عندما يتخلى «الكبير» عن دوره سواء فى المنزل أو المجتمع بشكل عام، فإن آفات وظواهر سلبية عديدة تطفو على السطح. الدكتور يسرى عبدالمحسن، أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس، يقول: فى نطاق الأسرة لابد من وجود قيادة، ويفضل أن تكون مشتركة بين الأب والأم. إذا اتسمت هذه القيادة بالصلاح، ووحدة الرأى، والمشاركة، ينشأ الأبناء فى حالة استقرار نفسى وهدوء وثقة فى القرارات، لأن العامل التربوى إيجابى، وينتج عن ذلك سلوك اجتماعى حضارى، يتسم بالابتعاد عن الأخطاء السلوكية والانحرافات الأخلاقية. عندما يفقد الوالدان اتحادهما فى إدارة المنزل، وشؤونه وشؤون الأبناء ستظهر سلوكيات ومشاكل سببها تعارض الرأى والقرارات. «لا سفينة بلا ربان» يعلق عبدالمحسن ويضيف: حال تخلى الربان عن قيادة سفينته، فإن مسارها يتغير، وتصير متخبطة، وهو الأمر نفسه بالنسبة للأسرة، حيث يخرج الأبناء بعيداً عن النسق العام للأسرة، ويحدث انهيار نفسى لهم، وهو ما نراه فى صورة الانحرافات الخلقية، من إدمان، وبلطجة، كما أن الأمر يتطور، فيقلد الأبناء الآباء بالتخلى عن مسؤولياتهم، ويصبحون غير مبالين بأى شىء، ويتعرضون لانحطاط أخلاقى، وسلوكى، ويتحولون إلى مجرمين، فيصطدمون بالقوانين واللوائح والأعراف المجتمعية. أستاذ علم النفس نصح الوالدين بعدم التخلى عن المسؤولية الأبوية، لأنها أمانة وتكليف من الله، وفى حال غياب أحدهما يقوم الآخر بالدورين، حفاظا على الأبناء ومن ثم المجتمع. «الكبير» فى المجتمع لابد أن يكون صاحب قيادة وتوجيه، مسؤولا عن تعديل سلوكيات من حوله، بحكمته، والضوابط التى يضعها، من أجل تحسين سبل الحياة، وتقديم المصلحة العامة على مصالحه الخاصة. غياب «الكبير» فى المجتمع هو أهم أسباب التفكك، والتدهور الاجتماعى، الثقافى، الاجتماعى، التعليمى، وانتشار الجريمة والفوضى، وفى مصر نحتاج الآن إلى أن تدار الأمور بيد من حديد، فى إطار تغليب القانون، لأن الحرية لا تعنى الانفلات، وإنما الالتزام بالقوانين، وعقاب المخطئ عقابا علنيا، من أجل الحد من البلطجة والجريمة.