كلما تحدث أحد أصحاب الفكر الاسلامي سواء أخوان او سلفيين او جماعة اسلامية عن الحياة السياسية في مصر بعد الثورة، قال أنهم يريدون دولة مدنية بمرجعية اسلامية في افضل الاحوال أو يريدون دولة اسلامية في أكثرها صلابة. و لعل ذلك يثير حفيظة التيارات الأخرى و التي تخشى على الحريات العامة و مبادئ المواطنة و تخاف أن تتحول الدولة من ديكتاتورية رجال الاعمال الي ديكتاتورية رجال الدين. و لكن الملاحظ أن أي تيار اسلامي حين ينادي بالدولة ذات المرجعية، لا يقول ما تصوره لهذه الدولة بشكل محدد، و انما يطلق شعارات و عبارات عامة فضفاضة. يستميل بها المتعاطفين فطريا مع الدين دون أن يوضح لهم ماذا يعني بالدولة ذات المرجعية الاسلامية. و أنا لا أتهم التيار الاسلامي بالتضليل، و لكن أعتقد أن التيار الاسلامي لا يملك بالفعل رؤية محددة أو برنامج شامل للدولة كما يريدها، و أنه انشغل أيام القمع في الدعوة الي الدولة الاسلامية و الدفاع عنها و نسى أن يرسم مقومات هذه الدولة. و أعتقد أن غياب هذا التصور هو أكثر ما يقلق التيارات الاخرى لأنهم لا يعلمون ما سيأتي به التيار الاسلامي لو وصل للحكم. و لذلك أنا اريد من التيار الاسلامي أن يجيب على تلك الأسئلة، لعلنا نفهم كيفية رؤيتهم للدولة الاسلامية، على أن يوضح في كل سؤال أليات التفعيل، و ترتيب أهمية تطبيق الموضوع محل السؤال, و مدى تقبلهم للنقاش و الاختلاف مع التيارات الأخرى في كل نقطة و اذا ما كانت اي من النقط تقبل النقاش و الاختلاف أم لا. و لنبدأ بالأسئلة السهلة نوعا ما: 1- ما تصوركم للشكل الاقتصادي للدولة. و هل سيتم تحصيل الزكاة اجباريا من المسلمين. و هل سيتم تقسيم المعاملات البنكية الي معاملات اسلامية صحيحة و أخرى ربوية يتم منعها، و في هذه الحالة من سيكون منوط به تحديد المعاملات الاسلامية من الربوية. هل سيتم العمل بالضرائب أم سيتم الغائها لأنها لم تكن قائمة في عصور الاسلام الأولى، و في حالة العمل بالضرائب كيف تصوركم للضرائب تصاعدية أم ثابتة. و أليات السوق، هل تكون حرة تماما أم تحت سيطرة الدولة أم تكون حرة و لكن تراقبها الدولة لضمان العدالة الاجتماعية. 2- ما تصوركم للحياة السياسية في مصر. هل تبقون على مجلس الشورى أم تلغوه. هل تكون القوانين المقررة في مجلس الشعب نهائية أم لابد من مراجعتها من هيئة دينية عليا لترى مدى توافقها مع الشريعة. هل ترون الدولة برلمانية أم رئاسية أم مختلطة. هل توافقون على مبدأ الحكم المتداول كل أربع سنين أو أي عدد من السنين أم ترون الأفضل نظام خلافي يحكم فيه شخص حتى مماته أو تنازله. هل توافقون على مواطن غير مسلم على رأس الدولة، و هل توافقون على امرأة. هل ترون الأفضل حكومة مركزية تملك كل السلطات في قبضتها، أم حكومة لا مركزية تتوزع فيها السلطات و الثروات على الأقاليم المختلفة. هل ترون تقرير كل المناصب بالانتخاب أم المناصب الكبيرة فقط. 3- ما رؤيتكم للعلاقات الخارجية . ما رؤيتكم لمعاهدة السلام مع اسرائيل، و كيف ترون السبيل لدعم القضية الفلسطينية. كيف ترون العلاقة بأمريكا خاصة و الغرب عامة. كيف ترون العلاقة مع ايران. كيف ترون العلاقة مع دول الخليج. هل تكون الأولوية عندكم مصلحة مصر كدولة أم الرؤية الاسلامية الخلافية تأتي في الترتيب الأول. ما موقفكم من المصريين المغتربين. كيف ترون العلاقة مع الدول التي يحكمها أنظمة ديكتاتورية يحاول شعوبها خلعهم و يردون عليهم بالقمع العسكري "مثلا سوريا". و الأن بعض الأسئلة الأصعب قليلا: 4- ما موقفكم مما يراه البعض حرية شخصية، و يعتبره الشرع محرم أو له شروط محددة "مثل الخمر، الملابس الخ" هل تتركوه لاختيار الفرد، أم تربطوه بدين الفرد "رؤيتكم تلزم المسلم و لا تلزم غير المسلم"، أم تلزمون كل المواطنين بقواعد شرعية معينة و تعتبرون هذا حكم الاغلبية. 5- ما موقفكم من حرية العقيدة و الفكر. و حرية بناء دور العبادة و ممارسة الشعائر الدينية. و ما موقفكم من المعتقدات الغير سماوية "البهائية، البوذية الخ". و ما رؤيتكم لمبدأ تغيير الدين سواء من أو الي الاسلام. 6-ما موقفكم من أمور مثل الغناء و المسرح و الفنون بصفة عامة و غيرها من امور فيها خلاف شرعي اساسا على حلها من حرمتها. هل تتبنون رأي معين و تفرضوه كأن تمنعوا الغناءو التمثيل الخ، أم تتركوا مثل تلك الامور الخلافية لاختيار كل مواطن. هذا ما لدي من أسئلة و لعل القارئ لديه أسئلة أخرى يبحث عن اجابات محددة لها. و لكل أن يزيد ما يشاء من أسئلة. أود لويجيب على تلك الأسئلة و غيرها كل صاحب فكر ذو مرجعية اسلامية سواء كان اخوان او سلفي أو جماعة. بل أود لو يجيب عنها أيضا التيارات الأخرى. لعلنا في الاجابات نرى أن مواطن التشابه أكثر من الاختلاف و أن لاد اعي للخوف. أو ربما هناك داعي بالفعل للخوف، لا أدري. و لكن بدون اجابات واضحة و محددة لمثل هذه الأسئلة لن يعرف أحد أبدا