بعد 5 أشهر على انطلاق الثورة السورية.. مصر تطالب بوقف إطلاق النار وحوار وطني

بعد صمت رسمي طويل، تجاه الأحداث فى سوريا، وعقب سحب السعودية والكويت والبحرين سفرائها من دمشق ل«التشاور»، خرجت القاهرة الثلاثاء، بأول موقف رسمى تجاه الثورة السورية التي اندلعت في 15 مارس، وقال وزير الخارجية محمد كامل عمرو إن مصر «تتابع بقلق التدهور الخطير للأوضاع في سوريا»، مطالبا ب«وقف فوري لإطلاق النار، وتحرك عاجل لاستعادة الثقة المفقودة, وتوفير شروط إقامة حوار وطني شامل يجمع كل أطياف المجتمع السوري».
وانتقد خبراء فترة الصمت الطويلة للحكومة المصرية إزاء انتهاكات نظام بشار الأسد ضد المتظاهرين السلميين، وأرجعوا عدم اتخاذ موقف مصري إزاء تلك الانتهاكات، فضلا عن عدم مساندة الثورات العربية، إلى انغماس المجلس العسكري والحكومة في القضايا الداخلية، ورهنوا اتخاذ موقف واضح ب«انتخاب حكومة قوية».
واعتبر الخبراء أن طول صمت القاهرة تجاه القمع في سوريا والثورات العربية في ليبيا واليمن والبحرين «يضر بالأمن القومى المصري»، خاصة أن الأحداث التي تشهدها سوريا وغيرها من الدول العربية، لها ارتباط مباشر بأمن مصر. ودعوا إلى ضرورة ممارسة ضغوط شعبية مصرية على نظام الأسد، منها الاعتصام أمام السفارة السورية بالقاهرة، للتعبير عن موقف الشعب المصري المؤيد للثورات العربية.
وقال الدكتور جمال سلامة، رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة قناة السويس، إن المجلس العسكرى منشغل حاليا بالقضايا الداخلية، بينما لا تستطيع الحكومة اتخاذ مواقف حادة قد تثير الخارج.
وأضاف سلامة: «المجلس العسكري مازال يتلمس طريقه لإدارة البلاد داخليا وخارجيا، ولذلك يخشى من اتخاذ مواقف حاسمة إزاء القضايا الخارجية، خوفا من التورط فيها».
وتابع :«ليس من المنتظر أن تهتم الحكومة المصرية بشكل فعال حاليا بأي قضية خارجية، والأمر سيظل مؤجلا إلى أن تأتى حكومة قوية، تملك زمام المبادرة، وما يحدث الآن مجرد سد خانة». وتوقع سلامة ألا تظهر شخصية مصر الحقيقية من خلال حكومة قوية إلا «بعد 4 أو 5 سنوات، تكون الأمور خلالها استتبت».
ودعا سلامة القوى السياسية المصرية خاصة ائتلافات شباب الثورة للمشاركة في «ضغط شعبي متواصل ضد نظام الأسد، مثل الاعتصام أمام السفارة السورية، مما سيشكل ضغطًا كبيرًا على نظام دمشق».
وقال الدكتور محمد مجاهد الزيات، نائب رئيس المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، إن المجلس العسكرى والحكومة المصرية «منشغلان حاليا بالشأن الداخلى، مما أثر ليس على موقف مصر تجاه الثورات العربية فقط، ولكن أيضا على كل القضايا الحيوية في السياسة الخارجية المصرية».
وأضاف الزيات أن «حياد مصر حيال ما يحدث فى سوريا وكذلك فى ليبيا يضر بالأمن القومي المصري»، مشيرا إلى ضرورة أن تتخذ مصر موقفا واضحا وقويا «لأنه لا يعقل أن يسيل حمام من الدماء في سوريا ولا يخرج موقف رسمي مصري قوى لإدانة قتل الشعب السوري».
وتابع :«الموقف فى سوريا سيترك تأثيره على التوازن الإقليمى وسيمس الدور المصرى، وكان على وزارة الخارجية المصرية أن تتخذ موقفًا تؤكد فيه التواجد والحضور المصري بقوة، لأنه إذا سقط النظام السورى فمعنى ذلك أن التحالف الإيرانى السوري والذي يضم أيضا حزب الله سيتفكك، وسيظهر نظام جديد، كما أنه إذا لم يسقط النظام واستمر لفترة طويلة على هذا النحو، فإن ذلك سيحد من الدور السورى فى المنطقة، والذي كان مناصرًا للموقف المصري في عدة قضايا حيوية».
ووجه الزيات انتقادات لقوى الثورة المصرية مشيرا إلى أن «قضيتها فى البداية كانت تتركز فى الشأن الداخلى فقط، بدءًا من إسقاط النظام، ومرورًا بتطهير البلاد، وتأسيس نظام جديد وفق مبادئ الثورة، ولكنهم لم يطرحوا أي رؤية للسياسة الخارجية المصرية».
وأوضح أن ما يحدث في سوريا وليبيا والسودان واليمن «قضايا لا تحتمل الانتظار، ومهما كان انشغال مصر بالشأن الداخلي فعلينا أن نلعب دورا في هذه الملفات لأنها تتعلق بأمننا القومي ودورنا الإقليمي».