قررت النيابة العسكرية التحقيق مع الناشط علاء عبدالفتاح، المتهم مع آخرين بالتحريض فى مجزرة ماسبيرو 9 أكتوبر 2011. حاليا علاء محبوس احتياطيا فى الزنزانة رقم 19 بسجن الاستئناف بباب الخلق، لرفضه المثول كمدنى أمام النيابة العسكرية. إن أزمة القبض على ناشطين سياسيين وتقديمهم للنيابة العسكرية تلقى بضوء كاشف على عدة جبهات فاعلة فى المشهد السياسى الآنى. الأحزاب السياسية: بينما أثار تقديم علاء عبدالفتاح للنيابة العسكرية موجات الغضب بين المهمومين بالثورة والمصرين على استكمالها، لم تظهر القضية على أجندة أى من الأحزاب السياسية، قديمها وحديثها، كأن حبس الثوار واتهامهم بالتحريض ومن قبلهما قتلهم تحت مدرعات الجيش ليست بالقضايا التى تستحق الاهتمام السامى. كان من المفهوم فى النظام السابق أن تكون تلك الأحزاب مجرد ديكور لازم لاستكمال شكل اللعبة السياسية، أما الآن فموقفها من الثورة يتصف بالدناءة والخسة. وينتقص هذا الموقف المتخاذل من مصداقية تلك الأحزاب التى تدعى قدرتها على تمثيل الشعب. لقد تناسوا أنه لولا علاء عبدالفتاح ورفاقه ورفيقاته ما تمتعوا هم الآن بوجود سياسى. المجلس الأعلى للقوات المسلحة أولاً: لقد نكص عن القرار الذى أصدره بوقف تحويل المدنيين للقضاء العسكرى. ثانياً: بدا المجلس جاهزاً بقائمة متهمين بالتحريض (كلهم من الناشطين الذين لا يملكون سلاحا إلا الكلمة) بينما يتجاهل إعداد قائمة بالقتلة الذين دهسوا المتظاهرين السلميين. ثالثا: تشكل أزمة حبس علاء عبدالفتاح حلقة واحدة فى سلسلة القرارات المعادية للثورة، فهناك مطاردة الإعلاميين ذوى الآراء المستقلة، والتضييق على حرية الإعلام، واستمرار المسلسل السخيف للانفلات الأمنى، وعودة قتل المصريين بالتعذيب فى السجون، وبإطلاق الرصاص عليهم فى الشوارع. هذا غير القرارات السياسية التى تهدم من الديمقراطية قبل تأسيسها. تؤكد هذه المؤشرات أن المجلس العسكرى قد وصل إلى مرحلة سيئة فى إدارة البلاد، مرحلة تتسم بالديكتاتورية وغياب الإرادة السياسية للتغيير. كما تتطابق تلك المؤشرات بشكل مذهل مع طريقة المخلوع فى إدارة البلاد فى خلال الأعوام الثلاثين الماضية، والتى تأكدت فى خلال أيام الثورة، «فكلما جاء يكحلها عماها» مثلما حدث فى سلسلة الخطابات التى وجهها للشعب والتى كان يعقبها دوما أحداث تطيح بمصداقيته. هل تتذكرون يوم حومت طائرات ال«إف 16» الحربية فوق رؤوسنا فى ميدان التحرير؟ فى تلك اللحظة خرجت الصرخة العبقرية الساخرة: «حسنى اتجنن»، والتى كانت بداية نهايته، لأن الشعب عبَّر من خلالها عن احتقاره للديكتاتور واستهانته بالتخويف. المجتمع المدنى الداعم للثورة: بينما تلعب الأحزاب السياسية دور النذل ويلعب المجلس العسكرى دور فتوة الحارة المفترى يستكمل الثوار الطريق الوعر. تصدر لجنة تقصى الحقائق التابعة للمجلس القومى لحقوق الإنسان تقريرها المحترم عن مجزرة ماسبيرو. يقرر الحقوقى أحمد سيف رفع مذكرة للنيابة العسكرية للمطالبة بالتحقيق مع اللواءين حسن الروينى وحمدى بدين وضباط الجيش المتواجدين فى مجزرة ماسبيرو والتحقيق مع أسامة هيكل، وزير الإعلام، ومذيعيه بتهمة التحريض. تتعدد الأمثلة التى تؤكد دأب الثوار وإصرارهم على استكمال طريق الثورة، أما السلطة الجائرة فسوف تتكفل بنفسها إذ إنها، بكل همة وغباء، تحفر قبرها بيدها. تفاءلوا لأنه بالفعل «حسنى اتجنن»، وكل عيد وأنتم أحرار.