نتائج انتخاب هيئات مكاتب اللجان النوعية بمجلس الشيوخ    باستثمارات 15 مليون دولار.. مدبولي يفتتح مصنع "أدو مينا" لصناعة مواد البناء في السخنة الصناعية    كييف تعلن إسقاط 90 طائرة مسيرة روسية خلال الليل    بكين تعلن التوصل إلى توافق مبدئي مع واشنطن بشأن الفنتانيل ورسوم الشحن    "القاهرة الإخبارية": اشتباكات عنيفة بالفاشر بعد إعلان "الدعم السريع" السيطرة على الفرقة السادسة    يلا شوووت.. تشكيل مانشستر سيتي المتوقع لمواجهة أستون فيلا في الجولة التاسعة من الدوري الإنجليزي    أحمد حسام عوض: ثقة الخطيب شرف ومسؤولية.. ونسعى لتعظيم موارد الأهلي وتطوير فكر الاستثمار الرياضي    حملات موسعة لضبط الخارجين على القانون في الظاهر (تفاصيل وصور)    مفيدة شيحة عن ظهور محمد سلام في احتفالية مصر وطن السلام: الحق رجع لصاحبه    محمد عبد الصادق يستقبل رئيس جامعة جيانغنان الصينية لبحث تعزيز التعاون المشترك    «الصحة» تختتم البرنامج التدريبي لفرق الاستجابة السريعة بجميع المحافظات    وزير الري يوجه بالاستمرار الفعال للتعامل مع موسم السيول والأمطار الغزيرة    مستقبل وطن يطلق مؤتمرات جماهيرية لدعم مرشحيه في انتخابات النواب 2025    وزير الرياضة يهنئ سيف عيسى بذهبية العالم في التايكوندو    حسام الخولي ممثلا للهيئة البرلمانية لمستقبل وطن بمجلس الشيوخ    «رفضت رد ممتلكاته».. المتهم بتعذيب زوجته حتى الموت بالإسكندرية يكشف سبب ارتكاب الجريمة    استمرار هجمات المستوطنين على سكان الضفة الغربية    الرئيس الفلسطيني يصدر إعلانًا دستوريًّا بتولي نائب رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير مهام رئيس السلطة الفلسطينية في حال شغور المركز    وزير الخارجية: المتحف المصري الكبير يمثل إنجازًا أثريًا وسياحيًا    وزارة الثقافة تحتفي باليوم العالمي للتراث الثقافي غير المادي    5 لغات للحب.. اكتشف السر بمن يحبك    من صوت التهامى إلى قصر طاز.. العمارة ترسم ملامح الذاكرة |مسابقة شباب المعماريين وإحياء العمارة التراثية بروحٍ معاصرة    إكسترا نيوز: دفعات جديدة من المساعدات الإنسانية تستعد لدخول قطاع غزة    «هيلز للتطوير العقاري» و«بروتكشن للتطوير العقاري» (PRD) تطلقان شراكة استراتيجية لترسيخ معايير جديدة للجودة والقيمة وتجربة العملاء في السوق المصري    تطوير كورنيش شبين الكوم.. ومحافظ الفيوم: هدفنا تحويل العاصمة لمدينة حضارية عصرية    غدا .. الطقس مائل للحرارة نهارا وشبورة صباحا والعظمى بالقاهرة 29 درجة والصغرى 20    ضبط 5 أشخاص روعوا المواطنين بالالعاب النارية بالجيزة    التضامن تعلن استثناء السن للتقديم في حج الجمعيات الأهلية لهذه الفئة .. اعرف التفاصيل    الموت يفجع الفنانة فريدة سيف النصر.. اعرف التفاصيل    حكاية منظمة (5)    محافظ الدقهلية يفاجئ عيادة ابن لقمان للتأمين الصحي بالمنصورة: تكليفات فورية بالتعامل مع أي نواقص في الأدوية    ضبط 105 كيلو جرامات من اللحوم الفاسدة في حملة بيطرية مكبرة بدمياط    رئيس الوزراء يغير مسار جولته بمحافظة السويس ويتفقد مدرسة محمد حافظ الابتدائية    الأهلي يشكو حكم مباراة إيجل نوار ويطالب بإلغاء عقوبة جراديشار    6 أفلام من «أسوان لأفلام المرأة» ضمن برنامج خاص في مهرجان لندن بريز    مركز الازهر للفتوى :الاعتداء على كبير السن قولًا أو فعلًا يعد جريمة في ميزان الدين    الرياضية: اتحاد جدة يجهز لمعسكر خارجي مطول في فترة توقف كأس العرب    مدير تعليم بورسعيد يتابع بدء المرحلة الثانية لبرنامج تطوير اللغة العربية بالمدارس    وكيل صحة كفر الشيخ يناقش تعزيز خدمات تنظيم الأسرة بالمحافظة    هيئة الرقابة المالية تصدر قواعد حوكمة وتوفيق أوضاع شركات التأمين    بكم طن عز؟ سعر الحديد اليوم الأحد 26 أكتوبر 2025 محليًا و أرض المصنع    محافظة أسوان تعطى مهلة أخيرة لأصحاب طلبات التقنين حتى نهاية أكتوبر    بدء فعاليات المبادرة الرئاسية «تمكين» لذوى الهمم بجامعة بنها    بالصور.. صيانة شاملة للمسطحات الخضراء والأشجار والمزروعات بمحيط المتحف المصري الكبير والطرق المؤدية إليه    مصرع طالبة سقطت من الطابق الثالث في مغاغة بالمنيا    عمرو الليثي: "يجب أن نتحلى بالصبر والرضا ونثق في حكمة الله وقدرته"    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم 26 اكتوبر وأذكار الصباح    موعد والقنوات الناقلة لمباراة ريال مدريد و برشلونة في كلاسيكو الأرض بالدوري الإسباني    "هيتجنن وينزل الملعب" | شوبير يكشف تطورات حالة إمام عاشور وموقفه من تدريبات الأهلي    الهلال الأحمر المصري يدفع بأكثر من 400 شاحنة حاملة 10 آلاف طن مساعدات إنسانية إلى غرة    د. فتحي حسين يكتب: الكلمة.. مسؤولية تبني الأمم أو تهدمها    ب«79 قافلة طبية مجانية».. الشرقية تحصل على الأعلى تقييمًا بين محافظات الجمهورية    خطوط وزارة التضامن الساخنة تستقبل 149 ألف اتصال خلال شهر واحد    عدم إعادة الاختبار للغائب دون عذر.. أبرز تعليمات المدارس للطلاب مع بدء امتحانات أكتوبر    مراسم تتويج مصطفى عسل وهانيا الحمامي ببطولة أمريكا المفتوحة للاسكواش    أطعمة تعزز التركيز والذاكرة، أثناء فترة الامتحانات    موعد بدء شهر رمضان 2026 في مصر وأول أيام الصيام    مواقيت الصلوات الخمس في مطروح اليوم الأحد 26 أكتوبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الانتخابات البرلمانية والدولة المدنية الحديثة
نشر في المصري اليوم يوم 12 - 03 - 2021

قال الشاب السياسى: ألا تعتقد يا دكتور أنه آن الأوان لينتقل الحوار إلى الانتخابات البرلمانية التي ستحدث خلال أسابيع وتؤثر علينا لمدة خمس سنوات قادمة؟.
وأضافت زميلته: لقد أنهينا حوارنا الأسبوع الماضى بالرغبة في مناقشة قيم الحرية والعدالة والنزاهة، وهى احتياجات المرحلة الحالية في بناء الوطن والمواطن، ومتشوقون للحوار حول الحريات، وهى واحدة من القيم التي نرى أن جيلكم قد أهدرها!.
قلت: الحرية قيمة كبرى، وقد تكون الأولى في ترتيب القيم، وتحتاج إلى العدالة وتطبيق القانون وإلا انقلبت إلى فوضى تهدم ولا تبنى. والوسيلة التي ابتدعها الإنسان لمشاركة الشعوب في حكم نفسها هي: الديمقراطية وممارسة اختيار الشعب لممثليه.
قال الشاب السياسى: سمعناك تدعو لتحالفات حزبية، بل لاندماجات سياسية، فما الذي يجمع أي تحالف حزبى إن كانت مختلفة في أيديولوجياتها من اليمين إلى اليسار؟
قلت: الذي يجمع التحالف الحزبى الانتخابى هو الإيمان بالدولة المدنية الحديثة، التي أشار إليها الدستور بعد كارثة الحكم الدينى لمدة عام، والذى أسقطه الشعب بإرادته الحرة وتحرُّكه الفعال في 30 يونيو. وتذكروا يا شباب أن دستور مصر يبدأ بهذه العبارة:
«نحن الآن نكتب دستورًا يستكمل بناء دولة ديمقراطية حديثة، حكومتها مدنية».
«يقوم النظام السياسى على أساس التعددية السياسية والحزبية، والتداول السلمى للسلطة، والفصل بين السلطات والتوازن بينها، وتلازم المسؤولية مع السلطة، واحترام حقوق الإٍنسان وحرياته على الوجه المبين في الدستور».
هذه هي مقدمة الدستور والمادة الخامسة منه، والذى وافق عليه الشعب المصرى بأغلبية ساحقة عام 2014.
الدستور هو مرجعيتنا، والشرعية هي طريقنا، والقانون هو وسيلتنا.
قالت الشابة المثقفة: وما الدولة المدنية التي تقصدها ويقصدها الدستور؟
وقال زميلها: ولماذا نريد دولة مدنية أساسا، ولماذا نسميها هذا الاسم الذي يجعلها في مقابل الدولة الدينية أو الدولة العسكرية، وهو ما يثير الحساسيات بلا معنى؟!.
قلت: الدولة المدنية الحديثة لها حكومة تحافظ وتحمى كل أعضاء المجتمع بغض النظر عن انتماءاتهم القومية أو الدينية أو الفكرية. وهناك عدة مبادئ ينبغى توافرها في الدولة المدنية، والتى إن نقص أحدها فلا تتحقق شروط تلك الدولة، أهمها أن تقوم تلك الدولة على السلام والتسامح وقبول الآخر والمساواة في الحقوق والواجبات، بحيث إنها تضمن حقوق جميع المواطنين، ليس كهبة من الحاكم، ولكن كحق من واجبه الحفاظ عليه.. ومن أهم مبادئ الدولة المدنية ألا يخضع أي فرد فيها لانتهاك حقوقه من قبل فرد آخر أو طرف آخر. فهناك دوما سلطة عليا هي سلطة الدولة من خلال آليات ناجزة للقانون، والتى يلجأ إليها الأفراد عندما يتم انتهاك حقوقهم أو تُهدد بالانتهاك. فالدولة هي التي تطبق القانون وتمنع الأطراف من أن يطبقوا أشكال العقاب بأنفسهم.
من مبادئ الدولة المدنية الثقة في عمليات التعاقد والتبادل المختلفة، فالدولة المدنية لا يوجد بها تعسف ولا نقض للتعاقدات لصالح فئة عن فئة. وتتميز الدولة المدنية بتكافؤ الفرص بين المواطنين والمؤسسات بأسس معلنة، كذلك الإيمان وتطبيق مبدأ المواطنة والذى يعنى أن الفرد لا يعرف بمهنته أو بدينه أو إقليمه أو بماله أو بسلطته، وإنما يُعرف تعريفًا قانونيًا اجتماعيًا بأنه مواطن، أي أنه عضو في المجتمع له حقوق وعليه واجبات. وهو يتساوى فيها مع جميع المواطنين.
ومن أهم مبادئ الدولة المدنية أنها لا تتأسس بخلط الدين بالسياسة. كما أنها لا تعادى الدين أو ترفضه، بل إن الدين يظل في الدولة المدنية عاملًا في بناء الأخلاق وخلق الطاقة للعمل والإنجاز والتقدم. إن ما ترفضه الدولة المدنية هو استخدام الدين لتحقيق أهداف سياسية، فذلك يتنافى مع مبدأ التعدد الذي تقوم عليه الدولة المدنية، كما أن هذا الأمر قد يعتبر من أهم العوامل التي تحول الدين إلى موضوع خلافى وجدلى، وإلى تفسيرات قد تبعده عن عالم القداسة وتدخل به إلى عالم المصالح الدنيوية الضيقة.. كذلك تتميز الدولة المدنية بمبدأ احترام القانون والديمقراطية، والذى في جوهره يمنع أن تؤخذ الدولة غصبًا من خلال فرد أو نخبة أو عائلة أو نزعة أيديولوجية.
ويتم تداول السلطة فيها في إطار من حرية الفرد في التعبير والترشح والانتخاب، وتوضع كل مؤسساتها في نطاق المحاسبية، وتتوازن السلطات التنفيذية والرقابية والقضائية فيها، فلا تتوغل سلطة على أخرى.
أما لماذا نريد حكمًا مدنيًا بالتعريف الذي ذكرته، فذلك لأن تداول السلطة، والرقابة على مؤسسات الدولة، والتوازن بين السلطات، هو الحامى للأفراد ولحقوقهم المذكورة في الدستور. إن إمكانية تداول السلطة تضع كل حاكم أمام لحظة تركه الحكم وحساب الجماهير. نعم، هناك نظم ديكتاتورية حققت طفرات تنموية، ولكنها الاستثناء، ويوتوبية الديكتاتور العادل الذي رغم دوام حكمه لا تأخذه سَكرة السلطة ويظن أنه فوق القانون غير ثابتة.
قالت زميلتهم: إذن، أي نظام حكم يحقق هذا هو نظام حكم جيد!.
قلت: نعم.
قال آخر: وما المعاكس للدولة المدنية الحديثة؟
قلت: المعاكس للحكم المدنى هو الحكم الدينى الذي يستخدم الدين والعقيدة لتحقيق سلطات سياسية، ولا يعترف بالمواطنة إلا لمن يدين بدينه. هو حكم ديكتاتورى متسلح بالدين..
والمعاكس الثانى هو الحكم الديكتاتورى الذي يتسلح بأيديولوچية إنسانية مفروضة على الشعب، كما كان الحكم الشيوعى الذي فشل فانهار وسقط.
والمعاكس الثالث هو أي نظام حكم ديكتاتورى يتسلح بتخويف الشعب لفرض إرادة فئة منه على الحكم.
ويشترك الثلاثة في شىء واحد هو عدم تداول السلطة سلميا إلا بثورات وانقلابات وهدم واغتيالات.
قالت الشابة المثقفة: هل تتجنب الكلام عن الدولة العسكرية يا دكتور؟
قلت: لا يا ابنتى، إن تعريف الحكم العسكرى ليس من تأليفى، فهو الحكم الذي يتسلم فيه العسكريون السلطات كلها ويوقفون العمل بالقوانين المدنية أو يخضعونها لسيطرتهم. وهو نظام استثنائى تلجأ إليه الدول في حالة الأزمات الطارئة واختلال الأمن، وتقرر فيه حالة الطوارئ بصفة دائمة حتى يزول الخطر عن البلاد، وتمنح فيه السلطة التنفيذية سلطات واسعة حتى يعود الأمن والاستقرار للبلد.
ولكن يوجد تعريف آخر للحكم العسكرى الذي يتلحف بالرداء المدنى. وهو الحكم الذي يمنع المدنيين بشكل مباشر أو غير مباشر من الوصول للحكم، ويجهض العمل الحزبى والسياسى حتى لا تكون للقوى المدنية قيمة في الانتخابات، ويتداخل في الحكم المدنى من خلال التحكم في المؤسسات المدنية، فلا تسير أمور البلاد أو يُتخذ قرار إلا بموافقتهم، ويختل التوازن بين السلطات، وتُهمش كل مؤسسات الدولة.
والخطير أنه بمرور الوقت تصبح حجة البقاء في الحكم وإيقاف تداول السلطة مرتبطة بغياب البديل أو عدم كفاءته، وهو النتيجة الطبيعية لتهميش مؤسسات الدولة المدنية. وكثيرا ما يفقد المجتمع ثقته في المؤسسات المدنية، ويتولد إحساس ويقين بأن المجتمع المدنى رخو بلا نظام ولا يصلح لإدارة البلاد.
قد يحدث كل ذلك في دولة ما أو بعضه، وقد تؤدى الأحداث إليه.. ولكن التاريخ يقول إن جميع النظم الديكتاتورية مهما أنجزت في لحظات، فهى كمن يبنى قصرا من رمل على الشاطئ، تنتهى في الأغلب إلى انتهاكات للحريات أو انقلابات أو حروب أو ثورات أو اغتيالات تهدم ما تم إنجازه، وتعود بالبلاد إلى نقطة الصفر مرة أخرى.
قال الشاب الأول: وماذا عن مصر؟
قلت: إن الوسيلة الوحيدة لاستدامة نجاح نظام الحكم في مصر هي التعلم من الأخطاء بتراكم الخبرات وتداول السلطة، أما مصر الآن فتدخل مرحلة ما بعد السنوات الانتقالية، ونحن في فترة رئاسية دستورية جديدة، سيتجدد أثناءها انتخاب البرلمان، وتطبق فيها إجراءات الانتقال إلى اللامركزية ويتم أثناءها انتخاب المحليات لأول مرة بعد أكثر من عشر سنوات، فإننى بتفاؤل أرى أهمية المشاركة الإيجابية في انتخابات البرلمان ورفع سقف الحريات. وهو ما نؤيده، ونعرضه للاختبار بإعلان تحالف انتخابى في إطار الشرعية والقانون.
إن حرية الترشح، والحق في الاختيار بين البدائل، والتوازن بين السلطات، والمحاسبية هي أساس الحكم الرشيد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.