في ظل حراسة أمنية غير مسبوقة في تاريخ القمم العالمية, تبدأ اليوم السبت في مدينة تورونتو الكندية اجتماعات قمة دول العشرين الأكبر اقتصاديا بحضور زعماء الدول الكبري . وذلك لبحث مستقبل الإقتصاد العالمي وكيفية المضي في خطط إصلاح النظام المالي وإعادة معدلات النمو إلي مستوياتها السابقة في ظل انقسام واضح في المواقف بين الولاياتالمتحدة وحلفائها الغربيين. وتقول مصادر في القمة إن الإعلان الختامي يشهد مشاورات شاقة في الصياغة في محاولة التوصل إلي تسوية حول النقاط الخلافية الجوهرية وأبرزها طريقة التعامل مع الأزمة المالية العالمية وما إذا كان الحل في تبني المزيد من الإجراءات التقشفية- الاتجاه الأوروبي- أو علي النقيض تبني سياسات تدعم الانتعاش الاقتصادي وتحفيز الاستهلاك وهو ما تدعو إليه الولاياتالمتحدة. كما تسود أجواء القمة حالة من الغموض إزاء تعهدات الدول الغنية للدول الفقيرة رغم دعوة عدد من قادة الدول الأفريقية إلي قمة الثماني. ويقوم أكثر من20 ألف رجل شرطة كندي بحراسة قمة العشرين في الوقت الذي شهدت فيه مدينة تورنتو مظاهرة امس الأول شارك فيها نحو خمسة الاف شخص من السكان الأصليين للاحتجاج علي سياسة الحكومة الكندية. وقد توافد زعماء الدول المشاركة علي تورونتو علي مدي اليومين الماضيين, وفي مقدمتهم الرئيس الأمريكي باراك أوباما, في الوقت الذي عقدت الدول الصناعية الثماني الكبري قمة لمدة يوم واحد أمس في منتجع خارج تورونتو. يذكر أن مجموعة الثماني تضم كلا من الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا واليابان وإيطاليا وكندا وروسيا في الوقت الذي تضم مجموعة العشرين الدول الصاعدة اقتصاديا وقوي إقليمية مثل البرازيل والصين والهند والسعودية وكوريا الجنوبية إلي جانب الدول الصناعية. وشهدت الساعات الأخيرة قبل القمة الصناعية خلافا بين واشنطن ودول غرب أوروبا حول طريقة إدارة الأزمة المالية العالمية في مرحلتها الراهنة حيث تصر إدارة الرئيس الأمريكي الديمقراطي باراك أوباما علي الدفع بإصلاحات تحفز دورة النمو الإقتصادي بزيادة الإنفاق, وهو ما تعترض عليه ألمانيا وبريطانيا وفرنسا, وهي الدول التي تؤكد أن سياسة التقشف والحد من الدين العام هو أفضل طريقة للتعامل مع الأزمة. وكانت ألمانيا هي القائدة التي دافعت عن النهج الأوروبي في التعامل مع الأزمة المالية, حيث أكدت المستشارة الالمانية أنجيلا ميركل أمس أن الطرح الخاص بتبني المزيد من السياسات التقشفية لن يؤدي إلي كساد إقتصادي في المستقبل. ويرجع تمسك أوروبا بالمزيد من التقشف إلي خشية الدول الأوروبية من حدوث أزمات مماثلة للأزمة اليونانية, وهو ما دفعها إلي خفض النفقات وزيادة الضرائب. ومن جانبه, صرح لورانس سومرز المستشار الإقتصادي للبيت الأبيض أن التحركات الأخيرة من جانب الصين وأوروبا تشير إلي أن قمة تورنتو سوف تحقق تقدما علي مستوي الإقتصاد العالمي. وكانت الصين قد أعلنت عن فرض مزيد من المرونة علي تعاملات العملة الوطنية اليوان في إستجابة لمطلب أمريكي بتعويم العملة وتجنب إجراءات عقابية من الكونجرس الأمريكي. وقال سومرز إن أرقام الوظائف والناتج المحلي الإجمالي يشيران إلي أن الاقتصاد الأمريكي يتحرك في إتجاه سليم, فيما ينبغي فعل المزيد لعودة الاستقرار للأسواق. في هذه الأثناء, صرحت مصادر من داخل القمة بأن الخلافات الرئيسية حول خطط التحفيز والإجراءات الواجب اتخاذها لمنع تكرار انهيارات البنوك الغربية ستظل دون حل رغم المشاورات المكثفة بين كل الأطراف. وتوقعت المصادر أن تشهد القمة, التي تستمر يومين, ما يمكن تسميته بمعركة مالية بين الدول الغربية حول أفضل السياسات لوقف تدهور الوضع المالي العالمي. وفي هذا الصدد, أعلن الوفد البريطاني في القمة أن ديفيد كاميرون رئيس الحكومة البريطانية أوضح لزعماء قمة الثماني خطوات التقشف المالي التي تنفذها حكومته في الوقت الراهن وتأثير ذلك علي النمو.