك نمو". وفي سياق متصل ، قاد متظاهرون أمس احتجاجات ارتدى خلالها المحتجون ملابس زعماء العالم يبدون فيها كنساء حوامل لدعوة مجموعة الثماني إلى اتخاذ إجراءات لمكافحة الفقر والوفيات بين الأطفال والأمهات من خلال الالتزام بتقديم أموال لتحسين صحة الطفل.
