رغم الإجراءات الأمنية المشددة، تعيش مدينة تورونتو بكندا لحظة تاريخية ومهمة، باستضافتها أكبر قمتين اقتصاديتين على المستوى العالمى فى توقيت واحد، حيث بدأ قادة ورؤساء حكومات دول مجموعة الثمانى (ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا وكندا والولايات المتحدة واليابان وروسيا) اجتماعهم، أمس، بعيدا عن الأنظار فى فندق بهونتسفيل شمال المدينة بتناول الغداء معا لبحث «الوضع الاقتصادى العالمى»، بينما تهيمن مجموعة من القضايا الاقتصادية المصيرية اليوم وغدا على قمة مجموعة ال20، التى تضم الدول الغنية والناشئة. ويعد الاقتصاد العالمى وكيفية إنقاذه من كبوته المحور الرئيسى لبرنامج مجموعة الثمانى فى ظل دفاع الأوروبيين وعلى رأسهم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن برامجهم الخاصة بالتقشف فى الميزانية، التى قالت إنها ستساعد على ضمان نمو اقتصادى دائم، فى حين يطلب الرئيس الأمريكى باراك أوباما من شركائه «دعم الانتعاش» من خلال تحفيز الاستهلاك الأمر الذى يبلور الخلاف الحاد بين أوروبا التى اعتمدت خطط تقشف صارمة لمواجهة أزمة الديون. وبعد نقاشهم الأول حول الاستراتيجية التى يجب تبنيها لحماية الانتعاش الاقتصادى العالمى الهش، يوسع قادة مجموعة الثمانى نقاشهم ليشمل 6 بلدان أفريقية (الجزائر والسنغال ومالاوى وجنوب أفريقيا ونيجيريا وإثيوبيا) وذلك خصوصا لبحث «آفاق تحقيق الأهداف التنموية للألفية» من خلال التطرق إلى قضايا رئيسة لها صلة مباشرة بالاقتصاد العالمى وعلى رأسها الديون وتنظيم أسواق المال بما يمنع أزمات جديدة فى المستقبل على شاكلة الأزمة المالية التى اندلعت خريف 2008 وأفضت إلى ركود شديد. ويأتى عقد قمتى الثمانى وال20 فى ظل خلافات بين الدول المتقدمة والناشئة بل بين الدول الصناعية نفسها بشأن قضايا تتعلق أساسا بتنظيم أسواق المال وإيجاد وسائل أقل ضررا لمكافحة الديون والعجز فى الموازنات. كان وزراء مالية ومحافظو البنوك المركزية لمجموعة ال20 أخفقوا فى اجتماع مهد لقمة المجموعة بتورنتو فى الاتفاق على إدراج بند يدعو إلى فرض ضريبة عالمية على البنوك كى لا يسدد دافعو الضرائب ثمن أزمة أخرى تكون تلك البنوك سببا فيها كما هو الحال فى الأزمة المالية الأخيرة. فى سياق متصل، قاد متظاهرون أمس الأول احتجاجات، ارتدى خلالها المحتجون ملابس زعماء العالم يبدون فيها كنساء حوامل لدعوة مجموعة الثمانى إلى اتخاذ إجراءات لمكافحة الفقر والوفيات بين الأطفال والأمهات من خلال الالتزام بتقديم أموال لتحسين صحة الطفل.