هحكي حكاية مريت بيها من فترة قريبة قوى . كنت مسافر القاهرة وركبت القطر المكيف وبالتحديد اللي بيقوم من محطة إسكندرية الساعة 7.15 صباحاً ، طلع بينا القطر وانا زى عادتى باقعد جنب الشباك واشرب الشاى من كافيتريا القطر ، واقعد أتفرج على الطبيعة اللى حواليا من الشباك أو أكتب لو حسيت ان فيه جديد نفسى أعبر عنه ، الحقيقة إن القطر بالنسبة لى بيكون من أمتع الأوقات اللي بقضيها ، باتحرك من بلد للتانيه بشوف الزرع والطبيعة حواليا ، أحاسيس مختلفة بحسها من ورا شباك القطر. المهم وصل بينا القطر لمحطة طنطا ، وركب ناس كتير معانا في القطر وكل واحد بداء يدور على كرسيه المحجوز برقم التذكره ، وانا قاعد وباتفرج على الناس اللي طلعت معانا جوا القطر لا قيت راجل جاى وبيدور على كرسيه زي باقى الناس ، وشكله كان زي ميكون دكتور في الجامعه أو قاضى او حاجة كده ليها كيان ووضع ، قميص شيك قوى وبرفان ملفت لأى ( أنف ) حتى لو كانت مسدودة ، والدقن الدوجلاس الشيك قوى وشنطة فخمة قوى قوى . المهم .. الراجل ده طلع كرسيه اللي بيدور عليه هو الكرسى اللي جنبي ، وجى وقعد جنبى وبعد شوية فتح شنطته وطلع منها كمبيوتر محمول وبدأ يشتغل عليه ، طبعاً انا قاعد وساكت خالص وحاسس إن جنبى واحد ظابط شرطة ، وبعد نص ساعة تقريباً وانا كالمعتاد عنيا على الشباك وعلى الطبيعة الجميلة اللي شايفها بتتحرك حواليا فوجئت بحاجه غريبه . الراجل اللي جنبى حط سماعات في ودنه وموصلها باللاب توب وفجأة لاقيته بيغنى بصوت عالى وهو مش واخد باله علشان السماعات في ودانه ، بيغنى اى بقى ؟؟ العنب العنب العنب .. احمر وزي اللوز .. العنب ؟؟ انا من كتر مانا كاتم الضحك جوايا جالى وجع في بطنى ، والراجل مش حاسس بنفسه خالص ومندمج بطريقة غريبه وكأنها أوبرا العنب مش مجرد أغنيه ، في النهاية بصيت للراجل لأن بجد صوته كان عالى ، وفين وفين على ما أخد باله منى وبصلى وشال السماعات من ودانه وضحك وانا ضحكت ، وقالى أسف مش واخد بالى .. الموقف ده بعد ما انا فوقت من الكوميديا بتاعته ، إفتكرت موقف كان حصل زمان ولاقيت نفسى بربط الاتنين ببعض .. زمان كان ليا واحد صاحبى فنان تشكيلي وبيرسم ، ورسوماته بتتباع بفلوس كتير ، وفى يوم وانا باتفرج على لوحه من لوحاته ، اللوحة دى كان فيها مجرد خطوط بالطول وبالعرض ووسطها دواير ومرسومة بطريقة معينه ، في اليوم ده قالى جمله مش ناسيها .. قالى انت عارف اللوحه الغاليه دى إى اللي يقلل من تمنها ؟؟ قولتله أى ؟؟ قالى هات قلم جاف بخمسين قرش وشخبط عليها شخبطة صغيره قوى في اى حته فيها .. قولتله طيب ما هو اللي فيها ده كمان شخبطة .. قالى شخبطة الفن غير شخبطة الحياة . الحاجه اللي انا اتعلمتها فلسفياً وروحياً من الموقفين دول .. إن انا كإنسان تحفة فنيه أبدعها ربنا ، صورة متتقدرش بثمن ، كيانى الإنسانى كيان فخم وليه إحترامه ، بس ياترى أفعالى وتصرفاتى بترخص الكيان ده ولا لأ .. إحنا كتير قوى بنتصرف تصرفات سواء كانت خفية أو ظاهرة متناسبش إنسانيتنا ، إحنا تمنا كبير قوى قوى يا جماعة ، احنا مش مجرد ناس جات لدنيا الوجود عن طريق الصدفة ، مش جايين ناخد دور وسط الزحمة زى اللي قابلنا وماشيين ، إحنا لينا دور وواجب وسط المجتمع ، مهما كان حجم الدور بس لينا دور . إنت ممكن يكون في كل حياتك على الأرض دورك مع شخص واحد بس ، كنت إنت سر التغيير في حياته ، ده دور إنت جيت علشانه ، وممكن تكون إنت إختارت دور لنفسك إنك تكون قتلت واحد نفسياً ومعنوياً . ياترى تصرفاتك بتقلل تمنك ، على الأقل في عين نفسك ، ولا انت عارف كويس قيمتك إى ، وعارف اى اللي ميلقيش إنك تعمله . بسهوله أكدب وبسهوله أشتم وبسهوله أخون اللي حواليا ، ليه بترخص نفسك بنفسك ، ليه بتصرف تصرفات الحيوان ، وإنت عايش جوا نعمة إسمها الإنسان إنت غالى وليك تمن .. ووجودك مكنش صدفة ولا زيادة عدد ، عبر عن قيمتك الجوهرية ، بتصرفاتك الجميلة اللي الناس تشوفها تحس إنك نور في وسط عالم مضلم . أيها الإنسان لتعلم من أنت ومن أين جئت وماذا يجب أن تفعل ، وماذا يجب أن ترفض . مينا جورج