جامعة قناة السويس تنظم ندوة توعوية بمدرسة النهضة حول السلوك القويم    حزب حماة الوطن يحصد 12 مقعدا فى هيئات لجان مجلس الشيوخ    أبو مازن يصدر إعلانا دستوريا يحدد خليفته حال شغور منصب الرئيس    غرفة السياحة: انخفاض أسعار برامج الحج السياحي نتيجة لاستقرار أسعار صرف العملات الأجنبية    أرابكو للتطوير العقاري تشارك في معرض Bayty - The Real Estate Expo بالرياض لعرض فرص استثمارية متميزة    وزيرا الخارجية والعمل يناقشان الهجرة والعمالة المصرية بالخارج    مستوطنون يهاجمون المزارعين في ترمسعيا والمغير شرق رام الله    محمود عباس يصدر إعلانا بتولي نائبه مهام رئيس فلسطين في حال شغور المنصب    ضحايا في كييف جراء هجوم جديد بالطائرات المسيّرة    بكين تعلن التوصل إلى توافق مبدئي مع واشنطن بشأن الفنتانيل ورسوم الشحن    "القاهرة الإخبارية": اشتباكات عنيفة بالفاشر بعد إعلان "الدعم السريع" السيطرة على الفرقة السادسة    يلا شوووت.. تشكيل مانشستر سيتي المتوقع لمواجهة أستون فيلا في الجولة التاسعة من الدوري الإنجليزي    في مواجهة الليلة .. رمضان صبحي على رأس غيابات بيراميدز أمام التأمين الإثيوبى    أحمد حسام عوض: ثقة الخطيب شرف ومسؤولية.. ونسعى لتعظيم موارد الأهلي وتطوير فكر الاستثمار الرياضي    حملات موسعة لضبط الخارجين على القانون في الظاهر (تفاصيل وصور)    يخطر الطلاب بجداول كل المواد.. تفاصيل بدء المدارس اليوم تقييم الطلاب في اختبار شهر أكتوبر    وزير الخارجية يتابع استعدادات الوزارة لافتتاح المتحف المصرى الكبير    حياة كريمة تهنئ الدكتورة إيناس عبد الدايم بمناسبة تكريمها من المجلس الوطني للثقافة بالكويت    محمد عبد الصادق يستقبل رئيس جامعة جيانغنان الصينية لبحث تعزيز التعاون المشترك    طرح التريلر الرسمي لفيلم «قصر الباشا» تمهيدا لطرحه 5 نوفمبر في دور العرض (فيديو)    «الصحة» تختتم البرنامج التدريبي لفرق الاستجابة السريعة بجميع المحافظات    وزير الصحة يتفقد مجمع الإسماعيلية الطبي ويوجه بسرعة الاستجابة لطلبات المواطنين    حسام الخولي ممثلا للهيئة البرلمانية لمستقبل وطن بمجلس الشيوخ    السيطرة على حريق محدود بمخلفات داخل معهد أزهري بشبرا الخيمة دون إصابات    5 لغات للحب.. اكتشف السر بمن يحبك    من صوت التهامى إلى قصر طاز.. العمارة ترسم ملامح الذاكرة |مسابقة شباب المعماريين وإحياء العمارة التراثية بروحٍ معاصرة    إكسترا نيوز: دفعات جديدة من المساعدات الإنسانية تستعد لدخول قطاع غزة    وزير الزراعة ورئيس جامعة القاهرة يفتتحان النسخة الأولى من معرض البساتين EXPO-2025    ضبط 5 أشخاص روعوا المواطنين بالالعاب النارية بالجيزة    التضامن تعلن استثناء السن للتقديم في حج الجمعيات الأهلية لهذه الفئة .. اعرف التفاصيل    تطوير كورنيش شبين الكوم.. ومحافظ الفيوم: هدفنا تحويل العاصمة لمدينة حضارية عصرية    الموت يفجع الفنانة فريدة سيف النصر.. اعرف التفاصيل    حكاية منظمة (5)    غدا .. الطقس مائل للحرارة نهارا وشبورة صباحا والعظمى بالقاهرة 29 درجة والصغرى 20    ضبط 105 كيلو جرامات من اللحوم الفاسدة في حملة بيطرية مكبرة بدمياط    الأهلي يشكو حكم مباراة إيجل نوار ويطالب بإلغاء عقوبة جراديشار    الرياضية: اتحاد جدة يجهز لمعسكر خارجي مطول في فترة توقف كأس العرب    مركز الازهر للفتوى :الاعتداء على كبير السن قولًا أو فعلًا يعد جريمة في ميزان الدين    رئيس الوزراء يغير مسار جولته بالسويس ويتفقد مدرسة "محمد حافظ" الابتدائية    مدير تعليم بورسعيد يتابع بدء المرحلة الثانية لبرنامج تطوير اللغة العربية بالمدارس    وكيل صحة كفر الشيخ يناقش تعزيز خدمات تنظيم الأسرة بالمحافظة    مصرع طالبة سقطت من الطابق الثالث في مغاغة بالمنيا    هيئة الرقابة المالية تصدر قواعد حوكمة وتوفيق أوضاع شركات التأمين    موعد والقنوات الناقلة لمباراة ريال مدريد و برشلونة في كلاسيكو الأرض بالدوري الإسباني    عمرو الليثي: "يجب أن نتحلى بالصبر والرضا ونثق في حكمة الله وقدرته"    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم 26 اكتوبر وأذكار الصباح    "هيتجنن وينزل الملعب" | شوبير يكشف تطورات حالة إمام عاشور وموقفه من تدريبات الأهلي    الهلال الأحمر المصري يدفع بأكثر من 400 شاحنة حاملة 10 آلاف طن مساعدات إنسانية إلى غرة    محافظة أسوان تعطى مهلة أخيرة لأصحاب طلبات التقنين حتى نهاية أكتوبر    د. فتحي حسين يكتب: الكلمة.. مسؤولية تبني الأمم أو تهدمها    «التضامن»: الخطوط الساخنة استقبلت أكثر من 149 ألف اتصال ما بين استفسارات وطلبات وشكاوى خلال شهر سبتمبر    ب«79 قافلة طبية مجانية».. الشرقية تحصل على الأعلى تقييمًا بين محافظات الجمهورية    مدفوعة الأجر.. موعد إجازة افتتاح المتحف المصرى الكبير    مراسم تتويج مصطفى عسل وهانيا الحمامي ببطولة أمريكا المفتوحة للاسكواش    تداول 55 ألف طن و642 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    أطعمة تعزز التركيز والذاكرة، أثناء فترة الامتحانات    موعد بدء شهر رمضان 2026 في مصر وأول أيام الصيام    مواقيت الصلوات الخمس في مطروح اليوم الأحد 26 أكتوبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(غرفة 313).. (مقطع من رواية) كوثر العزاوى
نشر في المصري اليوم يوم 15 - 10 - 2020

رائحة الموت تفوح فى جميع الممرات. جدرانها تضيق عليها شيئا فشيئا. أغمضت عينيها، حاولت أن تنام فهذا يومها الثانى على التوالى فى المشفى لم تخرج من غرفة 313 إلا عند الضرورة، لم تغمض عيناها حتى اشتد عليها الصداع. دخل الطبيب كعادته الساعة الثانية ظهرا. وقفت دنيا متأهبة لما سوف يقول. نظرت إلى تعابير وجهه. كانت تبحث عن بصيص أمل. وتنتظر خبرا جيدا لتزفه لوالدتها. كان الطبيب هادئا، بطيئا فى حركته، كان هدوؤه يثير الغضب. أخذ يسجل فى ملف والدها أرقاما وكلمات لا تعى منها شيئا. أخيرًا، أشفق على حالها، وقفت تحركاته الهادئة وتحدث: كما قلت لك بالأمس، والدك تخطى سبع جلطات فى مخه. جميع أعضائه وقفت. آسف دنيا، أكسيجين دمه وصل إلى اثنين وثلاثين. إنه مؤشر الموت، آن الأوان أن تخبرى عائلتك كى يودعوه. آسف جدا.
خلال حديثه كانت تنظر دنيا إليه بعين متسعة من الدهشة المغلفة بالوجع. إنها لا تصدق أن هذا آخر الطريق. ماذا تقول لوالدتها؟ كيف تقول لها قد حانت لحظة الوداع؟ كيف ستخبرها بفقد حبيبها إلى الأبد؟ كيف ستقول لماريا؟ ماذا تقول لجدتها؟ وعمها فراس؟ لقد نسيت عمها فراس. إنها لا تستطيع أن تخبرهم، تركها الطبيب فى تلك الغرفة المجردة من جميع أحاسيس العالم. لقد فارقتها الأحاسيس أيضا. لم تعد تشعر بشىء. أو ربما تشعر بالفراغ.
أخرجت هاتفها لتحدث جدها إدوارد. سمعت صوته وهو يرحب بها، ماذا تقول له؟ وكيف تقول؟ هل يشعر بالسعادة عند إخباره؟ هل سامحه حقا؟.. اكتفت بجملة واحدة: أخبر والدتى أنه قد حانت لحظة الوداع.
تركت الهاتف على المنضدة. لماذا لم تعد تشعر بشىء؟ هل جدران المشفى امتصت أحاسيسها؟ بات ذلك الرقم اثنان وثلاثون مشؤوما لها. نظرت إلى والدها المستلقى على الفراش. بدا لها أنه يبتسم. ابتسمت هى أيضا. وضعت يده على عينها. سافرت إلى الماضى حينما كانت طفلة صغيرة، كلما تألمت كان والدها يغمرها بالقبلات والأحضان حتى تنسى ألمها. إذا غمرته الآن بالقبل والأحضان.. هل سيزول الألم؟.. وضعت رأسها على السرير. إنها حياة غير عادلة. أغمضت عينيها وأخذها النوم فى عالم آخر. غريب هو النوم يداهم المرء ليخطفه لسويعات من الحزن ويمد المرء بالطاقة والقوة.
الغيوم الرمادية اجتاحت السماء وخيمت على قلوب العاشقين. بدت بغداد تكتسى بالحزن. الشمس اختبأت وراء الغيوم وتخلل الصمت فى بغداد. اجتاح الحزن قلب مريم. وقفت سيارة فراس أمام مشفى الراهبات. ما زالت تذكر تلك اللحظة التى خبرتها الطبيبة بحملها فى ماريا، وفرحتها هى وفؤاد فى ذلك اليوم. وستتذكر هذه اللحظة أيضا فى المستقبل. هذه الذكرى المؤلمة. إنها فاصل بين الحياة والموت. والدها كان يعينها فى السير. وقفت أمام الغرفة 313 إنه رقم نحس، هل هو سبب فى موت حبيبها؟ ولكن إنه مجرد عدد ليس له معنى؟ لم تود أن تدخل إليها. أدار والدها مقبض الباب وفتحت الغرفة إليها. وهبت رائحة جميلة فى الأرجاء، لم تكن رائحة الأدوية التى تسيطر، بل رائحة أخرى كان مصدرها. تقدمت. طلبت من الجميع أن يتركها مع فؤاد. وقفت فى وسط الغرفة قبالة سريره. تقدمت أكثر واستلقت بجواره ووضعت رأسها على صدره. أخذت تشمه وتقبله. رغم غيبوبته مازال حضنه يملأ قلبها بالسكينة. حاوطته بيدها. قربته أكثر وقالت: هل ستسامحنى فؤاد؟ لقد كنت فتاة شقية لا أبالى بعاداتنا وتقاليدنا كثيرا. أحضنك وأقبلك أمام الجميع فقط كى أثير غضبك فأنت تزداد جاذبية عند غضبك. أنا لم آتِ هنا لتوديعك فأنت ستبقى فى قلبى موجودا لن تموت أبدا. أتيت كى أشكرك لأجل الحب الذى غمرتنى به. أتيت لأشكرك على إهدائى ماريا ودنيا. إنهما قطعة منك حبيبى لن تموت أبدا. أعدك سأخبر آدم وجميع أحفادنا عن ملحمة حبنا. سأبقى أتحدث معك كل يوم، كل لحظة، لن تهرب من ثرثرتى. أحبك فؤاد. سأبقى أحبك حتى مماتى. لن يطول فراقنا هذا. سألحق بك. لن أدعك لوحدك أبدا.
كفكفت دمعها وطبعت قبلة على شفتيه. قبلة طويلة تملؤها حبا وحياة أبدية لن يدركها سواها. كيف سيتركها وشفتاه ما زالت دافئة والحياة تجرى فيهما؟ طبعت عدت قُبل متتالية على شفتيه يمينا ويسارا. لم تود أن تفارقه. لا تستطيع مفارقته، فهو جزء منها. قبّلت جبينه وألصقت جبينها به وقالت: يجب أن أرحل، فراس ينتظر دوره ليجالسك، لم أدع ماريا تأتى فطبيعتها الحساسة لا تسمح لها بالحضور لهذه اللحظة.
طبعت آخر قبلة لها. لم تكن كباقى القبل. كانت آخر قبلة لقصتهم. آخر قبلة لحبهما الذى وقف أمام جميع عاداتهم وأعرافهم. كان يجب أن تكون مميزة، أن تكون فريدة من نوعها. مثل حبهما الذى جمع الله فيهما ولم يفرقهما شىء.
نظرت إليه.. هل من الممكن للمرء أن يشتاق إلى شخص وهو مازال أمامه؟. لقد ولهت على عيناه العسلية. نهضت. فهى لا تريده أن يرى دموعها أكثر من ذلك. أدارت ظهرها إليه لا تستطيع تركه أبدا. ستبكى بكاءً طويلًا. خرجت من الغرفة مسرعة. كان إدوارد بانتظارها. فتح لها حضنه لتختبئ فيه.
تركتهم دنيا وذهبت إلى باحة المشفى. يجب أن تكون لوحدها. كيف ستودع والدها؟ ماذا تقول له؟.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.